Share Button

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع الإيمان وطريق الهداية، فالإيمان وقته الحياة الدنيا، حيث الفسحة من العمر، وحيث الابتلاء والاختبار، وحيث موطن الصراع بين الخير والشر، بين الشيطان وأعوانه، وبين الإستجابة للحق وهو اتباع دين الله، وما جاء في كتبه، وأنزل على رسله، وهذا يؤصله القرآن الكريم والسنة المطهرة، بأن موطن الاستجابة في الدنيا حيث تصارع النفس هواها، ويدعوها الهدي الشرعي للوقوف باطمئنان دون نوازع الشر المخالفة له، فالتوبة التي جعلها الله تطهيرا للنفوس، ما هي إلا عودة للإيمان بإطمئنان وراحة عندما تسرف النفوس في الابتعاد عن أوامر الله وتعاليم شرعه، وهي مدخل إيماني واسع تحث عليها المصادر الشرعية في مواطن كثيرة.
وبترغيبات أوضحها رسول الله صلى الله عليه وسلم تشد النفوس، وتقويها في الاستجابة، وتطمعها برجاء وخوف في الفضل العظيم المحسوس والملموس، فيقول الله تعالى “قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم” وباب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالنسبة للنفس البشرية فمما يطمئنها أن التوبة مقبولة ما لم تغرغر الروح، وهذه بشارة مريحة تبعث الأمل، وعلامة إقفال باب التوبة في هذه الحياة الدنيا خروج الدابة التي تسم الكافر والمؤمن بعقيدة كل منها، فلا يخفى بعضهم عن بعض كما قال الله تعالى ” وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون”
ذلك أن الخير في الإيمان وأن النجاة في التمسك به، فظواهره في الدنيا بارزة في أمور من حياة الفرد والجماعة، وفي الآخرة بالفوز والنجاة بما تجده النفس مدّخرا، يتمثل أمامها عينا بارزة، بعد أن كان أمرا مخفيا فتتمنى العودة للإيمان، ولكن لا مجال لذلك يقول عز وجل في تخويف المكذبين المعاندين “هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو يأتى بعض آيات ربك يوم يأتى بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرا، قل انتظروا إنا منتظرون” وكنموذج واقع يجب أن تأخذ منه النفوس عبرة يحكي الله قصة فرعون الذي طغى وتجبّر فبعد أن أدركه الغرق، وعاين العقاب، ضاع عنه عزه وسلطانه، ودب فيه الخوف لأنه لم يستطع أن يدفع عن نفسه شيئا.
فأراد أن يرجع للإيمان لعله ينقذه مما حلّ به، فإيمان فرعون الذي تلفظ به يريد به الأمان والاطمئنان من عذاب الله وعقابه، بعد أن عاين المصير، الذي سيؤل إليه كما جاء في الحديث فقال صلى الله عليه وسلم “بأن الإنسان إذا مات فإن كان محسنا قال عجلوني عجلوني، وإن كان مسيئا يصيح يا ويلتاه أين تذهبون بي، فيسمعه كل شيء إلا الثقلين الإنس والجن، ولو سمعوه لصعقوا” رواه مسلم، وما ذلك إلا أن الأول قد أري منزلته جزاء إحسانه فاطمأنت نفسه، واحب الإسراع بالوصول إليها، لأنها تفضّل من الله سبحانه وتعالى عليه، وإن كل ما تقدم ذكره من وسائل التأثير بالإيمان والعبادة على الناس للقضاء على الجريمة لا يكفي دون أن تكون هناك زواجر لأن بعض النفوس لا ترتدع عن الشر.
ولا تكف عن الجريمة بطريقة الإقناع، ولا تريد أن ترتقي إلى المستوى الكريم النظيف الذي جاء الدين لتقريره، وإن هذه النفوس لا يصلحها إلا الزجر والتأديب والعقوبة، فكانت لذلك الحدود في الإسلام، وإن إنسان لا تنفع معه كل وسائل الوعظ والتوجيه، وكل عوامل الارتقاء الموجودة في مجتمع الإيمان لا يستحق أي رحمة أو شفقة، فكما أن الإنسان يرضى عن طواعية أن يستأصل العضو الفاسد من جسده خشية من تسرب الفساد إلى أعضاء الجسد الأخرى إن أبقاه، فكذلك توقيع العقوبة على المجرمين، وإن إقامة الحدود متصلة بالعبادة أعظم الاتصال، ففي العقوبة مجازاة الجاني، وردع الآخرين، وإصلاح المجتمع، وفي القصاص حياة للمجتمع كله.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *