Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع الرأفة والرحمة وجبر الخواطر، ومن بين الأخلاق التي ينبغي مراعاتها في حياتنا الاجتماعية وعلاقاتنا الإنسانية هو نشر المحبة والألفة والأخوة وسلامة القلوب، ومن بين ما يساعد على ذلك هو تطييب خواطر المنكسرين، والضعفاء، والمعوزين، والمضطهدين، والمنكوبين، ومن واقعنا العملي نماذج كثيرة شرعها ديننا الحنيف لجبر الخواطر وتطييب النفوس، لأجل ذلك كان من السنة تعزية أهل الميت وتسليتهم ومواساتهم وتخفيف الألم الذي أصابهم عند فقد ميتهم، وكذلك عند مشاهدة بعض الفقراء أو اليتامى شيء من قسمة الميراث فمن الأفضل أن يخصص لهم من المال شيئا يجبر خاطرهم ويسد حاجتهم حتى لا يبقى في نفوسهم شيء.
حيث قال تعالى فى سورة النساء ” وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا” فما أجمل تطييب للخاطر وأرقى صورة للتعامل فقال ابن قدامه رحمه الله، وكان من توجيهات الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، فكما كنت يتيما يا محمد صلى الله عليه وسلم، فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، ولا تذله، بل طيب خاطره، وأحسن إليه، وتلطف به، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك، فنهى الله عن نهر السائل وتقريعه، بل أمر بالتلطف معه، وتطييب خاطره، حتى لا يذوق ذل النهر مع ذل السؤال، ولم يكن ولن يكون إنسان مثل الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك العبادة العظيمة، وذلك الخلق الكريم، ألا وهو جبر الخواطر.
فهو الأسوة الحسنة في كل خلق عظيم، وتحفل سيرته العظيمة الشريفة بالعديد من المواقف التي تكشف حرصه الكبير على جبر الخاطر لكل تعامل معه صلى الله عليه وسلم، فقد جاء رجل فقير بقدح مملوءة عنبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهديه له، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم القدح وبدأ يأكل العنب، فأكل الأولى وتبسم، ثم الثانية وتبسم، والرجل الفقير يكاد يطير فرحا بذلك، والصحابة ينظرون قد اعتادوا أن يشركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شيء يهدى له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل عنبة عنبة ويتبسم، حتى أنهى القدح والصحابة متعجبون، ففرح الفقير فرحا شديدا وذهب، فسأله أحد الصحابة يا رسول الله لِما لم تشركنا معك؟
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد رأيتم فرحته بهذا القدح وإني عندما تذوقته وجدته مُرا فخشيت إن أشركتكم معي أن يُظهر أحدكم شيئا يفسد على ذاك الرجل فرحته، فلقد جبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخاطر الفقير ولم يجرحه بكلمة أو حتى بتعبير وجهه، وقيل بعد غزوة حنين يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة والمواقف في جبر خواطر الأنصار ويرضيهم ويهديهم أجمل هدية، حيث أنه لما أعطى صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا، في قريش وفي قبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم ؟ حتى كثرت منهم القالة حتى قال قائلهم لقد لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه.
فدخل عليه سعد بن عبادة، فقال يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم، لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ قال يا رسول الله ما أنا إلا من قومي، قال “فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة” قال فخرج سعد، فجمع الأنصارفي تلك الحظيرة، قال فجاء رجال من المهاجرين فتركهم، فدخلوا، وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد، فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *