Share Button

فى طريق النور ومع الحلال بيّن والحرام بيّن ” الجزء الثانى عشر ”
إعداد / محمــــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى عشر مع الحلال بيّن والحرام بيّن، وقد توقفنا مع سب الصحابى الكرام، فقد نقل القاضى عياض عن الإمام مالك قوله “من شتم النبى صلى الله عليه وسلم قتل، ومن شتم أصحابه أدب” وقال أيضا “وإن شتمهم مشاتمة الناس، نكل نكالا شديدا” وعنه أيضا قال “من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو كان فى قلبه عليهم غل، فليس له حق فى فيء المسلمين” وإعلم أنك موقوف يوم القيامة بين يدي القاضي العدل سبحانه، لتحاسب على كل ما سطرته يدك أو قلته فى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الصحابة الكرام، فقد قال تعالى فى سورة ق ” ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد” فلئن وجدت اليوم المرتع خصبا، فتمضمضت بأعراض الصحابة الأطهار، فمن يجيرك يوم القيامة من بطش الواحد القهار؟ فكما قال القائل تذكر وقوفك يوم العرض عريانا، مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا، والنار تلهب من غيظ ومن حنق، على العصاة ورب العرش غضبانا، اقرأ كتابك يا عبدي على مهل، فهل ترى فيه حرفا غير ما كانا.

وفي إطار حديثنا عن مظاهر أكل أموال الناس بالباطل، فقد تكلمنا عن الطعن على رموز المسلمين، من الصحابة الكرام، والتابعين الأخيار، والعلماء الأبرار، وذلك فى زرع الفتنة بين المسلمين الآمنين، وإثارة للبلبلة والشكوك في تاريخهم، ومصادر تدينهم، مما يجعل الأموال التي يجنونها من هذا السب والشتم أموال حرام، اكتسبوها بطرق غير شرعية، وسوف تكون عليهم في الدنيا ويوم القيامة، فقال الله تعالى فى سورة الأنفال ” فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون” ومع آفة أخرى من آفات تحصيل المال الحرام، فهى آفة سوقها قائمة، وتجارتها في إفساد العقول والنفوس رائجة، فهى آفة جمعت من المضار أشدها، ولملمت من المخاطر أعظمها آفة ما حلت بأرض إلا وحدقت بها الأخطار، ولا أناخت بباب قوم إلا وكانت علة الخراب والدمار فكم شجار وقع بسببها؟ وكم عرض هتك من جرائها؟ وكم مال سرق في سبيل الحصول عليها؟ وكم روح أزهقت لما دارت برؤوس أصحابها؟ إنها المخدرات، التي يبدأ صاحبها بالتدخين، الذى ابتلي به الكثير والكثير.

فإن المخدرات التي تجعل صاحبها بلا عقل يفكر، ولا وعى يميز، ولا قلب يلين ويرحم، إنها المخدرات التي تمنع صاحبها من أعظم قيم الإسلام، فيحرم الصدق، والأمانة، والوفاء، والإخلاص، والتعاون على البر، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، إنها المخدرات التي ثبت أنها من أعظم أسباب الطلاق، والتفكك الأسرى، وهى من أشد أسباب الأمراض السرطانية والعصبية وضعف القوة، فلا غرابة أن يكون هذا السلاح الفتاك محط نظر الصهيونية العالمية لإفساد البشرية، حتى قالوا “لا بد أن نشغل غيرنا بألوان خلابة من الملاهي، والألعاب، والمنتديات العامة، والفنون، والجنس، والمخدرات، لنلهيهم عن مخالفتنا، أو التعرض لمخططاتنا” ولقد اعترف بعض تجار المخدرات في بعض البلاد الإسلامية، أن طلبة الكليات ومدارس الثانويات، يشكلون ثلث زبائنهم، ومن هؤلاء الطلبة من ارتقى به الحال إلى أن صار من مروجى المخدرات، وحتى يستفيق الآباء والأمهات، الذين ينشغلون عن تربية أبنائهم بمشاغل الدنيا.

فإن عليهم أن يعلموا أن واحدا من كل أربعة فتيان بين الحادية عشرة والسادسة عشرة، تعاطوا ولو على سبيل التجربة للمخدرات، أو الكحول، أو المنشطات، أو الدخان، ويقول أحد الطلبة “إن مروجي المخدرات هم الطلبة أنفسهم، ينصبون فخا للطلبة الجدد، فيقدمون لهم حبوب هلوسة بالمجان، لجرهم إلى عالم الإدمان، ليشتروها بعد ذلك بأثمان باهظة، حتى اضطر أحدهم إلى سرقة السيارات وبيعها لهم، مقابل جُرع من هذا السم القاتل” واعترف أحدهم بقوله “إنني خسرت دراستى الجامعية، وضيعت ثروتي على المخدرات، كما تحولت إلى سارق حين مددت يدي إلى متاع والدتي ذات يوم” ولم يقتصر الأمر على الذكور، بل شمل الإناث أيضا، وبشكل خطير، فهذه طالبة جامعية تعترف في عيادة طبيبها بأن خمسة وعشرون من زميلاتها يتعاطين حبوبا مخدرة أو مهلوسة وتقول الأخرى بأنها أدمنت على الحبوب المهلوسة بعد أن غررت بها إحدى رفيقات السوء، فقدمت لها حبوبا مخدرة، مدعية أنها حبوب طبية لمعالجة آلام الرأس، فعجبا لمن يقتل نفسه.

عبر الموت البطيء الذي تسببه المخدرات، والله تعالى يقول كما جاء فى سورة النساء ” ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا” فالمخدرات إما مهدئات تؤدى إلى الإصابة بالصرع، وأمراض الكبد، والآلام، وإما مهيجات تؤدي إلى إصابات الدماغ المختلفة، وأمراض القلب، وإما مهلوسات تؤدى إلى الشلل والارتعاش، أما الحقن، فتقود صاحبها إلى مرض فقدان المناعة وهو الإيدز، وقد اتفق العقلاء على أن المخدرات كلها سم قاتل قتلا بطيئا، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول “من تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا” متفق عليه، ويقول صلى الله عليه وسلم “أنهى عن كل مسكر” فالقطران الذى يستقبله جسم المدخن من السيجارة المحترقة، هو عذاب أعده الله تعالى للمجرمين يوم القيامة، فقال تعالى فى سورة إبراهيم ” سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار” ومعنى سرابيلهم أى قمصانهم وملابسهم، وإن من الأخلاق الفاسدة.

التي يتحصل منها مال حرام، أيضا ويكون وبالا على صاحبه في الدنيا، ومطية للهلاك في الأخرى، وهى القمار، والرشوة، والسرقة، وشهادة الزور، وشرب الخمور، وتأكل الأقلام المرتابة بسب الصحابة، والمخدرات، وأيضا من أعظم آفات الكسب غير المشروع، وهى اكتسحت كثيرا من محلاتنا، وشركاتنا، وأفسدت العلاقة بين البائع والمشتري، وزرعت بينهما عقدة الشك والارتياب، إنها آفة الغش في التجارة، والتحايل على المشترين، بتزيين الفاسد، والتكتم على العيوب، وتزوير جودة المبيعات، مما انتشر في العالم كله، وإن التجارة مصدر مهم من مصادر الرزق، يعالجها جل الناس الذين هم بين بائع أو مشتر، فوجب أن تضبط بأخلاق الشرع، وتحاط بعناية التراضي والصدق والورع، فيقول الله تعالى” يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم” ويقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “رحم الله رجلا سمحا إذا باع “أى بمعنى سهلا لينا” وإذا اشترى، وإذا اقتضى “

أى بمعنى طلب الذي له على غيره” رواه البخارى، فإن معظم تجارتنا اليوم قد غزاها الغش من كل مكان، وأحاط بها المكر من كل جهة، واكتسحها الخداع والتزوير والتحايل إلا من رحم الله، حتى صار المشترى يفترض السوء فى البائع، وأنه يجب أن يكون على قدر كبير من الفطنة واليقظة، حتى لا يقع في شباك الغش التجارى، الذى جعله ابن حجر في كتابه “الزواجر عن اقتراف الكبائر” كبيرة من الكبائر، لأنه يدل على ضعف في الشيء واستعجال فيه” كما قال ابن فارس، ولأنه “نقيض النصح، وهو مأخوذ من الغشش، وهو المشرب الكدر” وكما قال ابن منظور، وعن ابن عمر رضى الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام وقد حسّنه صاحبه، فأدخل يده فيه، فإذا طعام رديء، فقال “بع هذا على حدة، وهذا على حدة، فمن غشنا فليس منا” رواه أحمد، وها نحن نرى اليوم بعض بائعي الخضر، أو الفواكه، أو الحبوب، يزينون ظاهر أكياس السلعة، ويجعلون الرديء في الأسفل.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *