التقيت صديقي النرجسي ودار بيننا حوار حول الأدب والفنون فإذا بي افجع بشخص لايحفظ لأحد قدرا ملأ الغرور جنبات نفسه فانتفخ بعد ان هيئ له انه بلغ الذري فأخذ يسفه من أعمال الرعيل الأول من الأدباء والشعراء لصالح مدرسه الحداثه وطالتني سهامه المسمومه والعجيب انه لم يستطع ان ينهي جمله واحده بلسان عربي مستقيم فقد بقر والله بطن سيبويه وقد حاولت مداراته عله يرعوي او ينتهي من تحامقه إلا ان ذلك مازاده إلا ايغالا في تراهاته فأصاب نفسي بضيق اقعدني طريح الفراش وهجرت الكتابه ردحا من الزمن فلما شكوت بثي وحزني لصديقي الأديب السبعيني الكبير انبأني ان مرد ذلك الي الجهل إذ قد يغضب المرء ويشتد غضبه لأنه لايعرف كل الحقيقه فإن هو عرفها هدأ ولان كلامه واستطرد معقبا ان الجهل يكون وراء كثير من مساوئ الأخلاق وعوج المسلك وانتقاص الآخرين وأن علاج الخلل سهل ميسور لانه لايتطلب إلا تعريف الجاهل وكشف النقاب عما لايراه فبادرته ان المشكله المحيره ان يتمادى المرء في خطئه بعد ان استنبان له الصواب كأنه لم يفد شيئا من العلم الذي أتاه ويظهر ان بعض الناس يعاني من داء دفين فيه لايشفيه العلم مهما كثر بل ربما اضراه وزاده انطلاقا الي مايهواه ولعل ذلك يفسر مانقرأه او نسمعه أحيانا من اسفاف لقوم ينتمون الي أوساط علميه كبيره !والواقع انه عندما تتحرك النفس الانسانيه بالحقد وتدور على محور هواها فلن يحجزها شئ. كان إبليس يعرف الكثير ورأيه في نفسه انه احق بالاستخلاف من آدم كان يري معدنه أعلى اصلا وطاقته أوسع وانه في اي نزال مع آدم وذريته سوف تكون له الغلبه بمكره ودهائه هنا نلمس حقيقه ان في النفس كبر إبليس وحسد قابيل وعتو عاد وطغيان ثمود وجرأه النمروذ واستطاله فرعون وبغي قارون لذلك فالله يقول (ارأيتك هذا الذي كرمت على لئن اخرتني الي يوم القيامه لاحتنكن ذريته إلا قليلا )وهذا النبي الكريم يقول اياكم والكبر فإن إبليس إنما منعه الكبر ان يسجد لآدم وقد ضحك من آدم وأخرجه من الجنه ولايزال يستغفل الكثير من أبنائه ويسد عليهم طرائق النجاه ذلك انه نسي الحقيقه الأولى في علاقه الكائنات كلها بربها نسي ان الله يقدم عبدا منكسرا يرنو إليه بامل علي عبد شامخ لايري إلا نفسه وقد قضت حكمة الله انه ما تكبر احد علي من دونه الا أذله الله لمن فوقه ان عاصيا يتوب الي الله أحب إليه من طائع متكبر فانات العاصين احب الي الله من ترانيم الشاكرين إن المتأمل لكلمات آدم وزوجه ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين اكسبتهما الرضوان الاعلي اما كلمه إبليس انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين هوت به إلى أسفل سافلين فلاقيمه للعلم الواسع ان لم تصحبه عبوديه تامه لله اما عباده الذات فهي شر أنواع الشرك لذلك أجمع العلماء ان معاصي القلوب شر من معاصي الجوارح(يراجع مقال عبادة الذات من كتاب تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل للشيخ محمد الغزالي من ص ٦٨ الي ٧١) وتساءلت هل كان منطق إبليس على حق ؟؟!فرد أستاذي إن منطق إبليس من أوله الي أخره ملئ بالإفك والغباء والمغالطه إن معدنه ليس أشرف من معدن آدم فادم أوُتي علما عجزت عنه الملائكه لذلك اسجد الله النور الملائكي للطين البشري الذي صنعه بيده وعلمه الأسماء والحق انه ليس الذي يبني كمن شأنه الهدم فقد يبني رجل صرحا كبيرا ينتج من خيرات الدنيا وينتظم في العمل به أعداد غفيره جرت أرزاقهم من إنتاجه ثم يأتي شيطان فاجر يعبد ذاته ليشعل النار فيه فيأتي في دقائق معدوده على الأخضر واليابس فأي الرجلين أشرف ؟؟ثم من ذا الذي ألهم الذكي ذكاءه والعبقري عبقريته إنه الواحد الوهاب فكيف يقف الآخذ المتلقي متحديا للولي المنعم ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ولقد هدى الي تلك الحقيقه ابن عطاء الله السكندري حين قال من مدحك فانما مدح مواهب الله عندك فالفضل لمن منحك لا لمن مدحك ان من عرف الحقيقه التي تاه عنها المتكبر الطياش واستكبر بها على ادم ثم اشتغل بعد قوادا لبعض ذريته يدرك انه مااحقر المصير القريب والبعيد ومن عجيب ان عباده الذات انتقلت من الشيطان الأكبر إلى بعض المتحامقين الذين يدورون حول أنفسهم وبدلا من ان يكون للعلم يد في إصلاح عيوبهم يفسدون هم حالهم بالرياء وبارضاء الناس وهم اول من تسعر بهم النار وفي النهايه فإن العلم لايزيدك إلا تواضعا ودماثه خلق وافتقار ظاهر وباطن الي رحمه الرحمن الرحيم وهؤلاء بقليل من العلم وكثير من الكلام قطعوا جل المسافه الي الجنه لكنهم نظروا شذرا للآخرين ان وجدوا خيرا تجاوزوه وإن وجدوا شرا ضاعفوه فهل هم متكبرون بعلم؟ !ان عقولهم صفر من علوم الكون والحياه وصفر من جمله العلوم الانسانيه أما علوم الكلام فقد برعوا في زاوية ضيقة منها لاترجح كفه يوم الحساب وماوراء ذلك خواء تعصف فيه ريح الوحشه فما أشد بلاء أمتنا المنكوبة بهؤلاء.
🌴المستشار عادل رفاعي 🌴
