Share Button
فى طريق النور ومع أحوال الفرج والشدة “جزء2”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع أحوال الفرج والشدة، وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله وهذا استدراج منه تعالى، وإملاء لهم، عياذا بالله من مكره، ولهذا قال تعالى “حتى إذ فرحوا بما أوتوا” أي من الأموال والأولاد والأرزاق “أخذناهم بغتة” أي على غفلة “فإذا هم مبلسون” أي آيسون من كل خير، وهذا أشد ما يكون من العذاب، أن يؤخذوا على غرة، وغفلة وطمأنينة، ليكون أشد لعقوبتهم، وأعظم لمصيبتهم، ومن جميل أفعال الله سبحانه وتعالى أنه سبحانه يأتي بالفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، حيث يقول تعالى “فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا” فإذا ضاق الأمر اتسع، ولن يغلب عسر يسرين، وليس بعد الشدة إلا الفرج، ولا بعد العسر إلا اليسر.
حيث يقول نبينا الكريم محمد صل الله عليه وسلم ” وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا” وإن المتأمل في سير الأنبياء عليهم السلام يجد هذا المعنى متجليا، فهذا نبى الله يعقوب عليه والسلام يفقد أحب أولاده إليه يوسف عليه السلام، ثم يفقد ابنه الثاني بعد سنين، حتى فقد بصره من شدة بكائه وحزنه على فراق ولديه، ويصور لنا الله عز وجل المشهد فيقول ” وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم” غير أنه لم يفقد الأمل، حيث قال كما حكى القرآن الكريم على لسانه ” يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون” ويأتيه الفرج من الله عز وجل بعد الشدة والبلاء، فيرد الله إليه بصره وولديه.
حيث يقول تعالى ” فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم لكم إنى أعلم من الله ما لا تعلمون” وكما نجى الله تعالى نبيه يونس عليه السلام من ظلمات البحر، والليل، وبطن الحوت، فتحول العسر يسرا، والضيق فرجا، حيث يقول تعالى ” وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن ألن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فاستجبنا له وأنجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين” فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وتفكروا في حكم المولى في تصريف الأمور، وأنه المحمود على ذلك، المثني عليه، المشكور، واعلموا أن ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير، وأن هذه الشدة واللأواء لا بد أن يفرجها من هو على كل شيء قدير.
ولا بد أن يبدل الشدة بضدها والعسر بالتيسير، بذلك وعد، وهو الصادق السميع البصير، فعودوا على أنفسكم بالاعتراف بمعاصيكم وعيوبكم، وتوبوا إليه توبة نصوحا من جميع ذنوبكم، وقوموا بما أمركم الله به، وهو الصبر عند المصائب، واحتسبوا الأجر والثواب، إذا أنابتكم المكاره والنوائب، وكونوا في أوقاتكم كلها خاضعين لربكم متضرعين، وفي كل أحوالكم سائلين له كشف ما بكم ولكرمه مستعـرضين، ووجهوا قلوبكم إلى من بيده خزائن الرحمة والأرزاق، وانتظروا الفرج وزوال الشدة من الرؤوف الرحيم الخلاق، فإن أفضل العبادة انتظار الفرج من الرحيم الرزاق، وإياكم أن يستولي على قلوبكم القنوط واليأس، أو تتفوهوا بالكلام الدال على التضجر والتسخط والإبلاس.
فإن المؤمن لا يزال يسأل ربه ويطمع في فضله ويرجوه، ولا يزال مفتقرا إليه في جلب المنافع، ودفع المضار من جميع الوجوه، فإن أصابته السراء كان في مقدمة الشاكرين، وإن نالته الضراء فهو من الصابرين، يعلم أنه لا رب له غير الله يقصده ويدعوه، ولا إله له سواه يؤمله ويرجوه، ليس له عن باب مولاه تحول ولا انصراف، ولا لقلبه تلفت إلى غيره، ولا تعلق ولا انحراف، لا تخرجه السراء والنعم إلى الطغيان والبطر، ولا يكون هلوعا عند مس الضراء متسخطا للقضاء والقدر، يتمشى مع الأقدار السارة والمحزنة بطمأنينة وسكون، ويهدي الله لها قلبه، لعلمه أنها تقدير من يقول للشيء كن فيكون، فهذا عبد موفق قد ربح على ربه، وقام بعبوديته في جميع التقلبات، وقد نال السعادتين راحة البال، وحسن الحال والمآل، واكتسب الخيرات.
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏وردة‏‏ و‏منظر داخلي‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *