Share Button
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع المواساة فى القرآن الكريم، فانظروا إلى هذا التوحد في إحساس هؤلاء القوم ببعضهم من الأنصار والمهاجرين حتى صار من يملك شيئا يقتسمه مع من لا يملك بكامل الرضا والسماحة، وانظروا إلى الشرف العظيم الذي نالوه بهذا الصنيع، وأي شرف أكبر من أن يقول عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فهم مني وأنا منهم” وأما عن ثواب هذا التكافل فإنه ثواب عظيم في الدنيا والآخرة، فلقد عدّه رسول الله صلى الله عليه وسلم كالجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام، فيقول في الحديث الذي رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضى الله عنه “الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله” فهل نعجز عن تحصيل ثواب هذا الجهاد؟
بمثل هذا العمل الذي قد يكون أيسر على كثير منا من الجهاد بالنفس؟ بل ويرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ ويشجع عليه حتى يجعل من يقوم بهذا الواجب الإسلامي العظيم رفيقا له في الجنة، فيقول فيما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضى الله عنه ” أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما، فمن ذا الذي يرغب عن مصاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة؟ ومن ذا الذي يزهد في هذا الفضل العظيم؟ فهذا هو التكافل الاجتماعي الذي نادى به الإسلام قبل أن تنادي به النظريات الاجتماعية الوضعية، وحث أتباعه عليه، وكان قدوة الناس في هذا، شاعرا بمعاناة المسلمين، يعيشها معهم بكل جوارحه.
ولم يكن محجوبا عنهم متعاليا عليهم، كان يجوع إذا جاعوا، ويأكل إذا أكلوا، بل قد يأكلون ولا يأكل ، كل ذلك ليعلم الأمة أهمية أن يشعر بعضهم بهموم بعض، وأن يساعد بعضهم بعضا، فاتقوا الله وتعاونوا وتآزروا وتناصحوا، ولا يقل كل واحد منا نفسي نفسي لأنه لا غنى لمسلم عن إخوانه، فإن التكافل الاجتماعي نحن مأمورون بإحيائه والعمل به، لإرضاء ربنا عز وجل وما يترتب على هذا من ثواب عظيم في الدنيا والآخرة، وثانيا لحفظ أنفسنا وإخواننا ومجتمعاتنا من التمزق وانتشار الرذائل والجرائم، والناظر في الانحرافات والجرائم المنتشرة في المجتمع يرى أن العامل الأساسي المشترك بينها هو غياب التكافل الاجتماعي.
وغياب إحساس المسلمين بعضهم ببعض، فإن المؤمن يبكي ويتحسر عندما يرى من هو مشرد جائع ومحتاج ضائع وبائس فقير، وإن المسلم لا يشبع وأخوه جائع، ولا يرتاح وأخوه يعاني الفاقة والشدة والحاجة، وكيف نفرح وبين أظهرنا فقراء محاويج؟ فإن كثير من الناس في ضل هذا الصراع المرير والوضع المتردي ليس عندهم ماياكلون، فبيوتهم خاويه، ليس بها زاد إلا رحمة رب العباد، وكم من أرمله مغمومة مهمومة، يتلوى صغارها، ويتقطع خمارها، ولكن هيهات أن تجد مغاثها إلا من الرحمن الرحيم، ونحن متفرجون ولها مكذبون، نظن حالهم أعلى من حالنا، والله أعلم بما تخفي وتكن من فقرها، وتلك نبذها أهلها ومعها أبناؤها وصغارها فمن يعلوهم.
ويقوم بحقهم ويعطيهم الزاد والطعام حسبناوحسبهم الله ونعم الوكيل، فهل يهنأ لكم عيش وتفرحون ومن حولكم يتجرعون غصص الجوع؟ فانظروا المحاويج والمعسرين، ما أكثر من أثقلتهم المتغيرات والخطوب وطحنتهم الاحداث والحروب فأصبحوا في فقر وبطاله وذل ومهانة، وتشريد ونزوح لا تأويهم البيوت، ولا يسعهم مكان، فكم من متعفف بات خاليا، وكم من آيسة ضائقة بائسة استهواها الشيطان وحزبه لفقرها وحاجتها وبكاء صغارها، والذئاب يريدون أن يفتكوا بعرضها، أين أنتم يا مسلمون؟ فإن الكثير من الأسر بيوتهم أوهى من بيت العنكبوت، فهذا برد الشتاء القارص ياكل أجسامهم ويؤذي فلذات اكبادهم نقص كبير، وفقد الغذاء وانعدام للفراش والكساء ؟
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *