Share Button

بقلم / محمـــــــــد الدكـــــــــرورى

يا من تخوض فى أعراض الناس ويا من أطلقت لسانك بلا لجام إعلم أن الله مطلع عليك ويراك وإعلم أن هناك ملكان يسجلان عليك كلماتك وسكناتك وحركاتك وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وقد عرفنا النبى الكريم بالغيبه عندما تحدث مع اصحابه فقال -صلى الله عليه وسلم-: “أتدرون ما الغيبة؟!”، قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: “ذكرك أخاك بما يكره”، قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقوله؟! قال: “إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته”. رواه مسلم.

وقال الحسن -رحمه الله-: “ذكر الغير ثلاثة: الغيبة والبهتان والإفك، وكل في كتاب الله، فالغيبة: أن تقول ما فيه، والبهتان: أن تقول ما ليس فيه، والإفك: أن تقول ما بلغك”.

وإن كبائرَ الذنوب هي سببُ كلِّ شقاء وشرٍّ وعذاب في الدنيا وفي الآخرة، وشرُّ الذنوب والمعاصي ما عظم ضرره، وزاد خطره. وإن من كبائر الذنوب والمعاصي الغيبةَ والنميمة، وقد حرمها الله في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنها تفسد القلوبَ، وتباعد بينها، وتزرع الشرورَ، وتورِث الفتن، وتجرُّ إلى عظيمٍ من الموبقات والمهلكات، وتوقع بصاحبها الندمَ في وقت لا ينفعه الندم، وتوسِّع شقةَ الخلاف، وتنبت الحقدَ والحسد، وتجلب العداواتِ بين البيوت والجيران والأقرباء، وتنقص الحسناتِ، وتزيد بها السيئات، وتقود إلى الهوان والمذلَّة.

وذو الغيبة ذلق اللسان، صفيق الوجه، لا يحجزه عن الاغتياب إيمانٌ، ولا تحفظه للمكارم مروءة. إذا وجد متنفسًا أشبع طبيعته النزقة الجهول وينطلق على وجهه في المجالس لا ينتهي له حديث، ولا يتوقف له كلام ويسكب من لفظه ما تشمئز منه آذان أهل الإيمان، وأفئدة أهل التقى.

ألا وإن الغيبه من أخطر آفات اللسان التى تفعل الكلمه فيها فى القلوب الأفاعيل وقد تكون

كالقذيفه المسدده للأفئده فتفسد ودا قديما أو تمحو حبا متمكنا أو تقتل ثقه متبادله أو تقطع علاقه محكمه وإنها الآفه المستشريه والمرض الفتاك الذى ما انتشر فى مجتمع إلا قامت فيه سوق الظنون السيئه ونبت فيه التحسس والتجسس وظهر فيه الحقد والحسد والتشقى وربما بلع أثرها فى إفساد المجتمع ما لم تفعله بعض الغارات والحروب ..

فالغيبة خيانة وهتك ستر وغدرٌ وإيذاءٌ للمسلمين، وهي زادُ الخبيث، وطعامُ الفاجر، ومرعَى اللئيم، وضيافةُ المنافق، وفاكهةُ المجالس المحرمة.

ويقول بعض السلف أدركنا السلف الصالح وهم لا يرون العبادة في الصوم والصلاة ولكن في الكف عن أعراض الناس.

فالله يتوعد المغتاب بالويل والله سبحانه قد زجر ونفّر عن الغيبة، وكره إلينا فعلها والوقوع فيها، بما لا يبقي للنفس لها ارتياحًا، فقال سبحانه واصفًا مشبهًا حال المغتاب لأخيه المؤمن: ﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ وهذه الآية الخاصة في تصوير مشهد الغيبة لابد من وقفة معها، يقول ابن كثير في تفسيرها: “أي كما تكرهون هذا طبعًا، فاكرهوا ذاك شرعًا؛ فإن عقوبته أشد من هذا، وهذا من التنفير عنها والتحذير منها”.

والغيبة: فيها أعظم العذاب، وأشد النّكال؛ فقد صح فيها أنها أربى الربا، وأنها لو مُزجت بماء البحر لأنتنته وغيّرت ريحه، وأن أهلها يأكلون الجِيَف في النار، وأن لهم رائحة منتنة فيها، وأنهم يعذبون في قبورهم، وبعض هذه كافية في كون الغيبة من الكبائر، فكيف إذا اجتمعت؟! وكلُّ هذا في الأحاديث الصحيحة”.

وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ﴾

وقال ابن كثير ﴿ لا تلمزوا أنفسكم ﴾: أي لا تلمزوا الناس، والهماز واللماز من الرجال مذموم ملعون كما قال الله ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ فالهمز بالفعل، واللمز بالقول.

والهمز يكون بالفعل كالغمز بالعين احتقاراً أو ازدراءً، واللمز باللسان، وتدخل فيه الغيبة.

وعن ابى برزة الأسلمي – رضى الله عنه – قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا معشر ممن ءامن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فانه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ” رواه ابو داود

وعن ابى بكرة رضى الله عنه قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال انهما ليعذبان وما يعذبان في كبير اما احدهما فيعذب في البول واما الاخر فيعذب في الغيبة ” رواه احمد

ورُوِيَ أن رجلاً قال لعبد الملك بن مروان: إني أريد أن أُسِرَّ إليكَ حديثًا، فأشار الخليفة إلى أصحابه بالانصراف، فلما أراد الرجل أن يتكلم قال الخليفة: قِفْ، لا تَمْدحني، فأنا أعلم بنفسي منك، ولا تَكْذِبْني فأنا لا أعفو عن كذوب، ولا تَغْتَبْ عندي أحدًا فلستُ أسمع إلى مغتاب. فقال الرجل: هل تأذن لي في الخروج؟! فقال الخليفة: إن شئت فاخرج…. فلعلنا نتعظ ونتعلم ؟؟؟؟

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *