Share Button
فى طريق النور ومع ذى القرنين وبناء الأوطان “جزء 19”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
عزيزى القارئ ونكمل الجزء التاسع عشر مع ذى القرنين وبناء الأوطان، وقد كان كلما مر بأمة قهرهم وغلبهم ودعاهم إلي الله عز وجل، فإن أطاعوه وإلا أذلهم وأرغم أنوفهم واستباح أموالهم وأمتعتهم، واستخدم من كل أمة ما تستعين به جيوشه على قتال الإقليم المتاخم لهم، ولما انتهى إلي مطلع الشمس من الأرض وجد قوم ليس لهم بناء يسكنون فيه ولا أشجار تظلهم، كانوا في مكان لا يستقر عليه بناء، ثم سلك طريقا من مشارق الأرض حتى إذا بلغ بين السدين، وهما جبلان متناوحان، بينهما ثغرة يخرج منها “يأجوج ومأجوج” على البلاد، وذكروا له أن هاتين القبيلتين قد تعدوا عليهم، وأفسدوا في الأرض يهلكون الحرث والنسل وقطعوا السبل عليهم.
هذا وقد جعلوا له “خراج” على أن يقيم بينهم وبين يأجوج حاجزا يمنعهم من الوصول إليهم، فامتنع من أخذ الخراج، اكتفاء بما أعطاه الله من الأموال الجزيلة، ثم طلب منهم أن يجمعوا له رجالا وآلات ليبني بينهم وبين هؤلاء سدا، وهو ردم بين الجبلين، فكانوا لا يستطيعون الخروج إليهم إلا من بينهما، وبقية ذلك بحار مغرقة وجبال شاقة، وجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج حائلا يمنعهم من العبث في الأرض والفساد، فبناه كما قال تعالى من الحديد والنحاس المذاب، وإذا اقترب الوعد الحق جعله دكا، أي ساواه بالأرض وكان وعد ربي حقا لا محالة، فهي قصة ملك صالح مع قوم شر فاسدين مفسدين يعيثون في الأرض الفساد، ذكرها الله سبحانه وتعالى.
في كتابه الكريم في سورة الكهف، إنها قصة الملك ذو القرنين مع يأجوج ومأجوج، وتحكي الآيات الكريمة قصة يأجوج ومأجوج وهي قبيلة بربرية كانت تفسد في الأرض وتعتدي على جيرانها بالقتل والسلب والنهب، وقد ورد خبرهم في القرآن الكريم في سياق قصة ذي القرنين، وهو ملك صالح مؤمن يسّر له الله أسباب المُلك والسلطان والفتح والعمران، فانطلق في حملة تهدف إلى نشر دين الله بين الأقوام الوثنية، حتى بلغ مغرب الشمس، أي أقصى حد يمكن أن يصل له الإنسان في الأرض، حيث تغرب الشمس على أفق المحيط، وبعد أن انتهى ذو القرنين من فتح البلاد التي الغرب، توجه للشرق، فوصل لأول منطقة تطلع عليها الشمس.
وكانت أرضا مكشوفة لا أشجار فيها ولا مرتفعات تحجب الشمس عن أهلها، فحكم ذو القرنين في المشرق بنفس حكمه في المغرب، ثم انطلق، ووصل ذو القرنين في رحلته، لقوم يعيشون بين جبلين أو سدّين بينهما فجوة وكانوا يتحدثون بلغتهم التي يصعب فهمها وعندما وجدوه ملكا قويا طلبوا منه أن يساعدهم في صد يأجوج ومأجوج الذين كان يعتدون عليهم ويفسدون في الأرض بأن يبني لهم سدا لهذه الفجوة، مقابل مبلغ من المال يدفعونه له فوافق الملك الصالح على بناء السد، لكنه زهد في مالهم، واكتفى بطلب مساعدتهم في العمل على بناء السد وردم الفجوة بين الجبلين، واستخدم ذو القرنين وسيلة هندسية مميزة لبناء السد فقام أولا بجمع قطع الحديد.
ووضعها في الفتحة حتى تساوى الركام مع قمتي الجبلين، ثم أوقد النار على الحديد، وسكب عليه نحاسا مذابا ليلتحم وتشتد صلابته، فسدت الفجوة، وانقطع الطريق على يأجوج ومأجوج، فلم يتمكنوا من هدم السد، وأمن القوم الضعفاء من شرهم وبعد أن انتهى ذو القرنين من هذا العمل الجبار، نظر للسد، وحمد الله على نعمته، ورد الفضل والتوفيق في هذا العمل لله سبحانه وتعالى، فلم تأخذه العزة، ولم يسكن الغرور قلبه، وهناك إشارة جلية إلى أن بقاء يأجوج ومأجوج محصورين بالسد إنما هو إلى وقت معلوم وهذا الوقت هو ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه من أن خروجهم يكون في آخر الزمان قرب قيام الساعة.
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏ساعة يد‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *