Share Button

فى طريق النور ومع الإستعداد لشهر رمضان ” الجزء الثانى عشر ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى عشر مع الإستعداد لشهر رمضان، فحرى بالعبد الموفق أن يستعد لهذا الموسم العظيم الذي تضاعف فيه الأجور بغير حد ولا مقدار، بل جاء في السنة مايدل على مضاعفة أجر الصيام بغير حد، فقال صلى الله عليه وسلم ” كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وقال الله عز وجل إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به يدع شهوته وطعامه من أجلى” فدل على أن الأعمال تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه يضاعف بغير حد ولا مقدار، فعلينا أن نستعد لهذا الشهر الكريم، والاستعداد لاستقباله يكون بأمور منها التوبة النصوح إلى الله لأن الذنوب تحول بين العبد والخير فتكون عائقا عن القيام بالأعمال الصالحة فإذا تاب من ذنوبه انبعثت النفس بالطاعات وأقبلت عليها، فقال الله تعالى” يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار” فيا أيها العبد المذنب وكلنا كذلك اجعل من رمضان فاتحة خير عليك.

واملأ قلبك بأنوار الطاعات المتنوعة في هذا الشهر واستدرك مافات من تقصيرك وأقبل على الله يقبل الله عليك فإن في شهر رمضان من أسباب مغفرة الذنوب ماليس في غيره فقال صلى الله عليه وسلم” من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم : من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه” متفق عليه، فهذه أسباب عظيمة لمغفرة الذنوب فى رمضان فمن أدرك رمضان ولم يغفر فيه ذنبه فقد خاب وحرم خيرا كثيرا، ومما يستقبل به الشهر النية الصادقة على الاجتهاد فيه في الطاعات فإن النية الصالحة من أسباب عون الله للعبد وتوفيقه، فقال تعالى فى كتابه الكريم ” إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم” وقال تعالى أيضا فى كتابه الكريم ” لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا”

فدلت هاتان الآيتان على أن النية الصالحة سبب لتوفيق الله لعبده، فحري بالعبد المسلم أن يعقد النية على فعل الخيرات في رمضان والاجتهاد في ذلك، فكأنه يقول بلسان الحال لئن أدركت رمضان ليرين الله ما أصنع، وينبغي للعبد الإكثار من الدعاء بأن يعينه الله على مرضاته في هذا الشهر فإنه ليس الشأن بلوغ الشهر فحسب بل بالتوفيق فيه للطاعات فكم من إنسانا بلغه الله الشهر لكنه لم يوفق فيه للخير بل ربما ارتكب الكبائر فيه، فليكثر المسلم من الدعاء الذي علمه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل” اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك” وهذا الدعاء عام في رمضان وفي غيره لكن الحاجة تتأكد له في رمضان، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاتهن، ومما يجدر التذكير به أن شهر رمضان كله محل للدعاء فقال الله تعالى ” وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان، فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون” وقال ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية.

وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء، متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر، وقد جاء في السنة مايفيد بأن دعاء الصائم ترجى إجابته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ثلاثة لا ترد دعوتهم، الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين” رواه الترمذى، فاحرص على الاجتهاد في الدعاء في رمضان، فحرى بمن أدمن قرع الأبواب أن يُفتح له، فإن رمضان ضيف كريم فلنكرم وفادته ولنرع حُرمته وذلك بحفظ الجوارح من معصية الله وإنك لتعجب أشد العجب إذ أصبح رمضان موسما للمسلسلات التي تصد الناس عن دين الله وتعرّضهم للفتن وقد تولى كبر هذا الجُرم قنوات فضائية آثمة تعيث في الأرض فسادا وهم والله يخشى عليهم من قوله تعالى ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون”

وقوله تعالى ” إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق” وقال العلامة ابن سعدى في الآية الأولى، إذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك، من إظهاره، ونقله، فعلى المسلم أن يعظم حرمات هذا الشهر ويكف سمعه ونظره عن الحرام ويجاهد نفسه على ذلك وله الأجر العظيم من الله، فقال تعالى ” ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه” وقال تعالى “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس له حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ” رواه البخارى، والمقصود بقول الزور، والعمل به هو كل قول أو عمل محرم، فمن عظم شهر الله أن يعصى الله فيه عظمه الله وزاده تقى وخيرا، وإن المختصر في مسائل الصيام، هو بخصوص المفطرات، هى الأكل، والشرب، وماكان بمعناهما كالإبر المغذية، والاستمناء وهو إخراج المني عمدا.

والجماع، وخروج دم الحيض والنفاس، والحجامة، وإخراج القيء عمدا، وأما عن ما هو ليس من المفطرات، فهو خروج الدم من أي مكان من الإنسان بغير اختياره وإذا كان من الفم وجب لفظه، وأيضا القيء غير المتعمد، ودم التحليل اليسير، والطيب، وأيضا شم البخور لكن لايستنشقه، وتذوق الطعام بدون ابتلاع شيء منهن وأيضا الإبر في العضل وإبر السكر والبنج، وأيضا بلع النخامة، أو الريق، وأيضا بخاخ الربو، وأيضا خلع الضرس، ومعجون الإسنان، بشرط ألا يبتلع منه شيء، وأيضا تحاميل الحرارة والبواسير، وأيضا القطرة في العين والأذن، وأيضااللصقات العلاجية التي توضع على الجلد كلها بجميع أنواعها، وأيضا الاحتلام، لكن يجب الغسل إذا وجد منيا ولايفسد صومه، وأما عن صيام أهل الأعذار، فإن أهل الأعذار في الفطر نوعان، وهما من له عذر يرجى زواله وهم المسافر والمريض المرجو برؤه والحائض والنفساء، والحامل والمرضع اللتان تخافان على ولديهما أو نفسيهما من الصيام فهؤلاء يفطرون ويقضون.

وأما عن من له عذر لايُرجى زواله وهم، من عجز عن الصوم لكبر أو لمرض لايرجى برؤه، فهؤلاء يسقط عنهم الصيام ويطعمون مسكينا عن كل يوم، وأيضا يجوز للمسافر الفطر سواء شق عليه السفر أم لا، وإن الأفضل للمسافر الصوم إذا لم يكن فيه مشقة عليه، وإذا تضرر المسافر أو المريض بالصوم حرم عليهما الصيام، وإذا قدم المسافر إلى بلده مفطرا نهار رمضان فلايلزمه الإمساك وكذا الحائض إذا طهرت في أثناء النهار والمريض إذا شُفى، ومن عجز عن الصوم لكبر أو مرض لايرجى برؤه أفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع من أرز أو غيره وقدره كيلو ونصف، ومن أفطر لعذر يرجى زواله كالمسافر قضى قبل رمضان الثاني ومن أخره بعده بغير عذر قضى وأطعم عن كل يوم مسكينا، ومن أفطر لعذر يرجى زواله ثم مات قبل أن يدرك أيام القضاء بعد يوم العيد فلاشيء عليه، ومن سافر إلى بلد صامت قبل بلده فليصم معهم، وإن أفطروا وقد أتم ثمانية وعشرين يوما أفطر معهم وقضى يوما.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *