Share Button
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع أبو سنان بن محصن الأسدى، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، هو القائد يريد أن يتأكد من سلامة التصور للموقف العصيب في عقل الجندي المخلص، فيسأله على أي شيء تبايع يا أبا سنانا ؟ وهنا يأتي الجواب البليغ الرشيد على ما في نفسك يا رسول الله وكان أبا سنان يعرف تماما ما بنفس الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، في مثل هذا الموقف، وماذا يكون في بنفس الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حينئذ سوى كلمة الحق، وموقف الصدق، ومنطق الجهاد حتى النصر أو الاستشهاد ؟ ويعود الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ليزيد الموقف إيضاحا وجلاء، حتى يسير المجاهدون على بصيرة، فيسأل وما في نفسي ؟
فيأتي الجواب الطبيعي الناشئ من حسن الإدراك لتبعات الموقف، فيكون، الفتح أو الشهادة، وقد سارع أبو سنان إلى الإسلام، وسبق إلى الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهد معه غزوات بدر وأحد والخندق، ثم جاءت غزوة الحديبية، في السنة السادسة للهجرة، وكانت هذه الغزوة نقطة تحول بارز في تاريخ النضال الإسلامي الطويل، إذ انتقل بها المسلمون من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه بعد غزوة الخندق ” لن يغزونا القوم بعدها، نحن سنغزوهم” ثم جاءت غزوة الخندق، أوغزوة الأحزاب، عقب ذلك، لتكون بابا لفتح عظيم، بل إنها كانت فتحا في ذاتها، لأنها كانت سببا في فتح مكة.
ولذلك قال الزهري ” لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، فقد اختلط المشركون بالمسلمين، وسمعوا كلامهم، وتمكن الإسلام من قلوبهم، وأسلم في ثلاث سنين خلق كبير، وكثر بهم سواد الإسلام” وذكر الألوسي أنه قد خفي كون ما كان في الحديبية فتحا على بعض الصحابة حتى بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البيقهي عن عروة قال ” أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية راجعا، فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما هذا بفتح، لقد صددنا عن البيت، وصد هدينا، وبلغ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال “بئس الكلام هذا، بل هو أعظم الفتح، لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم، ويسألونكم القضية، ويرغبون إليكم في الأمان.
وقد كرهوا منكم ما كرهوا، وقد أظفركم الله عليكم، وردكم سالمين غانمين ومأجورين، فهذا أعظم الفتح” أنسيتم يوم أحد، إذ تصعدون ولا تلوون على أحد، وأنا أدعوكم في إخراجكم؟ أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤوكم من فوقكم، ومن أسفل منكم، وإذ زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، وتظنون بالله الظنون ؟ وهنا قال المسلمون ” صدق الله ورسوله” إنه هو أعظم الفتوح والله يا نبي الله، ما فكرنا فيما ذكرت، ولأنت أعلم بالله وبالأمور منا، وكذلك قال الإمام ابن عبد البر ” ليس في غزواته صلى الله عليه وسلم ما يعادل بدرا، أو يقرب منها، إلا غزوة الحديبية ” ويالله من وسام عظيم وشرف مجيد، أن يكون أبو سنان طليعة المبايعين.
الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، تلك البيعة التي يقول عنها الحق تبارك وتعالى في سورة الفتح “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسنوتيه أجرا عظيما” وقد نستطيع أن نفهم جلال هذه الأولية، حين نجد كتب السيرة تحرص على ذكرها وتعيين اسم صاحبها، فابن هشام يقول، أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان هو أبو سنان الأسدي، وعاش أبو سنان وهب بن محصن الأسدي، مجاهدا مناضلا، وفيا تقيا، حتى لحق بربه عند حصار المسلمين لبني قريظة فى السنه السادسه من الهجره، رضوان الله تبارك وتعالى عليه.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *