Share Button

إعداد / محمـــد الدكــــرورى

إن نعمة الإسلام هى نعمة عظيمة جليله فهى من أجل النعم وأوفاها وأعلاها، ويجب على المسلم أن يحمد الله سبحانه وتعالى ليلا ونهارا على تلك النعمة العظيمة الكبرى والمنة العظمى، إذ جعله الله تعالى من أهل التوحيد الخالص والدين الحق، فهو سبحانه دائم الشكر على نعمة الإسلام، وإن الإسلام هو الدين الذي رضيه الله تعالى لعباده، وإن الحياة الحقيقية والسعادة الأبدية هي بالتمسك بهذا الدين، وإن الحياة الطيبة هي حياة معنوية، يعيشها قلب المؤمن مطمئنا بقضاء الله تعالى، ومنشرحا بما قدره عليه، وسعيدا بإيمانه بربه عز وجل، وليس المراد من الحياة الطيبة هو النعيم البدني، وانعدام الأمراض والفقر وضيق العيش، ولكن الحياة الطيبة هى حياة القلب ونعيمه، وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله تعالى، ومحبته والإنابة إليه، والتوكل عليه سبحانه وتعالى فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها، ولا نعيم فوق نعيمه، إلا نعيم الجنة.

ولقد قال الله سبحانه وتعالى (لقد خلقنا الإنسان في كبد) أي في نصب وتعب ولكن هذا التعب للمؤمن لا يعد شيئا مع نعيم الجنة فسوف ينسى كل ذلك، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يُؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيُصبغ في النار صبغة، ثم يُقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول لا، والله يا رب، ويُؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا، من أهل الجنة، فيُصبغ صبغة في الجنة، فيُقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا، والله يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط” رواه مسلم، فانظر إلى غمسة واحدة في الجنة تُنسي كل ما كان قبلها من هم وغم وضيق وحزن وشدة وبلاء، وغمسة واحدة في النار تذهب كل ما قبلها من نعيم دنيوي ومتاع فان وسلطان زائل وشهرة وهمية، فعن صهيب الرومى قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

“عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له ” رواه مسلم، وهكذا فإن الأمر العظيم هو الثبات على الإسلام حتى لقاء الله عز وجل، فقال الله تعالى فى كتابة العزيز (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) وقال نبى الله يوسف عليه السلام “توفني مسلماً وألحقني بالصالحين” وكان من أكثر دعاء نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك” وأما عن صلح الحديبية فهو صلح عُقد بين المسلمين وقريش في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة في منطقة الحُديبية وهي بئر قرب مكة المكرمة، إذ أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رأى في منامه أنه دخل مكة مع المسلمين وطاف بالكعبة مُحرما معتمرا، فبشر صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك وجهزوا أنفسهم وأعدوا العدّة،

فخرج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومعه ألف وربعمائة من أصحابه متجها نحو مكة المكرمة يريد العمرة، وقد خرجوا محرمين لا يحملون معهم من السلاح إلا سلاح السفر، ولما وصلوا إلى الحديبية منعهم أهل قريش من دخول مكة، وكانت مهابة المسلمين كبيرة بفضل جهادهم الذي ألقى الرعب بنفوس المشركين، وقد اشتاق المسلمون لزيارة البيت الحرام فهو قبلتهم بعد ستة سنوات من هجرتهم عن مكة اضطرارا، وكان مما أذكى شوقهم رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدخول المسجد محلقين رؤوسهم ومقصرين، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد ألا يدخلوها حربا، وسعى لأن يكون دخول العرب والأعراب من حولهم معتمرين، وقد استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم نميلة بن عبد الله الليثي على المدينة، وأحرم بالعمرة والكثيرون من أصحابه، وقد ساق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم معه الهدي سبعين بعيرا.

حتى يكون إيذانا بسلميته وأنه أراد الخروج زائرا للبيت ومعظما له وهكذا حدث في العام السادس للهجرة أراد الرسول صلى الله عليه وسلم العمرة مع أصحابه، وذلك عندما رأى رؤيا أنه سيدخل مكةَ، ويطوف حول البيت، ويعتمر، فقص الرؤيا على أصحابه فاستبشروا خيرا، وجهزوا أنفسهم للإقبال على البيت والوطن، فقد طالت فترة البعد، وزاد الاشتياق، وقد وصلت الأخبار بمقدم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى مكة، فأبت قريش أن تسمح للنبي وأصحابه بأداء العمرة، وهذا الفعل يُعد جريمة كبرى في عُرف العرب، إذ كيف يُصد عن البيت الحرام من جاء معظما له، وقد حدثت مناوشات كلامية، بل وصل الأمر إلى الالتحام بالمسلمين والتحرش بهم من قبل عصابة من قريش، فقبض عليهم، وأرسلت قريش الرسل إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حتى تم الاتفاق على معاهدة، عُرفت في تاريخ السير بصلح الحديبية.

ونص الصلح على أن تضع الحرب أوزارها عشر سنين، ويأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليّه رده عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وأنك ترجع عنا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك، فدخلتها بأصحابك فأقمت فيها ثلاثا، وقد أصاب الصحابةَ مِن توقيع هذا الصلح همّ وغمّ، وظنوا أنهم قد بُخسوا حقهم، وقد عقد هذا الصلح في منطقة الحديبية في ذي القعدة من العام السادس للهجرة بين المسلمين، ومشركي قريش مدة عشر سنوات، وقد اختلف العلماء في تسمية حادثة الحديبية، حيث إن بعضهم سمّاه بالصلح وهم العلماء الذين اهتموا بتدوين السيرة النبوية، وسمّاها بعض المحققين من أهل العلم بقصة الحديبية.

وأمر الحديبية، وغزوة الحديبية، واستند كل فريق منهم لمُرجح توصل إليه، وكان سبب تسمية الحديبية بهذا الاسم هو الموقع الذي تم فيه الصلح، وذلك كما ذكر البخاري في صحيحه ” أنه سار النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بالثنية التى يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس، حل حل، فألحت، فقالوا خلأت القصواء، خلأت القصواء، فقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال ” والذى نفسى بيده، لا يسألونى خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، ثم زجرها فوثبت، قال، فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضا، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه” ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، بعد إيذاء قريش له في مكة، هاجر إلى المدينة، واستقر بها مع أصحابه من المهاجرين والأنصار.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *