Share Button

الدكروري يكتب عن الإمام أحمد بن سعيد القرطبي

بقلم / محمـــد الدكـــروري 

 

ذكرت المصادر الكثير والكثير عن الإمام إبن حزم الأندلسي هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الأندلسي القرطبي، وقيل أنه وكان لوالدة أحمد بن سعيد مجلس يحضره العلماء والشعراء، أمثال أبى عمر بن حبرون، وخلف بن رضا ، وكان له باع طويل في الشعر ومشاركة قوية في البلاغة والأدب حتى إنه ليتعجب ممن يلحن في مخاطبة أو يجيء بلفظة قلقة في مكاتبة، وقد كان لهذا أثره على ولده ابن حزم في تمكنه من اللغة والشعر واهتمامه بهما حتى أن بلاغته كان لها من التأثير أنها تأخذ بمجامع القلوب وتنفذ إلى أعماق النفوس في أسلوب سهل ممتنع رقيق يخلو من الاستطرادات ويتسم بطول النفس وجمال النكتة وخفة الروح.

 

كما كان أحمد بن سعيد من المشاركين في حركة الإفتاء بالأندلس من خلال مجالسه العلمية والمناظرات التي كانت تدور في قصره، حتى قال عنه ابن العماد كان مفتيا لغويا متبحرا في علم اللسان، وهذه العبارة توضح الأثر الذي تركه أحمد بن سعيد على ولده ابن حزم الذي اعتمد في فتواه وتفسيره لنصوص القرآن والسنة على ظاهر اللغة ومن ثم يكون والده أحد الأسباب التي دفعته إلى المنهج الظاهري في الفتيا والتفسير، بالرغم من أنه كان مالكي المذهب، وقد طلب ابن حزم العلم مبكرا وساعده على الأخذ عن الكبار، وساعده جده في تحصيل العلم على الأخذ عن العديد من أهل عصره، وهاهم مشاهير شيوخه، وما أخذه ابن حزم عنهم بالأخص، والملاحظ أن ثقافة ابن حزم الفقهية والحديثية والكلامية. 

 

بدأت في سن مبكر أي قبل أن يغادر قرطبة، وفي هذا تكذيب للرواية التي يأتي بها العديد من الكتاب والمؤلفين، والتي مفادها أنه لم يتجه إلى التحصيل إلا في سن السادسة والعشرين، وظل أحمد بن سعيد وزيرا بعد الخليفة المنصور،لابنه الخليفة المظفر وأخيه عبد الرحمن شنجول، إلى أن أعفي من منصبه في عهد الخليفة محمد المهدي، وترك منية المغيرة، وهو حى كبار موظفى البلاط، وعاد إلي سكنه القديم في بلاط مغيث بعيدا عن صخب السياسة، وبعد اغتيال المهدي في شهر ذي الحجة سنة ربعمائة من الهجرة، ومبايعة هشام المؤيد ثانية بعد الزعم بموته، اصطدم أحمد بن سعيد بالقائد الصقلبى وهو واضح محسوب الخلافة الذي لاحقه وسجنه وصادر أمواله، وظلت الفتن والنكبات تتوالى على بنى حزم. 

 

حتى وفاة أحمد بن سعيد في شهر ذي القعدة سنة ربعمائة واثنين من الهجرة، الموافق ألف وإثني عشر ميلادي، وقد كان لهذه النكبات أثرها السيئ على ابن حزم إذ أنها زادت من حزنه، وكانت أحد أسباب حدته التي تظهر جلية في مصنفاته، وأما عن والدة ابن حزم، فقد صمتت عنها المصادر بأسرها، بل إن ابن حزم نفسه لم يطالع على أدنى إشارة تجاهها في أي من كتبه التي صنفها وكتبها، ومن ثم فالخلاف بين الباحثين حول أصلها لم يحسم بعد ولعل الحديث عن العلاقة بين بعض أقارب ابن حزم وأثرها على نفسيته وفكره ترتبط بهذا المقام ونخص بالذكر أبى المغيرة عبد الوهاب وهو ابن عمه الذي كان يتبادل مع ابن حزم رسائل المودة في حداثة سنهما. 

 

ثم جرت بينهما جفوة سببها كتاب وصل أبا المغيرة عن ابن حزم، وصفه الأول بأنه مبني على الظلم والبهتان والمكابرة فكان لهذا أثره على ابن حزم في اعتزازه بنفسه وشدة حدته إذ وجد أن أحد أقربائه الذي كان يتودد إليه في الصغر، انقلب عليه هو الآخر، وانضم إلى خصومه ومعارضيه، ومن ثم فقد كل نصير يمكن أن يعتمد عليه سوى ذاته الانفرادية التي اعتز بها.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *