Share Button

زارني بالأمس صديق كنت أعرفه معرفة الرأي كأنه شئ في عقلي و معرفة القلب كأنه شيء في دمي عاتبني طويلا أني نسيته فأقسمت أني لم أنسه نسيان الجحود و إن كنت لم أذكره ذكري الوفاء وألفيته مسهدا تائها زائغ البصر فعلمت وأنه وإن تظاهر قد تحرر من سجن نفسه وأنه الساعة ينطلق منه فإنه لما يزال سجين عينين ذابلتين كان قلبه المسكين يتمرغ في أشعة الحاظهما كالمقضي عليه إذا أحاطت به السيوف وجعل بريقها يتخالف معاني الحياة من روحه قبل أن يخطف هذه الروح بل سجين فكره الذي ابتلي به وبخياله معا فلا يزال واحد منهما يبالغ في إدراك الجمال والآخر يبالغ في تقديره حتي تكاد تطلع نفسه مِن نواحيها لكثرة مايسرفان عليهما و زفر زفرة خِلت بعدها أنه لابد ملاق حتفه . لك الله ياصديقي إن النفوس المتألمة لاتحمل أثقل منك وبعض التنهدات علي رقتها ورشاقها قد تشعر بها النفس كأنها جبل مِن الأحزان يتهاوي عليها ورغم أن العشق جليس ممتع وأليف مؤنس وصاحب مملك ومالك قاهر لطيفة مسالكه إلا أن أحكامه جائرة مستبدة ظالمة .
والواقع أن الانخراط في الأحزان علي هذا النحو طيران علي أجنحة الشياطين ومتن السراب سراب الخديعة الذي يجعل علي كل سئ شيئا يغيره فإنما الدنيا مفازة ينبغي أن يكون السائق فيها العقل فمن سَلّم زمام راحلته إلي طبعه وهواه فياعجله تلفه فالعاقل لا يترك لجامها ولايهمل مقودها فإن لم تستقم فالتاديب وليس في سياط التأديب أجود من سوط عزم ، فالناس غادٍ فبائع نفسه موبق رقبته وغاد مبتاع نفسه معتق رقبته و ربت علي كتفه وقلت له ياصاحبي إعلم أن الله قضي علي الدنيا أن تَمرّري وتَكدّري وتشَدّدي علي أوليائي كي يحبوا لقائي وان تصَفّي لأعدائي كي يكرهوا لقائي فإني خلقتها سجنا لأوليائي وجنة لأعدائي فاللهم اكشف عن صديقي مانزل به من بلاء وخذنا إليك اللهم أخذ الكرام عليك
و صل اللهم علي حبيبنا و شفيعنا و قرة أعيننا البشير النذير الرسول الحاتم و النبي الخاتم و علي آله الطيبين الطاهرين و علي أصحابه الغر الميامين و علي من والاه إلي يوم الدين ما هبت النسائم و ما ناحت علي الأيك الحمائم

المستشار : عادل رفاعي

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *