Share Button

دور أفلام ومسلسلات البلطجة والعنف والمخدرات والدعارة في زيادة الجريمه
كتب،ابراهيم عطالله
مع انتشار الجريمة والعنف في الآونة الأخيرة، كانت الاتهامات من نصيب السينما وما يقدمه أبطال الأعمال التي تظهر «العنف والبلطجة»، وكيف أثروا على المجتمع بشكل عام، والمراهقين بشكل خاص.

السينما تطرح قصصا مختلفة تدور بين موضوعات لها علاقة بالخيانة الزوجية والاغتصاب والمخدرات والشذوذ والبلطجة وجاءت ظاهرة البلطجة الشعبية كنوع انتشر كثيرا على الشاشة المصرية، ويبدو أن العنف الذي يمارسه بطل الفيلم في كثير من الأحيان ينظر إليه بوصفه علامة على القوة والشجاعة، والخطورة أن ذلك أمر يحث الناس على الشعور بالفخر واتخاذ هؤلاء الأبطال كقدوة لهم، وذلك مثل أفلام عبده موتة وإبراهيم الأبيض والقشاش وأفلام السبكى والتى اتخذت من الغريزة هدفا لها فأصبحت تشيع الفساد وتنشره بين الشباب، خاصة المراهقين، كما النار في الهشيم، وأصبح الشارع المصرى ساحة لأعمال البلطجة وترويع المواطنين من خلال التعدى عليهم‏.

وبالبحث في تاريخ السينما المصرية نجد أنها امتلأت بالعديد من الأفلام التي تناولت البلطجة وأعمال العنف منذ بداية عهدها، ورغم ذلك لم تكن تنتشر البلطجة والعنف في الشارع المصرى آنذاك، لكن ربما زادت تلك الظاهرة في الآونة الأخيرة، فأصبحنا نستيقظ كل يوم متسائلين عما سيحدث، حيث أصبح هناك الكثير من الجرائم العنيفة والتى لم نسمع عنها قبلاً، فعلى الرغم من كل هذا التقدم أصبحت الجرائم أشد قسوة وعنف مما كانت عليه في الماضى، ففى السابق كانت النسبة الأكبر لتلك الجرائم من قتل وعنف محصورة بين فئات البلطجية والمجرمين وكان وقوعها بهدف السرقة وتجارة المخدرات، لكنها انتقلت لتشمل البيوت المصرية، فنجد تزايد حوادث العنف الأسرى والجرائم التي ترتكب تحت سقف البيت الواحد بين الآباء والأمهات والأبناء، وأصبحنا مؤخراً نسمع الكثير عن أب يقتل ابنته لشكه في سلوكها، أخ يقتل أخته بعد رؤيتها مع أحدهم، أب وأبنائه يذبحون الابنة بعدما وجدوا شاباً في غرفة نومها، زوجة تفتك بزوجها بمساعدة عشيقها، والكثير والكثير من كل هذا وذاك، وما يخيف في الأمر أن هذا أصبح يحدث كثيرا بحيث أصبحنا نسمع عن تلك الجرائم كأنها أصبحت من أخبارنا اليومية العادية، مثل تلك الجريمة البشعة التي قام بها أحد الأشخاص، حيث قتل ابنة عمه، لمجرد أنها رفضت الارتباط به.

وقضية قتل المراهق الذي دافع عن فتاة حيث تم قتل مراهق يدعى محمود البنا بطعنات نافذة في البطن على يد محمد راجح، أثناء محاولته الدفاع عن فتاة تعرضت للتحرش في الشارع على يد القاتل، وذلك في مدينة تلا بمحافظة المنوفية في دلتا النيل، تلك الجريمة التي هزت الرأى العام وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعى مؤخراً، حيث عبر الكثيرون عن استيائهم مما حدث وأرجع الكثيرون ذلك إلى الفن الهابط المنتشر هذه الأيام.

وتلك الحادثة الأخرى التي حدثت في بنى سويف، حيث قام مراهق 15 سنة، بقتل زوجة والده، بعد أن حاول التعدى عليها جنسيًا، فرفضت وهددته بإخبار والده، فانهال عليها ضربًا بـ«يد مقشة»، وخنقها بطرحة خشية افتضاح أمره.

كما أقدم ميكانيكى من شبين الكوم بمحافظة المنوفية على هتك عرض طفلة بكماء بعمر الطفولة 12 عاما واغتصابها حتى حملت منه سفاحًا بعد أن هددها بالقتل في حالة قيامها بإخبار أهلها.

فماذا حدث ومن المسؤول وما هي أسباب هذه الحالة من التردى الأخلاقى وانتشار تلك الجرائم العنيفة؟ وهل ما تجسده السينما والدراما يتسبب في جرائم البلطجة في المجتمع أم أن السينما والدراما هي مرآة وتعكس ما يحدث في المجتمع؟

ورداً على ذلك قال الدكتور إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسى بجامعة عين شمس، إن للدراما والفن تأثيرا بالفعل على المجتمع والدليل على ذلك وجود دراسات حول العالم تهتم بتأثير الدراما في صنع الرأى العام وتغيير السلوكيات المجتمعية أو محاولة إدخال سلوكيات دخيلة تخل بالمجتمع، مضيفاً أن هناك جدلا قائما بين صناع الدراما والناس في الشارع المصرى، حيث يؤكد صناع الدراما أن الشخصيات الدرامية في الأعمال منبثقة من الواقع وأن الواقع أشد قسوة مما يعرض على الشاشة، في المقابل هناك إنكار من الناس أن تلك الشخصيات موجودة بالفعل.

كما قال استشارى الطب النفسى إن الدراما قد عملت على شخصيات تمارس البلطجة موجودة في المجتمع بالفعل، لكن الغلطة هنا أنها قامت بوضع تلك الشخصيات في مكانة البطولة، وهناك فرق بين أن تكون تلك الشخصيات موجودة في المجتمع لكن تحت إطار المجرم وبين إعطائها البطولة وإبرازها كنماذج في الأفلام حيث تكمن هنا الخطورة بأن يقوم صناع الدراما بتزكية مثل تلك الشخصيات وجعلها في ازدياد دائم.

وقد أضاف استشارى الطب النفسى أن الجريمة هنا لم يرتفع معدلها لكن تغيرت نوعيتها، إضافة إلى تغير طريقة عرضها، حيث تغيرت طريقة عرض الجريمة، وأصبحت السوشيال ميديا تتناول مثل تلك الجرائم وتجعلها تتضخم، كما أن الإعلام أصبح يتناولها من جانب آخر ويقوم باستغلالها، كما أننا يجب ألا نضع المشكلة على الدراما فقط فهناك أيضاً المخدرات المنتشرة بين الشباب وتتسبب في تغييب العقل.

من جانيه، قال الناقد السينمائى طارق الشناوى إن الملحوظة العامة أنه أصبح هناك محاولة دائماً لوضع كل شىء أو الارتكان على أن السينما هي السبب في كل شىء، وبالتالى العنف المتواجد على الشاشة هو السبب، والحقيقة هنا أننا بذلك نتكاسل عن علاج القضية، ولأننا نعيد كل مشكلة على السينما ذلك يجعلنا نشعر باطمئنان، فمثلا عن أحد المشاهد وهو مشهد من مسلسل الأسطورة، حينما جعل الممثل محمد رمضان ممثلا يعمل أمامه في المشهد يرتدى زى امرأة، ثم حدث بعد ذلك حادث بالفيوم مماثل لذلك المشهد حينما قام أحد الأشخاص بمعاقبة آخر وجعله يرتدى زى امرأة تقليداً لذلك المشهد، وهنا نتساءل: هل قام كاتب مسلسل الأسطورة باختراع ذلك المشهد أم أن ذلك موجود في الثقافة الشعبية؟ والحقيقة هنا أن ذلك، للأسف، موجود في الثقافة الشعبية، ومعروف تحديداً أنه متواجد في الثقافة المصرية كنوع من أنواع العقاب، فحينما تجعل رجلا يرتدى زى امرأة فإن ذلك يعد إهانة، كما أن المصريين حينما يبدأون بالسباب والشتائم يذكرون الأم دائماً وذلك أقصى أنواع الإهانة.

وأضاف أن فكرة أن يأخذ المتضرر حقه بيده وليس بالقانون موجودة بالفعل في الشارع المصرى، حيث يعتقد الكثيرون أن القانون بطىء بعض الشىء أو غير عادل، ويرى البعض أنه أيضاً فاسد، فيقرر أخذ حقة بيده، وهذا ما نراه في أغلب الأعمال ومتواجد منذ زمن في السينما، وهنا نتساءل: هل فريد شوقى والذى قدم في الخمسينيات والستينيات وحتى مطلع السبعينيات أفلاما كان يقوم فيها بأخذ حقه بيده وينهال بالضرب على أعدائه، فهل نعده مسؤولا عن العنف في عصره؟ والحقيقة هنا أننا نبالغ بشكل كبير في تحميل الشاشة كل موبقات المجتمع، كما نبالغ في اعتقادنا أنه إذا قدمنا على الشاشة سينما نظيفة سينعكس ذلك على الشارع.

وعن قضية محمد راجح، قال الشناوى: الجميع عند سماع ذلك الحادث أشاروا إلى أن السينما وأفلام محمد رمضان السبب، أقصد التقليد، وهذا ليس دفاعا عن محمد رمضان، على الرغم من أن أفلامه قد تكون رديئه فنياً ومتواضعة جداً، لكن كونها كذلك لا يعنى أننا نحملها كل موبقات المجتمع، فهى فنياً سيئة لكن لا تعد هي السبب الرئيسى في انتشار البلطجة والعنف والتعاطى وإلا كان فيلم العار الذي تم عرضه في الثمانينيات، وكان طوال الوقت يتحدث عن المخدرات، هو المسؤول عن انتشار المخدرات.

وأضاف: «تلك تعد محاولة لجعل السينما تظهر بأنها السبب في مشاكل المجتمع، فهناك أسباب كثيرة في المجتمع تساعد على العنف كما أن الشارع يعد منفلتاً حتى وإن كانت الشاشة لها بعض المسؤولية إلا أنها ستكون مسؤولية طفيفة جداً، لأن الواقع يعد أكثر انفلاتاً، فنجد في الشارع الكثير ممن يشربون المخدرات، كما أن التحرش أصبح منتشرا بشكل كبير، فهل كل ذلك بسبب السينما، وما يتم عرضه على الشاشة، بالطبع لا، فهناك أشياء كثيرة مسؤولة مثل ضياع الأمل، الذي يلعب دوراً كبيراً، فعندما يتخرج الشاب ولا يجد وظيفة ولا يستطيع تحقيق ذاته من الممكن أن يتحول إلى مدمن، ومن الممكن أن يرتكب جريمة أيضاً، فالمشكلة هنا ليست في الأفلام ولا المسرحيات لكن المشكلة هنا في المجتمع نفسه».

متابعا: «الحقيقة هنا أننا يجب أن نقوم بدورنا أو الدولة تقوم بدورها، فمثلا إذا كنا نحاول نشر الفضيلة عن النظافة في الشارع فيجب أن يتواجد جامعو قمامة بالشوارع بجانب نشر صناديق القمامة في كل مكان، وهنا يبدأ الناس في التعامل، وهكذا يكون الوضع، فليس بعمل مسلسل ستنشر تلك الفضيلة، فمن الجميل أن نقوم بمسلسل ينادى بالنظافة، أنا لا أمانع في ذلك، لكن هل سيقوم ذلك المسلسل بحل المشكلة، فطالما أنت لا توفر الأدوات التي تساعد المجتمع في نشر النظافة، فكيف سيحل المسلسل تلك المشكلة، فلابد من وجود وعى وتثقيف».

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *