Share Button
فى طريق النور ومع أحوال الفرج والشدة “جزء1”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
إن من طبيعة الحياة الدنيا الهموم والغموم التي تصيب الإنسان فيها فهي دار الأدواء والشدة والضنك ولهذا كان ما تتميز به الجنة عن الدنيا أنها ليس فيها هم ولا غم حيث قال تعالى فى سورة الحجر ” لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين” ولهذا كان من سنة الله بعد الشدة ومقاومة الظلم والظالمين والفاسدين والمستبدين وبذل أقصى الجهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهنا يأتي الفرج ويأتي بعد العسر اليسر، وإن العباد إذا نزلت بهم الشدائد فإنهم سرعان ما يقنطون، والله عز وجل قد جعل لكل أجل كتاب، وجعل لهذا الهم نهاية، ولهذا الكرب تفريج، ولكن العباد يستعجلون، والله سبحانه وتعالى يعجب ويضحك من قنوطهم ومن قرب فرجه.
ولقد كتب عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح يقول “مهما ينزل بامرئ من شدة يجعل الله له بعدها فرجا، وإنه لن يغلب عسر يسرين” وإن من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل الحياة دائرة بين الشدة والفرج، والضيق والسعة، والحزن والسرور، وأهل الإيمان هم الذين يكونون في هذه الأحوال كلها بين الصبر والشكر، حيث يقول النبي الكريم صل الله عليه وسلم ” عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له” فالله عز وجل حكيم في أفعاله، رحيم بعباده، يبتليهم بالبأساء والضراء، لحكم قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
“إن الله تعالى يبتلي بالبأساء والضراء لكن لحكمه، لا لمجرد إلحاق الضرر بالخلق، بل كل ما ضر الناس من تقديرات الله، فالمراد به مصلحة الخلق” فمن مصلحة الخلق أن يُبتلوا بالبأساء والضراء، من أجل أن يخضعوا لربهم، ويتذللوا له، ويتوبوا إليه، فقد قال الله عز وجل فى سورة الأعراف ” وما أرسلنا فى قرية من نبى إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون” وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله يعني بالبأساء ما يصيبهم في أبدانهم من أمراض وأسقام، والضراء ما يصيبهم من فقر وحاجة، ونحو ذلك، ولعلهم يضرعون أي يدعون ويخشعون ويبتهلون في كشف ما نزل بهم، فحري بالعباد عند نزول البأساء والضرر بهم، من فقر، أو جوع، أو خوف، أو أوبئة، ونحوها.
أن يتضرعوا إلى الله بالدعاء، وينيبوا إليه بالطاعة، ويتوبوا عما هم عليه من ذنوب وآثام، لعل الله تعالى أن يرحمهم، فيكشف ما نزل بهم، وليحذروا أن يكونوا ممن قال الله عز وجل فيهم فى سورة المؤمنون ” ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون” وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله، ولقد أخناهم بالعذاب،أي ابتليناهم بالمصائب والشدائد، فما استكانوا لربهم وما يتضرعون، أي فما ردهم ذلك عما كانوا عليه من الكفر والمخالفة، بل استمروا على غيهم وضلالهم، ما استكانوا، أي ما خشعوا، وما يتضرعون، أي ما دعوا، وليحذروا أن يكونوا ممن قال سبحانه وتعالى فيهم فى سورة الأنعام ” فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون”
وقال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله أقاموا على تكذيبهم رسلهم، وأصروا على ذلك، واستكبروا عن أمر ربهم، استهانة بعقاب الله، واستخفافا بعذابه، وقساوة قلب منهم، وقال الإمام القرطبي رحمه الله فى قوله تعالى “فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا” وهذا عتاب على ترك الدعاء، وإخبار عنهم لم يتضرعوا حين نزول العذاب، ويجوز أن يكونوا تضرعوا تضرع من لم يخلص، والعباد إذا استمروا على ما هم عليه من باطل، ولم ينيبوا ويتوبوا إلى الله، فقد يستدرجون نعوذ بالله من ذلك، فيفتح الله عز وجل عليهم أبواب الرزق والنعم، حتى إذا أصابهم البطر، واستولى عليهم الإعجاب بما متعوا به، جاءهم عذاب الله فجأة، فقال الله سبحانه وتعالى ” فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون”
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏وقوف‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *