Share Button

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع دعائم الأمن والاستقرار، في الوقت نفسه يشعر الفرد المواطن أنه يعيش تحت ظل نظام يسهر على راحته ويحقق رغباته المشروعة ويمضي قدما في بناء الوطن على أسس رصينة منطلقا من منافع الشعب لا منافع طائفة أو حزب أو فئة، وعلى هذه الأسس من العلاقة القوية بين الشعب والدولة يقوم نظام الحقوق والواجبات، فللشعب حقوق وواجبات، حقوقه أن يحظى بحماية الدولة ويتساوى أبنائه، وأن تتوفر له الحرية الكافية لينطلق في اداء واجباته، وهي مساهمة لبناء الوطن من خلال العمل الذي يقوم به سواء في الزراعة أو الصناعة أو الوظيفة، أو أي عمل آخر يقوم به، فيذهب إلى عمله بقلب مطمئن، و\نفس راضية تحت غطاء من الحماية والأمن.
وهذا ما نلاحظه في الحكومات الديمقراطية التي تقوم على مبدأ المشاركة أما الحكومات الإستبدادية التي لايشعر فيها المواطن بأية قيمة إنسانية فلا وجود للآثار التي ذكرناها، لا وجود للحرية الكفيلة ولا وجود للمساواة والعدالة اللتان تشعران الإنسان بأنه محمي من قبل القانون، ولا وجود للعلاقات المتينة بين السلطة والشعب القائمة على مبدأ الحقوق والواجبات، والنتيجة الحاسمة لهذا النظام انعدام الثقة بين الشعب والدولة وانتشار الخوف، والخوف من السلطات، والخوف من المستقبل، والخوف على مصير الأبناء، وحصيلة كل ذلك ينعكس على فقدان الأمن الاجتماعي، لذا كان لابد من أخذ مبدأ المشاركة الشعبية في بناء النظام السياسي كمقوم أساسي من مقومات الأمن الاجتماعي.
وقد قام النظام الاسلامي على مبدأ الشورى حيث قال الله تعالى “وأمرهم شورى بينهم” وأمرهم هنا يشمل كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، وقد طبق المسلمون هذا المبدأ في العصور الاسلامية المختلفة محققين أعلى درجات المشاركة الشعبية في بناء السلطة والدولة والقرار السياسي، ولم يكتف الإسلام بالدعوة إلى المشاركة في بناء السلطة والدولة بل جعل الناس شركاء في الثروة أيضا، ولايحق لأية سلطة مهما كانت قوتها منع المواطن من المشاركة الاقتصادية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار” وعندما تكون المشاركة السياسية قائمة على المشاركة الاقتصادية وتوزيع الثروة بصورة عادلة على أبناء الشعب.
تصبح هذه المشاركة عميقة الجذور، راسخة القواعد لا يمكن أن تلغيها أية قوة أو سلطة، لأن الشعب هنا هو المالك للثروة، وبما يمتلكه يستطيع أن يؤكد إرادته السياسية، وهذا ضمان لاستقرار البلاد وضمان لتوفر الأمن واستتبابه وليست هناك أية قوة قادرة على خرق جداره السميك لأنه متجذر على أرض صلبة وعلى جسور متينة بين الدولة والشعب، وإن آثار الصلح بين الناس كثيرة وفوائدها كثيرة ومتعدده، ومنها إزالة دواعي الحقد الاجتماعي بين الناس وإشاعة العفو والصفح بينهم وتنمية روج الإخاء والتعاون من اجل تحقيق الصالح العام، وبذلك تتفرغ النفوس بالمصالح بدل جدها وانهماكها في الكيد للخصوم وهكذا تحل الألفة مكان الفرقة ويستأصل داء النزاع قبل استفحاله.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى” رواه مسلم، وأيضا ترسيخ ثقافة الصلح بين الناس ليعم على المجتمع الخير والأمن والاستقرار والازدهار، وكذلك ثقافة الصلح والتصالح والعفو والتسامح تخلق أجيالا ينبذون التفرق والتمزق والخلاف فيعيش الجميع في تعاون وتراحم سعداء أوفياء، فإن المصالحة والإصلاح سبيل النهوض وطريق التقدم والأمن والازدهار، ولقد وعد الله تعالى عباده الصالحين المصلحين بتقليدهم وسام الاستخلاف الحضاري، فالوراثة الحضارية إنما تتحقق بالصلاح وإرادة الإصلاح، ذلك ان البقاء للأصلح، وليس البقاء للأقوى.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *