Share Button
بقلم/سليم النجار
وعلى سبيل الذكرى، وفي بداية شبابي السياسي الوطني كطالب فلسطيني يدرس في ثانوية الفحاحيل- الكويت، إلتقيت مدرس التربية الدينية الكويتي وما زلت أذكر أنه من عائلة الدبوس، فطلبت منه موعدا لأوضح له حقيقة الثورة الفلسطينية وحماقة الإخوان المسلمين ومن خلفهم حزب التحرير في التعامل مع القضية الفلسطينية وذلك دفعاً للتشويه الذي لحق بها في ذلك الوقت.
حدد لي موعداً بسرعة، فالتقيته في ديوانيته، وهي مكان يتجمع بها أحباب وأصدقاء صاحب الديوانية، وهي عادة إجتماعية كويتية، وطال الحديث بيننا، ووصل الى الدين والتدين والقضية الفلسطينية، فقال مدّرس الدين عن عدم حماسه للتظاهر بأننا نحن في الشرق عموما متدينون نؤمن بالقضاء والقدر وان الله هو الفاعل لكل شيء، من المطر الى الصحو ومن خصب الموسم الزراعي الى المحل ومن ارتفاع اسعار المواد التموينية الى انخفاضها، فلماذا ندّعي أننا نخاف من إرادة الله بالتظاهر؟ عقبت على سؤاله لأننا نقرأ ونستمع لمثقفي” الإسلام” وعلى وجه التحديد الإخوان المسلمين الذين يرددون كالببغاء بأن الإسلام هو الحل، واردفت قائلاً بهذه المقولة المنتشرة كالنار في الهشيم، تم تخدير الشعوب بعد أن سرقوا عقولهم بتوظيف الدين لإقناع الفقراء بأنهم سيدخلون الجنة قبل الأغنياء! هنا عقّب مدّرس الدين، بأن العقل سمي عقلاً لأنه يعقل، أي يبيح الحركة المدروسة غير الضارة ويمنع الجنوح والتطرف، هنا تدخلت بعنفوان الشباب وتساءلت هل من العقل ان يتسيد أصحاب اللحى صدارة الإرشاد والنصح لا لشيء إلا لكونهم من الإخوان المسلمين؟ فابتسم مدرس الدين قائلاً مشكلة الإخوان المسلمين أنهم ادخلوا النص المقدس في زواريب الأيديولوجيا حرصاً على الدين كما يدّعون. وعجتبني كلمات مدرس الدين فقلت له هذا يعني أن الأخوان المسلمين سيسوا الدين، واعطوا لأنفسهم الحق في ممارسة التفكير والتفسير ضمن منظورهم الخاص بهم، وقاموا بإلهاء الناس بتوافه الأمور، ومارسوا ابشع الأدوار في تغييب العقل، مستشهداً بمأثور من ادبياتهم كالقول “أعقل وتوكل” والمقصود منها عندهم “اقعد وتوكل”.
ولو حاولنا إشغال العقل قليلا لعرفنا ان قراءة النص بهذه الصورة وبصيغة “اقعد وتوكل” يعني أن لا تسعى الى رزقك لأن الله يرزقك، وهو يرزق ولكن بشرط السعي، ولذا فالصحيح “أعقل وتوكل”.
اصغى مدرس الدين والتفت الى ساعته وقال: لقد استقبلتك قبل الموعد بعشر دقائق لياقة لأنك وصلت، وسأودعك مضطراً بعد ربع ساعة من نهاية الموعد، لأن روّاد الديوانية بدأوا بالتوافد وهذه المواضيع لا تعنيهم٠
ذهبت الى حال سبيلي، وأنا اتساءل بمرارة هل حوّلت حركة الإخوان المسلمين الدين بتصرفاتها الى ما يشبه النهائيات الإيديولوجية والعقدية المقفلة في وجه البحث والنظر، والى ضواغط وعوائق وعقد مستعصية وأعطال دائمة؟ مما يجعل التخلف على اساس التحيز لحركتهم سائغاً وجميلاً وعادلاً ويجعل التقدم والتطور على اساس مدني قائم على العدل والمساواة والحرية والشراكة، قبحاً وجوراً وكفراً !!
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *