Share Button

دكتوراة بآداب المنصورة عن التجربة الصوفية

بقلم : د. إبراهيم ياسين

تعودتُ ألا أنساق إلى معارك تحمل الكثير من شحنات الحقد والضغينة، ولكني مضطر للرد على ما جاء من إساءة إلى شخصي إساءات كبيرة، هو خروج على كل قواعد النشر ويمثل إهانة شخصية وحط من القيمة العلمية والأدبية لأستاذ كببر مشهود له في الأوساط العلمية المحترمة، وهو عمل يجرّمه القانون؛ لأنه بمثابة سب وقذف، ولأنه كذلك صادر عن أناس يجيدون اللغط المنفر حول ما لا يعلمون. وليس من سبب يدفعهم إلى هذا إلا الحقد والاعتقاد الفاسد بأنهم ذوو مكانة علمية وهم أبعد الناس عن العمق الفلسفي والتصوف بوجه عام بينما يعتقدون أنهم من كبار المفكرين زوراً وبهتاناً لمجرد أنّ لهم مكاناً ينشرون من خلاله البغضاء والكراهية.

بدايةً أرجو ألا أثقل على القارئ الكريم، غير أن هناك معلومات مهمة أود إبرازها؛ فإنّ كاتب هذه السطور هو أستاذ للفلسفة الإسلامية والتصوف، ومؤسس لقسم الفلسفة بآداب المنصورة، وصاحب مدرسة في التصوف الفلسفي بشهادة الثقات من علماء الغرب. كان أستاذاً زائراً بجامعة بنجهامتن بنيويورك بالولايات المتحدة، وزامل المستشرق الفذ “بارفز موروج”، وتم اختياره رئيساً لفرع الجمعية الفلسفية الأمريكية المعروفة اختصاراً (E.S.P) في الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد عقدنا العديد من المؤتمرات في نيويورك، وإحداها تمّ في القاهرة في فندق ماريوت، وكل هذا مسجل في  سيرتي الذاتية؛ كذلك اقترحت جامعة الأنبار الإسلامية تسجيل دراسة حول أعمالي ومؤلفاتي، كما تخرّج على يديّ عشرات الباحثين الذين حصلوا على الماجستير والدكتوراة تحت إشرافي في مصر والعالم العربي كليبيا والكويت والعراق.

وعليه؛ فالذين ينكرون علىّ (وهم في الغالب من العامة باحثين كانوا أو ذوي دعاوى ثقافية وليسوا بمختصين) أن أكون جزءً من دراسة علمية تحت إشرافي، عليهم أن يفهموا بادئ ذي بدء أن كل ما تم اتخاذه من إجراءات للوصول بهذه الرسالة إلى المناقشة، وهى رسالة دكتوراة وعنوانها (التجربة الصوفية بين وولتر ستيس وإبراهيم ياسين) للباحث سامح مأمون البلتاجي، وبإشراف إبراهيم ياسين، كان وفقاً للقانون، وليس فيه أدنى مخالفة لعدم وجود نص في القانون يمنع ذلك؛ فإذا قلنا إن العرف يستهجن ذلك، أقول : أنا جزءٌ من العمل العلمي، وأنا أعرف الناس بموضوع الدراسة، ومن حقي مُراقبة العمل العلمي سواء كان عني أو عن غيري بدقة؛ لضرورة المقارنة بين فيلسوف غربي وهو الدكتور ستيس، وأستاذ مصري قام بدراسته والترجمة لأحد أهم مؤلفاته في مجال التصوف، وهو تعاليم الصوفيّة، ومع ذلك فإنّ “وولتر ستيس” أساء فهم التصوف الإسلامي؛ لأنه لم يطلع على مؤلفات المشرقيين أو المغربيين الذين كتبوا عن التصوف في الإسلام، واكتفى في دراساته بمدخل إيراني من أمثال العطار وجلال الدين الرومي، وليس له سوى مؤلفين اثنين في مجال التصوف بينما لكاتب هذه السطور عشرات المؤلفات؛ بالإضافة إلى أنني أسست علماً مستقلاً هو التصوف الفلسفي وأصدرت حوله العديد من المؤلفات التي استقرت وأصبحت موضعاً لدراسات عدد غير قليل من الباحثين في المغرب العربي.

وهنا تكمن أهمية  الدراسة، فهي ليست عملاً شخصياً على الإطلاق، ولكنها عمل علمي بامتياز : قراءة للتجربة الصوفية ليس إلا، وسدّ للنقص الذي أحدثه سوء الفهم ـ من جانب البحث الغربي ـ من جرّاء الخلط بين أنواع التصوف في الثقافات المختلفة.

ومن المعلوم لنا جميعاً أن خطة البحث تعرض أولاً على مجلس القسم، فإنّ وافق ترفع إلى لجنة الدراسات العليا، فإذا وافقت ترفع إلى مجلس الكلية، فاذا وافق ترفع إلى مجلس الدراسات العليا بالجامعة، ومن ثم تدخل إلى مجلس الجامعة، وقبل كل هذه الإجراءات لابدّ من موافقة المكتبة المركزية على العنوان، وإلا لا يتم السير في  الإجراءات، ويرفض الموضوع أحياناً فيما لو يتم موافقة المكتبة المركزية عليه.

وقد حصل الموضوع على كل هذه الموافقات بدءً من القسم وانتهاء بالجامعة، سواء عند التسجيل أو عند المناقشة، وبالطبع كان من الممكن أن يرفض في أي مرحلة من هذه المراحل، وهو ما لم يحدث. ومن هنا أتم الباحث بحثه خلال ثلاث سنوات تحت إشراف صارم ومراقبة علمية، وتم اختيار لجنة مناقشة من جامعتين مختلفتين، جامعة أسوان وجامعة الأزهر، وأستاذين كبيرين في التخصص هما أ.د مجدي إبراهيم أستاذ التصوف بجامعة أسوان. وأ. د عبد الغني الغريب من جامعة الأزهر؛ بمعنى أن الممتحنين كانوا من خارج الجامعة توخيّاً للحياد العلمي.
وأضيف : أنني لم أكن أسعي لمجد شخصي على الإطلاق كما توهم البعض؛ لأن مسيرتي العلمية ومؤلفاتي وبحوثي منشورة شرقاً وغرباً. وتحت لمسة زر خفيفة يستطيع القارئ الاطلاع على السيرة الذاتية الخاصّة بي، وما كتب عني يكفي. ولست أقل ممّن كتبت عنهم رسائل علمية جامعية سواء ممّن رحلوا عن عالمنا أو لايزالوا على قيد الحياة، لا مجرّد جزء متتم لموضوع رسالة فقط. أقول هذا بكل تواضع لا يعرف للغرور سبيلاً .. ومؤلفاتي التي لا يكاد يطلع عليها أحد من هؤلاء الذين أثاروا هذه الزوبغة الفارغة على صفحات التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) تشهد بما أقول. ولمن شاء حين يشاء أن يطالعها.
وأظن أنه عندما تبادر جامعة عربية مثل جامعة الأنبار باقتراح عمل دراسة للماجستير عني لهو عمل يتوخى بالإنصاف مسيرة العلم أينما كان.
وأود أن أوضح للجميع أن الراحل العظيم أنيس منصور حصل على الدكتوراة الفخرية من قسم الفلسفة الذي أسسته بناءً على اقتراح مني، وقد عملنا معاً في المجلس الأعلى للثقافة عندما كان يرأس لجنة الفلسفة، وقدّمت كتابي عن عالم أنيس منصور الخفي والروحي، وترجمت وألفت ونشرت بحوثاً ومصنفات باللغات الأجنبية ممَّا يدعوني إلى الفخر بمنجزاتي العلمية لا الصّغار أو التواضع أمامها.
ما من أحد من الذين تطاولوا علىّ بالسخرية وعرّضوا بسمعتي العلميّة يستطيع أن يكتب حرفاً واحد بلغة يحسنها فما بالك باللغات التي يجهلها ولا يقتدر على التعامل معها. وأخيراً : أرجو الاطلاع على سيرتي الذاتية.
وأمّا عن هذه الزوبعة التي أثارتها وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) فقد اعتذر معظم الأساتذة المحترمين عن انسياقهم وراء تضليل متعمد. وراسلني أحدهم قائلاً : أنهم غرّروا بي! وللقارئ أن يعجب كل العجب لهذه المقولة التي صدرت عن أحدهم؛ إذ كيف يسمح لنفسه بقبول التغرير، وماذا يقال عن ما كتب في صفحات الفيس بوك من تعليقات لا يحتمل قبولها الشرف العلمي؟!

وأمّا عني؛ فبكل ثقة أرسلت للجامعة موافقتي على إعادة المناقشة للباحث برئيس لجنة جديد مع عدم مشاركتي، توخياً للنزاهة العلمية التي لم تكن مفقودة. وأما عن الباحث فهو قد أعلن أنه سيجلس أمام أي لجنة لثقته في  عمله العلمي برغم أنه ليس هناك أى مخالفة قانونية أو إجرائية …. وسامح الله كل من ظلمني .

د. إبراهيم ياسين
أستاذ الفلسفة بآداب المنصورة  

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *