Share Button

طريق الحرير الصيني
رؤية حضارية جديدة
بقلم الكاتب /سليم النجار
عمان
توطئة
إن الإحساس بوجود الضيف الثقيل الظل لا يقتصر على الفقير أو الغني ؛ فهو إحساس يمكن أن يتولد عند أي شخص حتى لو كان نفسه ثقيل الظل فحتما سيجد من هو أثقل منه . وتصبح المشكلة أكثر تعقيدا عندما يكون هذا الضيف ثقيل الظل غير المدعو ليس فردا أو جماعة فقط إنما ثقافة كاملة ممثلة في كافة عناصرها المادية وغير المادية . في هذه الحالة لا يستطيع الفرد الواحد إبعاد هذا الضيف وإنما تحتاج الأمة كاملة الإجماع على قرار الإبعاد .
حقيقة أن الغرب اصبح ضيفاً ثقيلا بكل ما يمثّله من عناصر بشرية ومادية وغير مادية سواء أكانت أفكاراً أم أراء أم معتقدات . فهو مصمم على التدخل في أدق تفاصيل حياتنا التي تهمّه أو تلك التي لاتهمّه ؛ فهو يدخل بيوتنا بدعوة أو بدون دعوة ؛ علانية أو سراً . كما أن هذا الغرب مصمم على أخذ أفكارنا ومعرفتنا الاجتماعية على شكل مواد خام ليعيد تشكيلها ويعيدها إلينا على شكل أفكار استهلاكية . مع العلم ان هذا لا يتفق مع الكثير من الآراء الحديثة حول مشاركة كل الثقافات على الأرض في إنشاء المعرفة الاجتماعية .
إن فتح أبواب البيوت لهذا الضيف الثقيل سواء طوعاً أو قسراً سيؤدي في نهاية الأمر إلى تمييع حدود سيادتنا الثقافية ( القواعد المادية وغير المادية ) وسيؤدي إلى فصل الكّل إلى أجزاء ليست مترابطة عضويا وميكانيكياً . وبالتالي سيتحتم علينا السباحة في فضاء تنعدم فيه الجاذبية وسيكون هو الخروج من التاريخ .
إعادة التفكير ..
في هذا المقال لا اريد اجترار ما قدمته المدرسة العربية التقليدية او حتى الحديثة ؛ ولكن سأدخل من مدخل جديد لتفسير طريق الحرير الصيني كرؤية حضارية ؛ ويكون ضيف غير ثقيل في عالمنا العربي ؛ وفي ذات الوقت نواجه الغرب ؛ الذي مازال يصرّ ان يتعامل معنا كضيف ثقيل الظّل .
طريق الحرير ؛ هو حلم صيني جديد قديم ؛ بدأ قبل ألفي عام ؛ عن طريق بناء علاقات وحوارات اقتصادية وسياسية بين الشرق والغرب . وقد حاز هذا الحلم على شهرة كبيرة ؛ ودونت في روايات التاريخ .
إن أحد أهم التطورات المعاصرة المتعلقة بإداء واستمرار طرح مشروع طريق الحرير ؛ التي طرحته الصين عام ٢٠١٣ ؛ يتعلق بنقتطين أولهما: هو أن مفهوم طريق الحرير الجديد يساهم في نظرية الحوكمة العالمية . التي يجب ان تستفيد منه كل دول العالم بعيدا عن التحيزات الأيديولوجية ؛ اما النقطة الثانية ؛ ان العالم اصبح قرية صغيرة ؛ وبالتالي اصبحت العلاقات بين هذا العالم متداخلة ومعتمدة على بعضها البعض بشكل أو بآخر ؛ ومن الضروري التعاون فيما بينها بدلاً من إعتماد قانون الصراع بينها .
طريق الحرير ؛ هو حلم صيني جديد قديم ؛ بدأ قبل ألفي عام ؛ عن طريق بناء علاقات وحوارات اقتصادية وسياسية بين الشرق والغرب .
طريق الحرير يتبنى فكرة بناء نفق تحت مضيق بيرينج بالإضافة إلى تأسيس حسرا اوراسيوي لربط العالم بعضه ببعض حتى تستطيع جميع الشعوب من مختلف القارات أن تستفيد من هذا الربط الجديد . وتحقيق فكرة الرخاء المشترك لدول العالم .
لا انكر ان البعض في عالمنا العربي ؛ يرى طريق الحرير مجرد خيالات ؛ ولا استطيع ان فكرا مثبتا وواضحا تاريخيا في عالمنا العربي ؛ قائم على الشك لكل جديد ؛ وهذا له اسبابه الموضوعية ؛ لا مجال لمناقشته الآن ؛ كما اننا نعيش هذه الأيام في عالمنا العربي ويلات الحروب الطائفية والمذهبية ؛ وأتذكر في هذه اللحظات ما قرأته منذ زمن لبس بالبعيد الجزء الثالث من مذكرات طه حسين ؛ حينما ذكر انه كلما سافر إلى مكان ما ؛ وضع في حقيبته القرأن والأنجيل ؛ ولعل هذه فائدة تعلمتها من هذا العبقري الذي يمنحك خلاصة ما تهبه الحياة له ؛ ولفكرة كتابة عن مشروع طريق الحرير التي دفعتني لإعادة قراءة طه حسين مرّة أخرى .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *