Share Button

فى طريق النور ومع الإحسان إلى الخلق ” جزء 5 “

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإحسان إلى الخلق، وأول من استجاب لدعوة الرسل، فالله تعالى يعلم من يستحق الهداية ممن لا يستحقها، فالله تعالى لا ينظر إلى الصور، وحُسن الأجسام والأموال، إنما ينظر إلى القلوب والأعمال، ولهذا قال هرقل عظيم الروم لأبي سفيان مَن يتبع هذا النبي أهُم الرؤساء أم الضعفاء؟ فقال أبو سفيان بل الضعفاء، فقال هرقل هكذا أتباع الرسل، فالله تعالى نوّه بذكر ضعفاء المسلمين في آيات كثيرة من القرآن الكريم، ورفع ذكرهم، وأعلى مقامهم، وأمر العباد وحضهم على إيصال الخير والإحسان إليهم، وحثهم ورغبهم ووعدم على ذلك بالثواب الجزيل، فكم دفع الله عن المحسنين والراحمين للضعفاء واليتامى من بلية.

 

ووقاهم شر كوارث وحوادث ورزية، فالله تعالى يحسن لمن أحسن على عباده، ولا يضيع لديه عمل عامل، فمن عامل عباده باللطف والإحسان، وبذل المعروف، عامله الله كذلك، بل أحسن وأبقى وأفضل، فالحسنة بعشرة أمثالها، فمن أراد النجاة من النار، وعلو المنزلة في الدار الآخرة، فليدخل على الله من باب الشفقة والإحسان على الضعفاء والمساكين، والأرملة، والأيتام، وذوي الحاجات، وليحسن إليهم بما يستطيعه، فإن الله تعالى قريب من المنكسرة قلوبهم، رحيم بمن يرحم عباده، لا يحقر شيئا من المعروف ، ولقد وصى الله تعالى بالأيتام عباده، وحضهم ورغبهم في إيصال الخير والإحسان إليهم، وفرض عليهم في أموالهم حقّا للأيتام والفقراء والمساكين.

 

وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من مسح رأس يتيم فله بكل شعرة تمرّ عليها يده حسنة” فما أعظم هذا الثواب العظيم وما أهون مؤنته، وكفالة اليتيم هي القيام بأموره، والسعي في مصالحه، من إصلاح طعامه، وكسوته، وتنمية ماله إن كان له مال، وإن لم يكن له مال أنفق عليه أو كساه ابتغاء وجه الله تعالى، فالذي يكفل اليتيم ويتعهده، ويلاحظه ويؤدبه، ويهذب نفسه حتى تطمئن قلوب أقاربه إذا رأوه، وكأن والده حي، لا يفقد من والده إلا جسمه، فجدير بكافله هذا أن يكون له المكانة العالية عند الله تعالى، وكان جديرا بأن يكون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، في الجنة، يتمتع بما فيها من النعيم المقيم، فيا من يرجو ثواب الله، ويخشى عقابه.

 

وأراد المنزلة العالية عند الله والفضل الكبير، والكرامة الأبدية، والأمن من جميع المخاوف يوم يلقى ربه، فليكرم اليتيم، وليحسن إليه، وليدخل السرور والفرح عليه، وليفعل معه الخير ما استطاع إلى ذلك سبيلا، احتسابا لما عند الله تعالى، وثقة بوعده تعالى الذي رتبه على الإحسان إليه، وكذلك الأرملة وهي التي مات زوجها، ولها منه أولاد، أو لم يكن لها منه أولاد، فيطلق عليها الأرملة، فهي في أمس الحاجة إلى من يقوم بسداد حالها، من نفقة، ومن قضاء حاجة مسكنها، وما ينوبها، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الأرامل والمساكين أحاديث كثيرة، فيها ترغيب وثواب عظيم لمن أراد الله به خيرا، ووفقه للعمل بها.

 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “أنا أول من يفتح باب الجنة، فإذا امرأة تبادرني فأقول من أنت؟ فتقول أنا امرأة تأيمت على أيتام لي” وهذا هو المسكين على الحقيقة وهذا الذي خشي عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغب أمته في إيصال الخير والإحسان إليه لأنه عفيف متعفف، ولم يرق ماء وجهه في السؤال والتطواف على الناس، بخلاف الذي ترده التمرة والتمرتان، فهذا قد أراق ماء وجهه، ورفع عن وجهه جلباب الحياء، فمثْل هذا لا يخاف عليه، بل ربما قد لا يقنعه شبعة بطن حتى يسأل الناس تكثرا، إن الشفقة والرأفة والرحمة على خلق الله خصوصا ضعفاء المسلمين من يتيم، ومسكين، وأرملة لها أثر عند الله عظيم.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *