Share Button

 (بقلم : د/ محمد محمود صيام)

نحن أكثر شعب في العالم يكرر “اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية” ولكننا في الحقيقة والواقع نفسد كل القضايا بالصراع والتجني واستعمال كافة السبل غير السوية – ومستحيل أن نتقبل حكم الأغلبية والإجماع من أجل المصلحة العامة أو الاحتفاظ بحبل الود مع الآخرين
اقتباس من قصيدة الشاعر / أنيس شوشان
فقبول الاختلاف عندنا ليس إلا غلاف
اختلافٌ اختلافٌ اختلاف
اختلاف اللون يؤذينا
اختلاف الشكل يؤذينا
اختلاف الفكر يؤذينا
اختلاف الدين يؤذينا
حتى اختلاف الجنس يؤذينا
لذا نحاول اغتيال كل اختلاف فينا
•الرأي والاعتقاد
الرأي كما في اللغة هو الاعتقاد أي ما اعتقده الإنسان وارتآه. تقول رأيي كذا، أي اعتقادي.
والاعتقاد والعقيدة: ما عقد عليه القلب والضمير، وما تديّن به الإنسان واعتقده.
وبذلك فالرأي من شؤون قلب الإنسان، وهو من أخص خواصه الذاتية الشخصية، فلا يحق لأي أحد أن يتدخل في هذا الشأن ، كما أن التدخل في هذه المنطقة المحرمة لا يجدي ولا يؤثر، فإذا ما حاولت أي قوة أن تفرض على إنسان رأياً أو تمنعه من رأي، فإنها لن تستطيع إلا إخضاعه ظاهراً، أما قراره الداخلي، وإيمانه القلبي، فيستعصي على الفرض والإكراه ،لذلك فإن الله سبحانه وتعالى ينفي إمكانية الإكراه على الدين وينهى عنه
وإذا كان للرأي هذه الخصوصية في نفس الإنسان، والموقعية في شخصيته، فكيف يحق لك أن تتدخل في هذه الخصوصية، وأن تعادي إنساناً أو تسيء إليه لأنه يمارس شأنه الخاص به في أعماق نفسه
إننا نعترف للآخرين بخصوصيتهم في سائر المجالات، كالأكل والشرب مثلاً، فلو رأيت إنساناً يعادي شخصاً لأنه لا يرغب في نوع معين من الطعام، أو يعزف عن لون آخر، لاستنكرت عليه ذلك، على اعتبار أن هذه الرغبات شأن خاص لا علاقة للآخرين بها، والحال أن الرأي أكثر خصوصية، وأشد التصاقاً بنفس الإنسان.
•رأيك يمكن ان يحتمل الصواب او الخطأ
يبالغ بعض الناس في التعصب لآرائهم، ويفرطون في الثقة بها، بحيث لا يفسحون أي مجال ولا يعطون أي فرصة للرأي الآخر، فهم على الحق المطلق دائماً، وغيرهم على الباطل في كل شيء.
وينتج عن هذه الحالة -غالباً- موقف التطرف والحديّة تجاه المخالفين، وحتى في الاختلاف عند بعض القضايا الجزئية، والأمور البسيطة الجانبية.
والتعصب المطلق للرأي، والحدية تجاه آراء الآخرين، يمنع الإنسان من الانفتاح على الرأي الآخر، واستماعه والاطلاع عليه، وربما كان هو الرأي الصحيح والصائب. ثم أن ذلك قد يجعل الإنسان في موقف حرج مستقبلاً إذ قد يتبين له خطأ رأيه، فكم من إنسان تراجع عن رأيه، وتغيرت قناعاته، وتلك حالة طبيعية قد تحصل للإنسان تجاه مختلف المسائل والقضايا.
إن الاعتدال والوسطية هو المنهج السليم، فلا يكون الإنسان متطرفاً ولا متشنجاً حاداً في مواقفه مع الآخرين
•تفّهم آراء ووجهات نظر الآخرين
حينما تعتقد أحقية رأي معين وتجد آخرين يخالفون هذا الرأي الحق في نظرك فإن عليك قبل أن تتهمهم بالعناد والجحود وأن تتخذ منهم موقفاً عدائياً، عليك أن تتفهم ظروفهم وخلفية مواقفهم.
لذا المطلوب منك هو دراسة موقف الطرف الآخر، ومعرفة وجهة نظره، والدخول في حوار موضوعي معه، ومساعدته على الوصول إلى الحقيقة.
ونشير هنا إلى ملاحظة دقيقة هي: أن الإنسان قد يؤمن برأي من الآراء، ويعتبره حقيقة واضحة، تصل إلى مستوى المسلمات والبديهيات، لأنه قد أشبع الأمر بحثاً ، وعاش ضمن محيط قائم على أساس ذلك الرأي فالمسألة أمامه واضحة لا نقاش فيها، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للآخرين.
إن وضوح الفكرة لدينا لا يعني أن الآخرين ينظرون إليها بنفس الوضوح، فربما كنا نتطلع إليها من خلال الجوانب المضيئة عندنا، بينما يكون عنصر الضوء غير متوفر في الجوانب الأخرى التي يعيش فيها الآخرون، لأنهم لا يملكون ما يهيئ لهم ذلك، وقد يبدو هذا طبيعياً عندما نلاحظ اختلاف وجهات النظر في فهم بعض الأشياء العادية في الحياة، كنتيجة طبيعية لاختلاف العادات والظروف والأفكار.
•العداوة تعكس امكانية التأثيرعلى الغير
إذا كنت مخلصاً لأفكارك، ومتحمساً لنشرها، واستقطاب الآخرين باتجاهها، فإن الطريق لذلك هو الانفتاح على الآخرين، وخلق جو من الاحترام والودّ معهم.
فوجود علاقة لك بهم وتواصل بينك وبينهم يتيح لك الفرصة لعرض أفكارك وآرائك عليهم، أما القطيعة والعداء، فإنها تسلب منك هذه الإمكانية، وتفقدك الرغبة والاندفاع في تكرار محاولة التأثير عليهم.
من ناحية ثانية فإن حالة العداء وما تفرزه من سلوكيات منفرة تحول بين الطرف الآخر وبين الإقبال والاستجابة.
فالعاقل الواعي الذي يريد خدمة أفكاره، وأن تشق طريقها إلى قلوب الناس، هو الذي يمتلك سعة الصدر ورحابة الأفق، ولا ينفعل تجاه الرأي المخالف، حتى ولو تعامل معه الآخرون بشكل سيئ، فإنه يمارس أعلى درجات ضبط النفس، والتحكم في الأعصاب، بحيث يقابلهم باللطف والإحسان، فيمتص التشنجات، ويستوعب الاستفزازات.
وبهذه المنهجية الأخلاقية يدفعهم لإعادة النظر في موقفهم تجاهه، ويشجعهم على الانفتاح على أفكاره، مما قد يغيّر قناعاتهم، ويستقطبهم إلى جانبه وإلى صف رأيه.
فالمنهجية الحسنة القائمة على أساس اللطف والاحترام والود مع الآخرين، تختلف في نتائجها عن المنهجية السيئة المعتمدة على الشدة والقطيعة والعداء، فالأولى تفتح الطريق أمام التأثير والكسب، بينما الثانية تسبب النفور وتزيد هوّة التباعد لكن المنهجية الحسنة لا تتوفر إلاّ لمن يروّض نفسه على الصبر تجاه الإساءات والاستفزازات، ويمتلك نصيباً عظيماً من الأخلاق الفاضلة.
ومماسبق يتضح ان :
حكمة الله فى خلقه الاختلاف ليس للخلاف لكن الاختلاف للتميز والتكامل كما تختلف اصابع اليد الواحدة فيتميز كل اصبع عن الاخر ليكمل بعضهم البعض
اختلفوا مع بعضكم بالحوار الهادف لتتميزوا ويتم التكامل فيما بينكم

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *