Share Button

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع الإيمان وطريق الهداية، فهو إن صبر فبغير احتساب وصبره كصبر البهائم لما يحمل عليها من أثقال، أو تلقى من أصحابها في مشقة، وهو إن جزع فإنما يجزع بتسخّط على الله تعالى الذي قدّر الأشياء لحكمة وعبرة، فحياته قلق وضجر، والقاسم المشترك ما بين المؤمن والكافر في تحمل المصائب والكوارث، والاستسلام للأمر وتطبيقه أو النكوص عنه، هو العامل الإيماني، الذي تتفتح عنه النفوس، وتتقبله القلوب كما توضحه الآية الكريمة ” ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم” وإن الإسلام بنظامه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يقدم لنا أفضل نموذج للأمن الاجتماعي، وكذلك لابد من تفعيل دور الأسرة في بناء الإنسان السوي.
وسد الثغرات التي ينشأ منها الخروقات الأمنية والإنحرافات، والتأكيد على دور المدرسة في تنمية الأخلاق العامة لخلق الجيل الناهض، وتحصينه من الإنحراف، وكذلك التأكيد على دور المسجد كمنطلق لتكوين التجمعات المناطقية القائمة على التكاتف والتعاون، وتحفيز المجتمع على التعاون والتكاتف والتراحم وإشاعة روح التواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتكفل اليتامى والمشردين واحتضانهم في مؤسسات الرعاية الاجتماعية والصحية، والعمل على رفع مستوى الدخل الفردي بمكافحة التضخم والبطالة، وكذلك بث ثقافة التعايش في المجتمع، وإشاعة روح التسامح وحسن الظن بالآخرين، وتفعيل دور القضاء واحترام القانون والالتزام بالمقررات والتعليمات التي تنظم شؤون المجتمع.
وتشديد العقوبة على المنحرفين والأشرار، وإقامة صندوق للصدقات والكفارات والهبات وتنظيم توزيع إيراداتها على المحتاجين وحسب حاجاتهم، وكذلك إشاعة روح المواطنة وحب الوطن وزرع روح المشاركة للعمل على اعماره والحفاظ على وجهه الحضاري، وأيضا إيجاد جهاز للمشاورة الاجتماعية والتربوية يلحق باحدى الوزارت المعنية مهمته تقديم المساعدة لذوي المشكلات النفسية والاجتماعية، فإننا نطالب بتعميق معنى الإيمان بالله واليوم الآخر في مجتمعاتنا عن طريق مناهج التعليم ووسائل تكوين الرأي العام من صحافة وإذاعة وتلفاز وسينما، ونطالب بتعميق معنى الإيمان بالله واليوم الآخر حتى تتوافر تلك الشفافية المرهفة التي وجدت في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولرجال القرن الأول.
ونطالب بتعميق معنى التعبد في السلوك عن طريق التعليم ووسائل تكوين الرأي العام، فإن أثر الإيمان في إشاعة الأمن والاطمئنان من منظور القرآن والسنة، موضوع واسع ومتشعب، وتتبع النصوص من الكتاب الكريم، وهدى المصطفى صلى الله عليه وسلم يستوجب حيزا أكبر، ومجالا أوسع،لأن راحة النفس لا تكون إلا بالإيمان، ورخاء المجتمع لا يكون إلا بالأمان، والأمان ثمرة من ثمار الإيمان، وحصيلة من حصائل العقيدة الصافية، والإيمان والعقيدة الصافية لا يكونان إلا بعد الدخول في الإسلام وفهمه جيدا، وتطبيقه عملا، ونفس بلا إيمان فيها تبقى مضطربة وقلقة، وتائهة وخائفة، فأما اضطرابها فلأنها كالسفينة التي تتقاذفها الرياح في البحر، فتموج بها تقلبات الجو يمينا وشمالا.
وتتقاذفها العوامل المؤثرة التي تطغى عليها، فهي لم تجد ما يرسيها، أو يوصلها لبرّ الأمان، لأن كل نفس تأخذ مصدرا تشريعيا في سلوكها، أو منهجا عقديا في تصرفاتها، فى غير المصدر الذى أوجده الله للمؤمنين، وارتضاه سبحانه لعباده وبعث به رسله، فإنه لا يلبي رغبة، ولا يريح نفسا، ولا يحقق هدفا، والمصدر الذي ارتضاه الله تعالى هو كتابه القويم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه تنزيل من عزيز حكيم، ثم ما بلغ به المصطفى صلى الله عليه وسلم من وحي عن ربه أو أوضحه من شرع لصالح الأمة وإنقاذهم من الضلالة، مما يعالج ما يختلج في النفوس، ويؤرق الضمائر، وبهذين المصدرين تسكن النفس من اضطرابها، وترتاح في مسيرتها، وتطمئن على حاضر أمرها ومستقبله.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *