Share Button

بقلم .. محمد الدكرورى
يقول عبد العزيز بن مروان عجبًا لمؤمن يؤمن ويوقن أن الله يرزقه ويخلف عليه، كيف يمنع مالا عن عظيم أجر وحسن ثناء.

ولما حضرته الوفاة أحضر له مال يحصيه وإذا هو ثلاثمائة مد من ذهب، فقال: والله لوددت أنه بعر بنجد، وقال: والله لوددت أني لم أكن شيئًا مذكورًا، ولوددت أن أكون هذا الماء الجاري، أو نباتة بأرض الحجاز، وقال لهم: ائتوني بكفني الذي تكفنوني فيه، فجعل يقول: أف لك ما أقصر طويلك، وأقل كثيرك.

وكانت وفاته ليلة سنة خمس وثمانين من الهجرة ، قبل أخيه عبدالملك، الذي توفي في سنة ست وثمانين من الهجرة.

كان عبد العزيز بن مروان من خيار الأمراء كريمًا جوادًا ممدحًا، وقد اكتسى عمر أخلاق أبيه وزاد عليه بأمور كثيرة.

وكان لعبد العزيز من الأولاد غير عمر، عاصم وأبو بكر ومحمد والأصبغ- مات قبله بقليل فحزن عليه كثيرًا، ومرض بعده ومات.

وقد مات بمدينة “حلوان” في مصر ، – وهو الذي بناها، حيث أصاب الناس وباء في الفسطاط، فخرج بجيشه وعجبه مناخ حلوان فبناها واستقر بها، وحمل إلى مصر في النيل ودفن بها.

وقد ترك عبد العزيز من الأموال والأثاث والدواب من الخيل والبغال والإبل وغير ذلك ما يعجز عنه الوصف، من جملة ذلك ثلاثمائة مد من ذهب غير الفضة، مع جوده وكرمه وبذله وعطاياه الجزيلة، فإنه كان من أعطى الناس للجزيل.

وكتب عبد الملك بن مروان إلى أخيه عبد العزيز وهو بالديار المصرية، يسأله أن ينزل عن العهد الذي له من بعده لولده الوليد أو يكون ولي العهد من بعده، فإنه أعز الخلق علي.

فكتب إليه عبد العزيز يقول: إني أرى في أبي بكر بن عبد العزيز ما ترى في الوليد.

فكتب إليه عبد الملك يأمره، بحمل خراج مصر- وقد كان عبدالعزيز لا يحمل إليه شيئًا من الخراج ولا غيره، وإنما كانت بلاد مصر بكمالها وبلاد المغرب وغير ذلك كلها لعبد العزيز، مغانمها وخراجها وحملها.

فكتب عبد العزيز إلى عبد الملك: إني وإياك يا أمير المؤمنين قد بلغنا سنًا لا يبلغها أحد من أهل بيتك إلا كان بقاؤه قليلاً، وإني لا أدري ولا تدري أينا يأتيه الموت أولاً، فإن رأيت أن لا تعتب عليّ بقية عمري فافعل، فرقّ وحنّ له عبدالملك وكتب إليه: لعمري لا أعتب عليك بقية عمرك.

وقال عبد الملك لابنه الوليد: إن يرد الله أن يعطيك الخلافة لا يقدر أحد من العباد على رد ذلك عنك، ثم قال لابنه الوليد وسليمان: هل قارفتما محرمًا أو حرامًا قط؟ فقالا: لا والله، فقال: الله أكبر، نلتماها ورب الكعبة.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *