Share Button
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت المصادر التاريخية أن الصحابي الجليل الزبير بن العوام قد نال الوسام النبوي الشريف في غزوة الخندق وهو وساما خالدا باقيا على مر السنين، وهو عندما قال صلى الله عليه وسلم “لكل نبي حواري، وحواري الزبير” لقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم، الزبير بالحواري، وهو وصف عميق الدلالة واسع المفاهيم، والدارس لهذه المعاني يدرك أبعاد كلمة الحواري، ويتبين معالمها ويعرف أسرارها وأغوارها، وأكثر من يحتاج إلى العناية بهذه المفاهيم هم العلماء والدعاة والمربون، لأن الدعوة الإسلامية تحتاج إلى إعداد الحواريين ليقدموا نماذج حية في الأسوة والقدوة، لأن القدوة العملية أقوى وأشد تأثيرا في نشر المبادئ والأفكار، لأنها تجسيد وتطبيق عملي لها، يسهل مشاهدتها والتأثر والاقتداء بها.
ولأن الحواريين يأخذون بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقتدون بأمره، كما جاء في الحديث ” ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره” ومن سنن الدعوات أن مسيرتها تمر بالفتن والمحن، وتبتلى من أصدقائها وأعدائها، وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم، على إرشاد المسلمين إلى هذه المتغيرات والحوادث فقال ” ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون ” فما مهمة الحواري؟ القدوة الحسنة، والإيمان التطبيقي، والإخلاص، والفداء التي هي أبرز صفات الحواريين، فيكون مثال حقيقي لورثة الأنبياء، فيسعى لنشر الحق والخير، وهداية الأمة والنهوض بها من كبوتها، ويضحي في سبيل الله بكل غالى ونفيس ليجدد للإسلام شبابه ونضارته.
في الوقت الذي يكون ساقطو الهمة لا همّ لهم إلا مصلحتهم الشخصية، والزبير بن العوام رضي الله عنه نموذج فذ في تجسيد هذه المعاني، فقد تربى في أحضان الدعوة على يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتلقى الجرعات المطلوبة لتحمل أعبائها منذ شبابه الباكر، وموقف الزبير في غزوة الأحزاب يصور لنا شخصيته ونشأته على الجرأة والنصرة، ومحبته للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أثبتت الأيام أنه كان رضي الله عنه رجل المهمات الصعبة، فقد اتصف بالجرأة والإقدام، فكلف بمهمة كشف أسرار العدو، وما حدث مع الزبير يشير إلى مشروعية تقسيم الأعمال، وتصنيف الدعاة كل حسب إخلاصه وفدائيته وتضحيته ومواهبه وطاقته، وقد شارك الزبير في كل غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم.
وكان له مواقف مشرفة، وكان في عهد الراشدين من أعمدة الدولة في فتوحاتها الكبيرة رضي الله عنه، ويقول ابن كثير أن الزبير قد خرج مع الناس إلى الشام مجاهدا، فشهد اليرموك، فتشرّفوا بحضوره، وكانت له بها اليد البيضاء والهمة العلياء، فقد اخترق جيوش الروم وصفوفهم مرتين، من أولهم إلى آخرهم، ولما قصد عمرو بن العاص مصر لفتحها كان معه قوات لم تكن كافية لفتحها، فكتب إلى عمر بن الخطاب يستمده ويطلب المدد من الرجال، فأشفق عمر بن الخطاب من قلة عدد قوات عمرو، فأرسل الزبير بن العوام مع اثني عشر ألفا، وقيل أرسل عمر بن الخطاب أربعة آلاف رجل، عليهم من الصحابة الكبار الزبير، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد، وقال آخرون، خارجة بن حذافة هو الرابع، وكتب إليه إني أمددتك بأربعة آلاف، على كل ألف منهم رجل مقام ألف، وكان الزبير على رأس هؤلاء الرجال.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *