Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

مَثل المجاهد في سبيل الله، والله أعلم بمن يجاهد في سبيله، كمثل الصائم القائم، وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة، وإن في الجنة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، ومثَل المجاهد في سبيل الله كمثَل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى، وهذا هو حديث النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فى صحيح البخارى عن أبى هريره رضى الله عنه، وإن لذة الشهادة في سبيل الله لا يحصرها قلم، ولا يصفها لسان، ولا يحيط بها بيان، وهي الصفقة الرابحة بين العبد وربه، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يتمنون الشهادة في سبيله لما لها من هذه المكانة العظيمة، فهذا هو الصحابى حنظلة تزوج حديثا وقد جامع امرأته في الوقت الذي دعا فيه الداعي للجهاد.

فيخرج وهو على جنابة ليسقط شهيدا في سبيل الله، ليراه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بيد الملائكة تغسله ليسمى بغسيل الملائكة، ولقد سمي الشهيد شهيدا لأن ملائكة الرحمة تشهده، أو لأن الله تعالى وملائكته شهود له بالجنة، أو لأنه ممن يستشهد يوم القيامة على الأمم الخالية، أو لسقوطه على الشاهدة، أي الأرض، أو لأنه حي عند ربه حاضر، أو لأنه يشهد ما أعد الله له تعالى من النعيم، وقيل غير ذلك، والشهيد الذي يستحق الفضائل السابقة ونحوها هو شهيد المعركة مع العدو، فهذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، تمنى أن يكون شهيدا، وأن يقتل في سبيل الله مرات ومرات، فعن أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “والذي نفسي بيده، وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل” متفق عليه، وبين أيدينا فى هذا المقال صحابى جليل من الشهداء الذين نالوا الشهادة فى سبيل الله.

ألا وهو صاحب الشهادتين، خزيمة بن ثابت، الأنصاري الأوسي، وهو أحد أصحاب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والإمام علي بت أبى طالب رضى الله عنة، وهو يكنى بـأبي عمارة، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهادته بشهادة رجلين، وكان هو وعمير بن عدي بن خرشة يكسران أصنام بني خطمة، وهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن مالك بن الأوس الأنصاري الخطمي، وكانت أمّه هى السيدة كبشة بنت أوس الساعديّة، وقد سكن الكوفة، وكان يلقَب بذي الشهادتين، وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، ويعدّ خزيمة ذو الشهادتين من خير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الأوائل، لأنه كان من أوائل المبادرين إلى الدخول في الإسلام، بالإضافة إلى أنه كان من المشاركين في عملية تحطيم أصنام بني خطمة، إلى جانب مشاركته في مختلف الغزوات والمعارك مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

وقيل إن أول مشاركة له كانت في غزوة أحد، وقيل إنه شهد بدرا وما بعدها من الغزوات، ويشار إلى دوره المهم يوم الفتح، فقد كان حاملا لراية بني خطمة في ذلك اليوم، وكما كان له دور مهم في جمع القرآن الكريم، فقد أخبر الصحابة عن آخر آيتين من حفظه من سورة التوبة، وذلك عندما كان الخليفة عثمان بن عفان يجمع القرآن، فعلى الرغم من أنهم لم يكونوا يقبلون إلا بشاهدين، إلا أنهم أخذوا منه، وهاتان الآيتان هما قوله تعالى فى سورة التوبة ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم، فإن تولوا فقل حسبى الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) وتجدر الإشارة إلى أن خزيمة روى عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، بعض الأحاديث، وقد رُوي عنه أنه رأى في منامه أنه يسجد على جبهة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فأخبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

بذلك، فحقَّق له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حلمه، وجعله يسجد على جبهته، وكما روى عنه بعض الصحابة، ومنهم زيد بن ثابت، وجابر بن عبدالله، وغيرهما، وقد شهد خزيمة مع الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه واقعة الجمل وصفين و لم يقتل فيهما، فلما قتل عمار بن ياسر بصفين قال خزيمة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” تقتل عمار الفئة البافية” ثم سل سيفه وقاتل حتى قتل، ويُروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد اشترى فرسا من أعرابي ولم يكن مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الثمن، فاصطحب الأعرابي معه ليعطيه الثمن وأسرع صلى الله عليه وسلم، السير وأبطأ الأعرابي فلقيه أناس عرضوا عليه في فرسه ثمنا أكبر من الذي اشترى به الرسول صلى الله عليه وسلم، الفرس فطمع الرجل في الزيادة ونادى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائلا، أتشتري هذا الفرس أم أبيعه لغيرك ؟

فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” أو ليس قد ابتعته منك” فقال الأعرابي لا والله مابعته لك، فقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” بلى قد ابتعته منك” فقال الأعرابي، هل من شاهد على ماتقول، ولم يكن هناك أحد شاهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حين اشترى الفرس، فسمع خزيمة بن ثابت رضي الله عنه كلام الأعرابي فقال، أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،على خزيمة قائلا ” بِمّ تشهد ؟ ” فقال يا رسول الله أاصدقك في كل ماجئت به ثم أكذبك في هذه، إذن فقه الرجل واستنبط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لابد أن يكون صادقا وإن كذبناه في هذه فقد كذبناه في كل ماجاء به، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الاستنباط وقال مثل هذا لايجب أن يُمر عليه مرا بل لابد أن يكرم هذا الفهم، فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “من شهد له خزيمة فحسبه” أي جعل شهادة خزيمة بشهادة رجلين.

ولم يكن هذا التكريم بلا هدف بل كان له بعد آخر، فعندما أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن، فأمر زيد بن ثابت فجمعه، وقد كان زيد لايسجل الآية من القرآن الكريم الا أذا وجدها مكتوبة واثنين من الصحابة يحفظونها في صدورهم، فلم يبق إلا آيتي آواخر سورة التوبة وجدها مكتوبة ولكنها كانت محفوظة من صحابي واحد وليس من إثنين وهذا يبطل قاعدته التي كان يجمع بها القرآن الكريم، وقد وجد زيد الآية عند خزيمة بن ثابت فقط، فتذكر كلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في خزيمة وهي قوله: “من شهد له خزيمة فحسبه” فسجلت الآية بشهادة خزيمة، رضي الله عنه وأرضاه، ولهذا يلقب هذا الصحابي بذي الشهادتين، وعن عمارة بن خزيمة، عن أبيه خزيمة بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سئل عن الاستطابة، فقال “ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع” .

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏منظر داخلي‏‏
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *