Share Button
فى طريق النور ومع الإنسان بين الوفاء والغدر “الجزء الأول”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
إن الوفاء خُلق الكرام، به يسعد الفرد في الدنيا والآخرة وبه يعيش المجتمع في أمن وأمان فالحقوق محفوظة والأعراض مصونة والحب والتراحم يسود بين أفراد المجتمع وبه ينال المسلم رضا ربه ويهنأ بدخول جنته، وإن أمتنا الإسلامية هى أمة الوفاء رجالا ونساء صغارا وكبارا قادة وجندا حكاما ومحكومين في الحرب والسلم وفي الشدة والرخاء، فهو دين تتعبد الله به ومتى ما تنصلت هذه الأمة عن هذه القيم والمبادئ والأخلاق في علاقاتها مع بعضا البعض أو مع غيرها من الأمم فأن سنن الله ستطويها وعقاب الله سيحل بها كما حدث للأمم السابقة، ولقد وصف الله تعالى من لا يوفي بعهده بالخسران، وإن من المسلمين اليوم من تجد تقصيرهم ونكثهم لعهد الله ورسوله.
وتنكرهم لدينهم بارتكاب الذنوب والمعاصي ومخالفة أوامر الدين والتفريط في الثوابت والمقدسات وموالاة الأعداء والركون إليهم، وهناك من يتنكر لوطنه وأمته رغبة في منصب أو جاه أو مال أو هوى، وظهر الغدر والخيانة وضيعت الأمانات بين الناس في المعاملات والعلاقات بينهم وضعفت الأخوة بين المسلمين فسفكت الدماء وحلت القطيعة والهجران وساءت الأخلاق وإن السبيل للخروج من هذه الفتن هو أن نفي بعهد الله بتقوية الإيمان والبعد عن الشرك وإقامة فرائض الدين وتزكية النفوس بالأخلاق الفاضلة ومراقبة الله والتطلع والشوق إلى جنته وأن نكون أوفياء لدينه، أوفياء مع بعضنا البعض، أوفياء للحق الذي نحمله، وقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم العهود.
والعقود مع المشركين والنصارى واليهود، ووفى لهم بما تضمنته هذه العقود، دون أن يغدر بهم أو يخون، بل كانوا هم أهل الغدر والخيانة، ومن ذلك الوفاء بالكيل والميزان فالمسلم يفي بالوزن، فلا ينقصه، لأن الله تعالى قال “ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعدوا فى الأرض مفسدين” فمن غش في بيعه وشراءه وسلعته فليس من الإسلام في شيء، وقال صلى الله عليه وسلم “من غشنا فليس منا” وكذلك الوفاء بالنذر فالمسلم يفي بنذره ويؤدي ما عاهد الله على أدائه، والنذر هو أن يلتزم الإنسان بفعل طاعة لله سبحانه وتعالى ومن صفات أهل الجنة أنهم يوفون بالنذر، فيقول الله تعالى “يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا”
ويشترط أن يكون النذر في خير، أما إن كان غير ذلك فلا وفاء فيه، ومن ذلك الوفاء بالوعد، فالمسلم يفي بوعده ولا يخلفه، فإذا ما وعد أحدا، وفي بوعده ولم يخلف لأنه يعلم أن إخلاف الوعد من صفات المنافقين، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “آية المنافق ثلاث، إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان” متفق عليه، ولقد وصف الله إسماعيل عليه السلام بقوله تعالى ” واذكر فى الكتاب اسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا” وإن من الوفاء أن لا ينسى المرء من أحسن إليه أو أسدى إليه معروفا فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأوفياء كان وفيّا حتى مع الكفار، فحين رجع من الطائف حزينا مهموما بسبب إعراض أهلها عن دعوته.
وما ألحقوه به من أذى، لم يشأ أن يدخل مكة كما غادرها، إنما فضل أن يدخل في جوار بعض رجالها، فقبل المطعم بن عدي أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في جواره، فجمع قبيلته ولبسوا دروعهم وأخذوا سلاحهم وأعلن المطعم أن محمدا في جواره، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم الحرم وطاف بالكعبة، وصلى ركعتين، ثم هاجر وكون دولة في المدينة، وهزم المشركين في بدر ووقع في الأسر عدد لا بأس به من المشركين فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لو كان المطعم بن عدي حيّا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له” رواه البخاري، فانظروا إلى الوفاء حتى مع المشركين، وهذا هو أبا البحتري بن هشام؟ إنه أحد الرجال القلائل من المشركين الذين سعوا في نقض صحيفة الحصار والمقاطعة الظالمة التي تعرض لها رسول الله وأصحابه.
قد تكون صورة لـ ‏‏٢‏ شخصان‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *