Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل مع الوضوء ومع حكم خلع الجورب لمن هو على طهارة ؟ والجواب لابن باز رحمه الله يقول: إذا مسح الجورب بعد الحدث، ثم خلعه بطل الوضوء عند عامة أهل العلم، وفي قول شاذ لبعض التابعين، لكن ليس عليه المعول، والذي عليه عامة أهل العلم أنه يبطل الوضوء إذا خلع الخفين والجوربين بعد المسح، وقد أحدث قبل ذلك يبطل الوضوء، وهناك رأى آخر لإبن تيميه رحمه الله يقول : إذا خلع الخف أو الجورب بعد أن مسح عليهما فلا تبطل طهارته على القول الصحيح من أقوال أهل العلم ، وذلك لأن الرجل إذا مسح على الخف فقد تمت طهارته بمقتضى الدليل الشرعي.

فإذا خلعه فإن هذه الطهارة الثابتة بمقتضى الدليل الشرعي لا يمكن نقضها إلا بدليل شرعي ، ولا دليل على أن خلع الممسوح من الخفاف أو الجوارب ينقض الوضوء، وعلى هذا فيكون وضوءه باقياً وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم، ولكن لو أعاد الخف بعد ذلك وانتقض وضوءه ثم أراد أن يمسح عليه في المستقبل فلا، لأنه لابد أن يلبس الخف على طهارة غسل فيها الرجل، والله تعالى أعلم، وأما عن الوسوسة في الوضوء ؟ فعليك أن تستنجى من البول، وعدم العجلة، حتى ينقطع البول، ثم تكمل الوضوء، ولا حاجة إلى وضع المناديل في فتحة الذكر، وعليك أن تعرض عن الوساوس حتى ينقطع عندك ذلك إن شاء الله، والأفضل هو أن تنضح بالماء ما حول الفرج بعد الفراغ من الوضوء.

وإن الوساوس وكثرة الشكوك لا علاج له إلا بأن تعرض عنه فلا تلتفت إلى شيء من هذه الوساوس، فكلما وسوس لك الشيطان بأن وضوءك قد انتقض فابن على الأصل وهو أن وضوءك باق لم ينتقض، وكلما وسوس لك الشيطان بأنك لم تكبر أو لم تسبح أو لم تقرأ الفاتحة فقل له بلسان حالك بلى قد كبرت وسبحت وقرأت، وإن وسوس لك أنك صليت ركعة لا ركعتين فاجعلهما ركعتين وأعرض عن وسوسته، فإنه يريد إتعابك وصدك عن العبادة، واعلم أنك إن لم تفعل ما نوصيك به فستبقى في هذا العناء وذلك الهم، وأما إذا كان هناك وسوسه فى خروج قطرات البول فإن كان مجرد وسوسة فأعرض عنها ولا تلتفت إليها كما ذكرنا، وأما إن كنت متيقنا من خروج البول فلا تتوضأ حتى ينقطع خروجه تماما.

ثم تطهر بدنك وثيابك من آثار ذلك البول وتتوضأ وتصلي ما دمت تجد في أثناء وقت الصلاة زمنا يتسع لفعلها بطهارة صحيحة، وأما عن انتقاض الوضوء أثناء الصلاة بصوت أو ريح لصاحب الحدث الدائم ؟ فإذا انتقض وضؤوك في الصلاة عن يقين بسماع الصوت أو بوجود الرائحة، فعليك أن تعيدي الوضوء والصلاة، لقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،” إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليعد الصلاة ” رواه أهل السنن بإسناد حسن، ولقوله صلى الله عليه وسلم، ” لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ” متفق عليه، وأما عن ماذا يفعل من يحس بخروج قطرات من البول بعد غسل مكان البول ؟ فهذا الأمر قد يقع من باب الوساوس والأوهام، وهو من الشيطان.

وقد يقع لبعض الناس حقيقة، فإذا كان حقيقة فلا يعجل حتى ينقطع البول ثم يغسل ذكره بالماء وينتهي، وإذا خشي من شيء بعد ذلك فليرش ما حول الفرج بالماء بعد الوضوء، ثم يحمل ما قد يتوهمه بعد ذلك ، وهل يلزم الوضوء لكل صلاة للمرأة التي تجد رطوبة تخرج من الرحم؟ والجواب هو إذا كانت الرطوبة المذكورة مستمرة في غالب الأوقات فعلى كل واحدة ممن تجد هذه الرطوبة الوضوء لكل صلاة إذا دخل الوقت، كالمستحاضة، وكصاحب السلس في البول، فتكون هذه الرطوبات ناقضة للوضوء فهو قول الجماهير من العلماء، وذهب بعضهم إلى أنها لا تنقض الوضوء وهو قول ابن حزم وترجيح الشيخ العثيمين في أحد قوليه، والراجح عندنا هو مذهب الأئمة الأربعة وعامة العلماء.

وأن هذه الإفرازات المعروفة برطوبات الفرج ناقضة للوضوء كما هو مبين في الفتوى المحال عليها، ثم إن كان خروج هذه الإفرازات مستمرا بحيث لا تجد المبتلاة بها زمنا يتسع لفعل الطهارة والصلاة أو كانت متقطعة لكن كان وقت الانقطاع غير معلوم بأن كان يتقدم تارة ويتأخر أخرى ويحصل تارة ولا يحصل أخرى فحكم المبتلاة بهذه الرطوبات حكم دائم الحدث فتتوضأ للصلاة بعد دخول وقتها وتصلي بوضوئها ذاك الفرض وما شاءت من النوافل حتى يخرج وقت الصلاة، وأما إن لم يكن الأمر كذلك كان خروج تلك الإفرازات ناقضا للوضوء، ثم إذا شكت المرأة في خروج شيء منها لم يلزمها التفتيش ولا البحث وعملت بالأصل وهو صحة طهارتها لأن يقين الطهارة لا يزول بالشك عند الجمهور.

وإذا شكت في وقت خروجها أضافته لآخر وقت يمكن أن تكون خرجت فيه، والله أعلم، وأما عن شعور الإنسان أثناء الصلاة كأنه يخرج منه بول هل يبطل الصلاة؟ فهذا الشعور لا يبطل به الوضوء، ولا الصلاة، لأنه مجرد وسوسة من الشيطان، وصلاتك صحيحة، ولا يضرك هذا الوسواس إلا إذا جزمت وتحققت أنه خرج منك بول، فإذا جزمت بذلك، فعليك أن تعيد الاستنجاء والوضوء والصلاة، وتغسل ما أصاب بدنك وملابسك من البول، وأما عن السائل الأبيض الخارج من المرأة هل ينقض الوضوء؟ فكل ما يخرج من الفرجين من السوائل فهو ينقض الوضوء، بحق الرجل والمرأة، وأما عن حكم مصافحة المرأة الأجنبية وهل تنقض الوضوء؟ فإنه لا يجوز للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية.

لقوله النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إني لا أصافح النساء وقول السيده عائشة رضي الله عنها: والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام ولما في مصافحتهن من أسباب الفتنة. أما مس المرأة ففي نقضه للوضوء خلاف، وقد تكلمنا عنه بالتفصيل فى الجزء السابق، وأما عن كيفية الوضوء؟ فهى أن تغسل يديك ثلاثا، وتتمضمض وتستنشق ثلاثا، والمضمضة وهى جعل الماء في الفم ومجه وطرحه، والاستنشاق هو جذب الماء بالهواء إلى داخل الأنف، ثم تغسل وجهك ثلاثا، ثم تغسل يديك إلى المرفقين ثلاثا، ثم تمسح رأسك، وتمسح الأذنين، ثم تغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثا، وهذا هو الأكمل.

وقد ثبت ذلك عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في أحاديث في البخاري ومسلم رواها عنه عثمان وعبد الله بن زيد وغيرهما، وقد ثبت أيضا عنه في البخاري وغيره أنه توضأ مرة مرة، وأنه توضأ مرتين مرتين بمعنى أنه يغسل كل عضو من أعضاء الوضوء مرة، أو مرتين، وأما عن الاستنشاق فهو جزء من الوضوء وفيه من الفوائد الكثير فقد روي عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه قال : “بالغ في الاستنشاق ما لم تكن صائماً “ وحديث لقيط قال قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال “أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق ما لم تكن صائماً “ ولاستنشاق هو جعل الماء في الأنف، والمبالغة هو إيصال الماء إلى البلعوم عن طريق الأنف.

وكانت هذه نبذه بسيطه عن موجبات الوضوء ومكروهاته ونواقضه وإضافة إلى ما تقدم، فقد أكرم الله عز وجل، المؤمن أن أعدّ له كل مطهّر في الجنة، وجعل الله عز وجل، بيوته التي يرتادها المؤمن طاهرة، بل أمر أن تكون كذلك، وأن يساهم الجميع في إبقائها طاهرة، ولقد طهّر الله عز وجل، كتابه الذي هو المنهج لكل مؤمن، فلا يمسه إلا طاهر، والله تعالى يحب كل مؤمن متطهر، ومن هنا تتجلى لنا أهمية أن يكون المؤمن طاهراً متطهراً، وإن من أعظم أنواع الطهارة وأهمّها في شرع الله عز وجل هى الوضوء، فتلك العبادة العظيمة، والشعيرة الجليلة، التي تتقدم كل صلاة لله تعالى، إذ لا صلاة لمن لا وضوء له، ومن عِظَمِ قدر شعيرة الوضوء فإن لها آثاراً عظيمة جدير بالمؤمن أن يقف عندها ويتأملها لتكون له دافعا للإتيان بها على الوجه الذي يرضي الله عنه .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *