Share Button

فى طريق النور ومع تربية الأبناء مسؤلية مَن ؟” الجزء السادس ”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس مع تربية الأبناء مسؤلية مَن؟ فتجد من الوالدين من يحتقر أبنائهم إذا رأوا منهم تقى أو صلاحا واستقامة أو اتهام الأبناء بالتزمت والتشدد فى الدين والوسوسة مما يجعلهم يضلون وعلى أعقابهم ينكصون فيصبحون بعد ذلك عالة على والديهم، وأيضا تربيتهم على عدم تحمل المسؤولية، إما لإراحتهم أو لعدم الثقة بهم أو لعدم إدراك أهمية هذا الأمر، وكذلك قلة الاهتمام بتعليم أبنائهم سواء ما يتعلق بالتعاون مع مدارسهم ومتابعة مستوى أبنائهم التعليمي ومدى التزامهم، أو ما يتعلق باختيار مدارسهم، وبعد ذكر بعض الأمثلة لواقع الأبناء وواقع الوالدين ربما يتساءل الواحد منا وما الحل أو المخرج من هذا المأزق ؟ وهو أن من السبل المعينة على حسن تربية الأبناء هو صلاح الأبوين ومن ذلك العناية باختيار الزوجة الصالحة، و سؤال الله الذرية الصالحة فهو دأب الأنبياء والمرسلين والصالحين، والإخلاص والاجتهاد في تربية الأبناء والاستعانة بالله عز وجل فى ذلك وهو منهج الخليل إبراهيم عليه السلام وامرأة عمران.

وإعانة الأولاد على البر وحسن الخلق، والدعاء للأبناء وتجنب الدعاء عليهم فإن كانوا صالحين دعا لهم بالثبات والمزيد، وإن كانوا طالحين دعا لهم بالهداية والتسديد، وأيضا غرس الإيمان والعقيدة الصحيحة والقيم الحميدة والأخلاق الكريمة في نفوس الأبناء وخير مصدر لذلك هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وسيرة السلف الصالح، وتجنيبهم الأخلاق الرذيلة وتقبيحها في نفوسهم، فيكره الوالدان لأبنائهم الكذب والخيانة والحسد والحقد والغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وقطيعة الأرحام والأثرة ولكسل والتخاذل وغيرها من سفاسف الأخلاق والأفعال حتى ينشأوا مبغضين لها نافرين منها، تعليمهم الأمور المستحسنة وتدريبهم عليها مثل تشميت العاطس، وكتمان التثاؤب والأكل باليمين وآداب قضاء الحاجة وآداب السلام ورده وآداب استقبال الضيوف والتعاون والبحث عن المعرفة، فإذا تدرب الأبناء على هذه الآداب والأخلاق والأمور المستحسنة منذ الصغر، ألفوها وأصبحت سجية لهم في سني عمرهم القادمة.

وأيضا الحرص على تحفيظهم كتاب الله، وتحصينهم بالأذكار الشرعية وتعليمهم إياها واصطحابهم إلى مجالس الذكر والمحاضرات الدينية التي تقام في المسجد وغيرها وربطهم في ذلك بالسلف الصالح حتى يقتدوا بهم ويسيروا على خطاهم، والحرص على تعليمهم بالقدوة فلا يسلك الوالدان أو أحدهما مسلكا يناقض ما يعلمهم ويحثهم عليه لأن ذلك يجعل جهودهم لا تحقق ثمارها ويفقد نصائحهم أثرها، وأيضا تنمية الجرأة الأدبية وزرع الثقة في نفوس الأبناء وتعويدهم على التعبير عن آرائهم حتى يعيش كل منهم كريما شجاعا في حدود الأدب واللياقة، فيا أيها الأب إن أولادك من ذكور وإناث بأمس الحاجة إلى دعوات منك إلى الله أن يهديهم صراطه المستقيم، فالجأ إلى فاطر الأرض والسموات، وادعه آناء الليل وأطراف النهار أن يصلح لك عقبك، وأن يعيذهم من مكائد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظهم بالإسلام، ويرزقهم الثبات والاستقامة عليه، فتلك قرة أعين المؤمنين، فالآباء يوم القيامة قد تعلو منزلتهم وإن ضعفت بأعمالهم.

إكراما من الله للأبناء الصالحين، وقد يرفع الله منزلة الأبناء إكراما للآباء الصالحين إذا كان الإيمان جامعا للجميع، فأولادك بأمس الحاجة إلى دعائك، وبأمس الحاجة إلى رعايتك، لتربهم تربية صالحة، يسعدون بها فى حياتهم وآخرتهم، وتسعد أنت أيضا بذلك، ومع دعاء الله، ومع الالتجاء إلى الله، ومع التضرع بين يدي الله، فاعلم أيها الأب الكريم، واعلمي أيتها الأم الطيبة، أن تربيةَ الأولاد وصلاحهم واستقامتهم، بعد إرادة الله، متوقف على حركات وسكنات الأبوين، على أقوالهم وأفعالهم، فالأبناء والبنات من الصغر يرقبون أخلاق الأبوين، ويرقبون كلامهم وتصرفاتهم كلها، يرقبون أحوال الأبوين، فالأبناء والبنات إن تربوا في أحضانِ أب يخاف الله، وأمّ تخشى الله، نشؤوا على ذلك الخلق الكريم، فالأبناء والبنات أمانة فى العنق سيسألك الله عنهم يوم القيامة، إن رعيتهم حق الرعاية أصبت، وإن خنت الأمانة وضيّعت فالله لا يحب الخائنين، فعوّد الأبناء والبنات على كل خير، وعوّد الأولاد على المحافظة على المسجد.

عوّدهم على إقام الصلاة والعناية بها، حُثهم على مكارم الأخلاق، وحثهم على البر والصلة، وحُثهم على إفشاء السلام وطيب الكلام، رغبهم في حسن المعاملة، حبب الصدق إلى نفوسهم، وكرّه الكذب إلى نفوسهم، حبب إليهم الأقوال الطيبة، وكرّه لهم الأقوال البذيئة، علمهم حسن التعامل مع الآخرين مع الأهل ومع الجيران والأرحام، حثهم على المكارم والفضائل لينشؤوا النشأة الصالحة الطيبة المباركة، فإن هؤلاء الأولاد متى أحسنت تربيتهم نِلت بهم السعادة في الدنيا والآخرة، واسمع نبيّك صلى الله عليه وسلم إذ يقول “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” فأنت في ظلمات الألحاد تصل إليك دعوات أولئك الأبرار الأخيار، يسألون الله لك ويدعون الله لك، وأنت فى لحدك قد انقضى عملك، وأصبحت فريدا في لحدك وحيدا، تتمنى مثقال ذرة من خير، وإذا الدعوات الصادقة الصادرة من الأبناء والبنات الذين طالما غرست الفضائل في نفوسهم، وحببت الإيمان إلى قلوبهم.

فدعواتهم تصعد إلى الله لك بالمغفرة والرضوان والتجاوز، فما أنعمها من حال وما أطيبه من فضل، هكذا التربية الصالحة ونتائجها الحميدة، وثمارها المباركة، ومن الممارسات المعينة على ذلك هو استشارة الأبناء في بعض الأمور المتعلقة بالمنزل ونحوه واستخراج ما لديهم من أفكار مثل أخذ رأيهم في أثاث المنزل أو لون السيارة المزمع شرائها للأسرة ومكان الرحلة والتنسيق لها مع طلب أن يبدي الطفل أسباب اختياره لرأي ما، وأيضا تعويد الأبناء على القيام ببعض المسؤوليات كالإشراف على أمور واحتياجات الأسرة في حال غياب الأب أو انشغاله، وتعويدهم على المشاركة الاجتماعية وذلك بحثهم على المساهمة في خدمة دينهم ومجتمعهم وإخوانهم المسلمين إما بالدعوة إلى الله أو إغاثة الملهوفين أو مساعدة الفقراء والمحتاجين وأيضا تدريبهم على اتخاذ القرار وتحمل ما يترتب عليه. فإن أصابوا شجعوا وشد على أيدهم وإن أخطأوا قوموا وسددوا بلطف، وأيضا تخصيص وقت الجلوس مع الأبناء مهما كان الوالدان مشغولين.

فلا بد من الجلوس الهادف معهم لمؤانستهم وتسليتهم وتعليمهم ما يحتاجون إليه فهذه الجلسات الهادفة لها من الآثار الجانبية ما لا حصر له من الشعور بالاستقرار والأمن وهدوء النفس والطباع، وأيضا الإصغاء إليهم إذا تحدثوا وإشعارهم بأهميتهم وأهمية ما يقولون مهما كان تافهاً في نظر الوالدين وقد قيل أنصت لأبنائك ليحسنوا الإنصات لك، وتفقد أحوالهم ومراقبتهم عن بعد، ومن ذلك ملاحظة مدى أدائهم للشعائر الدينية، السؤال عن أصحابهم، مراقبة الهاتف وملاحظة مدى استخدامهم له، ملاحظة ما يقرؤونه أو ويشاهدونه في التلفاز أو يتعاملون معه فى الانترنت وتحذيرهم من الكتب والبرامج والمواقع التي تفسد دينهم وأخلاقهم وإرشادهم إلى بدائل نافعة، وتهيئة الظروف المناسبة لإحاطة الأبناء بالصحبة الصالحة وتجنيبهم رفقة السوء، خاصة في مرحلة المراهقة، وإكرام الصحبة الصالحة للأبناء، والتركيز على إيجابيات الأبناء وإظهارها والإشادة بها وتنميتها، والتغافل، لا الغفلة عن بعض ما يصدر من الأبناء من عبث أو طيش.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *