Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع الرأفة والرحمة وجبر الخواطر، وقد توقفنا مع موقف الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد، فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال “يا معشر الأنصار ما قالة، بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا بلى، الله ورسوله أمن وأفضل، ثم قال صلى الله عليه وسلم “ألا تجيبونني يا معشرالأنصار ؟ قالوا بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل قال صلى الله عليه وسلم “أما والله لو شئتم لقلتم، فلصدقتم ولصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك.
وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار” قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا” فكثيرة هى المواقف والأحوال التى يحتاج الناس عندها لجبر خواطرهم فمثلا تسن التعزية والمواساة لأهل الميت.
والتخفيف عما أصابهم من مصيبة الفقد، والتسرية عن قلوبهم التي تعتصر ألما، وما ذلك إلا من باب جبر الخواطر، وكذلك المريض يحتاج من يتفقده ويجبر خاطره، وكلنا يعلم حاجة الفقير، واليتيم، والمسافر، والغريب لجبر الخاطر والكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، ومن عظيم الأحكام فى الإسلام جبر الله بحال الأيتام والمساكين الذين يحضرون تقسيم الميراث، وعاتب الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم عندما أعرض عن ابن أم مكتوم وهو أعمى جاءه سائلا مستفسرا، وفي ذلك الوقت كان النبي صلى الله عليه وسلم منشغلا بدعوة صناديد قريش، فعاتبه الله بآيات ما زالت تقرأ وتحفظ إلى يومنا هذا، ويدل ذلك على أهمية جبر الخواطر.
كما أننا لا ننسى موقف المطعم بن عدي الذي آوى إليه النبي صلى الله عليه وسلم في رحلته المؤلمة إلى الطائف، فهذه المواقف وغيرها الكثير تربينا على أهمية جبر الخاطر وتفقد الآخرين، وتخبرنا متى يجب علينا السؤال عن الحال، وكيف نجبر النفوس، ونعتني بالقلوب، فإننا عندما نتحدث عن جبر الخواطر وكيفية تمثلها حقيقة لا مجازا، وفعلا لا قولا، فلا نجد خيرا من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للإقتداء به فالرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم الأول، والقدوة التي اقتدى بها أتباعه، وشريعته مرسومة كخطة ذهنية في عقول الصحابة، لا يحيدون عنها مهما التفت بهم الحياة، ولطالما كانت أفعالهم لها الأثر البالغ في النفوس فكانوا جابرين للخواطر.
سائرين بين الناس بابتسامة، مدخلين السرور على قلوب العباد، هم بشر ولكنهم تخلقوا بأخلاق الأنبياء، حتى في الحروب أخلاقهم حاضرة، فلنتذكر جيدا أن أحق الناس بحسن الخلق وجبر الخواطر هم أهل البيت، لذا وجب علينا أن نحسن إليهم وأن نجبر بخواطرهم، وبعدها نتفقد الأقرب فالأقرب من أهل الحي والجيران، والساعي في جبر الخواطر يجبره الله تعالى، فلنكن نحن مسببي الفرح لا باعثي الحزن والتعاسة، ولنتعلم ثقافة الاعتذار فإذا أخطأت اعتذر، ولنتعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن السلف الصالح الذين كانوا وما زالوا مثل يحتذى به في كل زمان ومكان، وإن القسوة لا تورث في القلب إلا الكره والحقد، ولا تملأ القلب إلا تعاسة وتنغيصا في العيش.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *