Share Button

بقلم :هبة مهتدي

هو طيار عمره حاليا ٩٩ عاما و لديه خبرات ومهارات فى مجالات عدة ولكن لفت نظرى فى ما طرح عنه فى إحدى حلقات مسلسل “التاج ” The crown الشهير و هو مسلسل يتناول الحياة الملكية منذ ما يقرب من ٨٠ عاما وبالتالى يتطرق إلى العديدمن الأحداث السياسية والتاريخية التى مرت بالعالم وأثرت على بريطانيا

ما يعنينى اليوم هو حلقة محددةً خاصة بأول صعود بشرى إلى القمر بالمركبة الفضائية أبوللو عام ١٩٦٩، ربما من يقرأ هذا البوست من الشباب لم يكن قد ولد بعد حينها والكثير ممن هم أكبر سنا كانوا رضع أو أطفال صغار وقتها ولكن مؤكد جميعنا سمعنا عن هذه الرحلة وكيف توحد العالم بمختلف جنسياته و أديانه وألوانه أمام أول إنجاز من هذا القبيل ويعتبر بداية فصل جديد فى حياة البشرية

و بحسبة صغيرة نجد أن الأمير كان عمره حينها ٤٨ عاما اذ أنه من مواليد ١٩٢١

ويظهر لنا المسلسل كيف تابع الأمير فيليب هذه الرحلة على شاشات التليفزيون بكل حواسه ومشاعره حتى أنه دمعت عيناه وهو يستمع لما حدث فى تلك الرحلة، كان حرفيا مبهورا برواد الفضاء وتأثر كثيرا بكل ما سمع ورأى عنهم.

ثم يظهر لنا المسلسل كيف اعترت الأمير حالة مختلفة من التوتر و عدم السعادة فظهرت فى عدة صور منها:

أولا أنه خلال تمريناته الرياضية أجبر نفسه على تحقيق أهداف صعبة حتى أنه أصيب بتمزق عضلى نتيجة لذلك.

ثانيا تهوره أثناء قيادته للطائرة بحيث حاول التحليق على مستويات أعلى كثيرا من هو مسموح لمثل هذه الطائرات لمجرد أن يعلو فوق السحاب مما أصاب الكابتن زميله بحالة من الذعر والخوف لخطورة ما حدث.

ثالثا أنه أيضا بدأ يتململ من حضور دروس الأحاد بالكنيسة و طلب من زوجته الملكة تغيير القس المسن الذى يعظهم بآخر أكثر حداثة وأصغر سنا وبالفعل أمرت الملكة بذلك وتم تعيين قس متفتح واقرب للأمير فى العمر ولكن مع ذلك يتخلف فيليب عن الحضور للصلاة يوم الأحد ويبقى مقعده خاليا إلى جوار زوجته فى الكنيسة بينما نراه يستغل هذا الوقت فى الجرى والتريض .

ثم يأتيه القس طالبا منحه مكان يمكنه ان يعقد فيه إجتماعات من أجل التنمية الشخصية والروحية لرجال الدين الذين يمرون بحالة من عدم الرضا عن إنجازاتهم فى الحياة وفى حالة من الاحتياج لتجديد عزيمتهم وإرادتهم ، فيوافق فيليب وهو غير مقتنع بأهمية هذا مقارنة بالانجازات العلمية ولكن القس بعدها عاد وطلب منه الالتقاء بهؤلاء الرجال فوافقه على مضض و بالفعل ذهب واستمع الى شكواهم ثم تحدث بشىء من الاستعلاء وبادر بمهاجمتهم وأخبرهم أن النجاح فى الحياة لا يكون بالمناقشات الفلسفية

داخل الجدران ولكن بالعمل ثم ضرب لهم مثلا ما فعله رواد الفضاء من الصعود الى القمر ثم تركهم ومضى.

ظل فيليب على هذا الحال حتى أخبرته زوجته أن رواد الفضاء هؤلاء الأبطال الثلاثة “أرمسترونج ،ألدرين كولينز “سوف يأتون إلى قصر باكينغهام كجزء من زيارتهم لإنجلترا ففرح وتهلل وطلب منها إعطائه وقت خاص به للتحدث معهم وتمً إعطائه ما طلب وهنا نرى كيف كان يمضى وقتا طويلا يفكر فى الأسئلة التى يود توجيهها لهم ويكتبها بعناية ثم يذهب لمقابلتهم وهو فى قمة السعادة والترقب و بعد الترحيب بهم بحرارة يخبرهم بحقيقة شعوره وكيف أنهم يمثلون له الحلم والاسطورة و الصورة التى تمناها ويشرح لهم كيف أنه طيار ولكن وضعه كزوج الملكة حرمه من تحقيق بعض الاهداف التى رسمها لنفسه كإنسان و فى تلك اللحظة نفهم سبب مايمر به من توتر وكيف أنه يعانى أزمة منتصف العمر !

– ثم يبدأ فى توجيه أسئلته العميقة الفلسفية للرواد الثلاثة فلا يجد سوى إجابات سطحية تدور كلها حول التزامهم ببروتوكول العمل المطلوب منهم دون أى انعكاسات فلسفية ورؤى عميقة من قبلهم كما تخيل هو ،وهنا يبدو عليه خيبة الأمل و حين يسألًوه إن كان يود أن يسألهم فى شىء آخر يشكرهم ويقرر الاحتفاظ بباقى الاسئلة لنفسه ثم يستأذنه الشباب فى أن يسألوه فيوافق ويبدأ الشباب فى طرح أسئلة للأسف شديدةً التفاهة مثلا عن عددالغرف والعمال فى كل قصر ومساحات القصور وحياته كأمير وهنا يكتمل شعوره بخيبة الامل من هذا اللقاء و يذهب لزوجته معربا لها عن هذا الشعور ويتفقان على أن هؤلاء مجرد شباب صغار أدوا مهمتهم بنجاح ولكن ليس لديهم عمق ثقافى أو بعد ورؤى أعمق من مجرد الالتزام بالتعاليم و أداءالمهمة

– [ ] و ينتهى المسلسل بذهاب الأمير فيليب للقساوسة الذين هاجمهم من قبل ويشرح لهم كيف يمر الانسان بلحظات يحاول تقييم ما مر به فى حياته وما انجزه و كيف أن حياته تحولت لحالة من عدم الرضا مؤخرا عما أنجز فى حياته ثم يخبرهم بأن السبب قد يكون هو ضعف إيمانه وهذا ما أدى إلى شعوره بالوحدة والخواء وخيبة الأمل ويطلب منهم بتواضع شديد جدا (المساعدة)

– [ ] و تكون تلك بداية جديدة فى حياة الامير فليب و صداقة مع القس روبين امتدت إلى نصف قرن قاما خلالها بالعديد من الانجازات وأصبح ذلك المقر الذى منحه اياه مركزا هاما للفلسفة والبحث عن العقيدة والايمان

– [ ] ما خلصت إليه من مشاهدتى لتلك الحلقة هو يقينى من أهمية تحقيق المرء لذاته وبنفسه، وهذه اللذة والسعادة لا يعوضها مال ولاجاه

– [ ] ربما ذلك هو سبب تعاسة شبابنا فى العديد من أوطاننا، إذ تضطرهم الظروف الاقتصادية و المجتمعية إلى البقاء عالة على أسرهم سنوات عديدة وقد يتزوجون وينجبون وهم على هذا الحال ، أو قد يتم اجبارهم فى حالات أخرى على تحقيق أحلام والديهم بدلا من تحقيق أحلامهم هم.

– [ ] المعنى الاسمى الذى حملته تلك الحلقة كان هو أهمية الإيمان فى حياة المرء فبالطبع وجود الايمان هو عامل هام جدا فى الابقاء على حالة التوازن النفسى والقناعة والرضا وفى غياب الإيمان والعقيدة يتعاظم القلق والتوتر و الخواء النفسى مهما أوتينا من علم وتقدم وتكنولوچيا

– [ ] وأخيرا تأكد لدى أن حسن إختيار ما أشاهد من دراما هادفة هو إثراء لثقافتى و دعوة إلى التفكر والتأمل

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *