Share Button
الدكروري يكتب عن أحد أكابر حفاظ الحديث
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر الكثير والكثير عن الإمام إبن عساكر وهو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي، وقيل أنه قد ترجم له الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء ترجمة طويلة حافلة بالمناقب والفضائل، وأما عقيدته فقد كان ينسب إلى الأشاعرة، وكان بينه وبين المقدسيين الحنابلة خلاف، ونسأل الله أن يرحم علماء المسلمين ويغفر لهم ما أخطأوا فيه، ويجزيهم خير الجزاء على ما قدموه للإسلام والمسلمين، وذكر بعض المؤرخين بأن عدة الشيوخ الذين سمع منهم ألف وثلاثمائة شيخ، وثمانون امرأة، واعتنى أبو القاسم بعلم بالحديث، وساد أهل زمانه في الحديث ورجاله وبلغ في ذلك الذروة العليا، ولم يخرج عن إطار الحديث، والفقه، والتاريخ، والأخبار، والأدب، وهي الموضوعات التي خاض عبابها.
وما كان اعتماده على النقل فقط، بل كان يستعمل العقل أيضا، يدل على ذلك مذهبه في المصنفات التي خلفها، فهو معني بحل المشاكل، يناقش ويجادل بعيدا عن التعصب لمذهبه الشافعي، وكان إلى الاجتهاد أقرب منه إلى التقليد والجمود والوقوف عند أقوال من كان قبله، ولا غرو فالتاريخ يوسع العقل، ويورث صاحبه نوراً لا يستضيء بمثله عقل من لم يرزق حظا من النظر فيه، ومن أقوال العلماء فيه، أنه قال السمعاني عنه أنه كان كثير العلم غزير الفضل، حافظا، متقنا، ديِّنا، خيِّرا، حسن السمت، جمع بين المتون والأسانيد، متثبتا، محتاطا، وقال ابن خلكان كان محدث الشام في وقته، ومن أعيان فقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث فاشتهر به، وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره.
وقال عنه ابن كثير هو أحد أكابر حفاظ الحديث، وممن عُني به سماعا، وجمعا، وتصنيفا، واطلاعا، وحفظا لأسانيده ومتونه، وإتقانا لأساليبه وفنونه، صنف تاريخ الشام في ثمانين مجلدة، فهي باقية بعده مخلدة، وقد ندر من تقدمه من المؤرخين، وأتعب من يأتي بعده من المتأخرين، فحاز فيه قصب السبق، ومن نظر فيه وتأمله رأى ما وصفه فيه وأصله، وحكم بأنه فريد دهره في التواريخ، وأنه الذروة العليا من الشماريخ، وقد تتسع حلقة دمشق في منهج ابن عساكر لتشمل الشام أحيانا فيترجم لمن كان في صيدا أو حلب أو بعلبك أو الرقة أو الرملة، وكما اتسعت لديه دائرة نطاق المكان اتسعت دائرة الزمان، فامتدت من زمن أقدم الأنبياء والمرسلين إلى عصر المصنف، وقيل عنه أنه كان مواظبا على صلاة الجماعة.
وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، يحيي ليلة النصف والعيدين بالصلاة والتسبيح ويحاسب نفسه على لحظة تذهب في غير طاعة، ويقول ابن عساكر قال لي والدي لما حملت بي أمي رأت في منامها قائلا يقول تلدين غلاما يكون له شأن، وحدثني أن أباه رأى رؤيا معناه يولد لك ولد يحيي الله به السنة، ولما عزم على الرحلة، قال له أبو الحسن بن قبيس أرجو أن يحيي الله بك هذا الشأن، ويقول حدثني أبي قال كنت يوما أقرأ على أبي الفتح المختار بن عبد الحميد وهو يتحدث مع الجماعة ، فقال قدم علينا أبو علي بن الوزير، فقلنا ما رأينا مثله، ثم قدم علينا أبو سعد السمعاني، فقلنا ما رأينا مثله، حتى قدم علينا هذا ويقصد ابن عساكر، فلم نري مثله.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *