Share Button

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع دعائم الأمن والاستقرار، وفي نصائح وتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت أحاديث كثيرة في فضائل الصلح بين الناس، وأن السعي بالصلح بين الناس من افضل العبادات وأحسن القربات التي يتقرب بها الإنسان المسلم إلى الله عز وجل، لذلك خص الله المصلحين بجميل الثناء ووعدهم كريم الجزاء، وأي جزاء وأغلى من جنة الرضوان، وكما يجب علينا أن نعبد الله تعالى حق عبادته، وعبادته ليست مقصورة على الأركان الخمسة بل هي شاملة لجميع مناحي الحياة في البيت في الطريق في العمل في المدرسة في الأسواق فإذا عبدنا الله عز وجل حق العبادة فستنعدم جميع المخالفات وستختفي جميع التعديات.
فيقول تعالى ” فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” وقال قتادة رحمه الله في هذه الآية “كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا وأشقاهم عيشا وأجوعهم بطونا وأعراه جلودا وأبينه ضلالا، من عاش منهم عاش شقيا ومن مات منهم ردي في النار، يؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشرّ منزلا منهم حتى جاء الله بالإسلام، فمكن به في البلاد ووسّع به في الرزق وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس” وقيل إذا الإيمان ضاع فلا أمان، ولا دنيا لمن لم يحي دينا، ومن رضي الحياة بغير دين، فقد جعل الفناء لها قرينا، وكما أن الشعور المتبادل بين الفرد والآخر هو أساس التضامن والتماسك في المجتمع.
وهو أن يوجه المسلم مشاعر الحب والود إلى المسلم الآخر فيعملان معا على ترسيخ قواعد هذا الحب داخل المجتمع، فعندما توجد هذه المشاعر تتولد أحاسيس اجتماعية من قبيل التخوف من الحاق الضرر بأبناء المجتمع، والعمل على توفير الراحة والرفاهية لأبنائه، مثله مثل الأب الذي يحرص على حياة أبنائه يخشى عليهم من ظلمة الليل ومن الريح العاصف ولا يهدأ له بال إلا عندما يشاهد أبناءه في راحة واستقرار بعيدا عن مواطن الخطر، وهذه المشاعر لن تتكون إلا في إطار الأخوة، عندما يشعر كل فرد في المجتمع بأنه أخ للفرد الآخر، ومساحة الأخوة في الإسلام أوسع من المفهوم المتعارف اجتماعيا، فهو يطلق عبارة الأخ على كل فرد مسلم.
فكل من ينتمي إلى عقيدته هم أخوة له تتكون بينهم قواسم مشتركة من الحب المتبادل والعمل المشترك والميدان الواحد، بل ذهب الإسلام إلى ما هو أكثر من ذلك فهناك أخوة في النسب وهناك أخوة في الدين وهناك أخوة في الخلق، فورد في مقدمة كتاب أمير المؤمنين إلى مالك الأشتر عند توليه مصر، قائلا ” والناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق” فأصبح النظير في الخلق بمنزلة الأخ في الدين وقد شبه الإمام الغزالي عقد الأخوة في الإسلام بعقد النكاح بين الزوجين قائلا “اعلم أن عقد الأخوة رابطة بين الشخصين كعقد النكاح بين الزوجين” ثم يحدد حقوقا ثمانية للأخوة الإسلامية مستلهما من الأحاديث والروايات، والأخوة بهذا المفهوم يضع بين المسلمين واجبات وحقوق.
ومن هذه الحقوق هو من حق المؤمن على أخيه المؤمن أن يشبع جوعته، وأن يواري عورته، ويفرج عنه كربته، ويقضي دينه، فإذا مات خلفه في أهله وولده” وبإزاء هذه الحقوق ليست هناك مشكلة إلا وهي قابلة للحل، وحتى مشاكله بعد مماته سيجد من يحلها ويتصدى لها، وليست الأخوة فقط القيام بهذه الواجبات وحسب بل هي مشاعر متدفقة تتداخل لتتحول إلى شعور واحد يجمع الكل في إحساس واحد من الأخوة، فالمؤمن يأنس للمؤمن يجالسه ويلاطفه يلتجأ إليه عندما تهب عليه المصائب وتحوم حوله المشكلات، فقيل “إن المؤمن يسكن إلى المؤمن كما يسكن الضمآن إلى الماء البارد” فإن الحياة في واقعها مجموعة أزمات ومصائب فعندما تحل بأحد أزمة لا يوجد طريقا للخلاص إلا في أحضان أخيه المؤمن.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *