Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع عاشوراء وشهر الله المحرم، وهو يوم مبارك معظم منذ القدم، فاليهود أتباع موسى عليه السلام كانوا يعظمونه ويصومونه ويتخذونه عيدا وذلك لأنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام من فرعون وقومه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ” قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال ما هذا ؟ قالوا هذا يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى” رواه البخاري، وكذلك النصارى كان لهم حظ من تعظيم هذا اليوم، بل قريش على وثنيتها وعبادتها الأصنام كانت تصوم يوم عاشوراء وتعظمه، فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية، ونحن المسلمون أحق بصيام هذا اليوم من أولئك فهو يوم نجى الله فيه موسى، فنحن أحق بموسى منهم فنصومه تعظيما له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صوم عاشوراء وإن لم يكن واجبا باتفاق جمهور العلماء فهو من المستحبات التي ينبغي الحرص عليها وذلك لوقوع هذا اليوم في شهر الله المحرم الذي يسن صيامه ولتحري رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام هذا اليوم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ” ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء ” رواه البخاري، ولأن صيامه يكفر السنة الماضية كما ورد في الحديث.
ولحرص الصحابة رضوان الله عليهم على صيام صبيانهم ذلك اليوم تعويدا لهم على الفضل، فعن الربيع بنت معوذ قالت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه ومن أصبح صائما فليصم قالت فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهم الكعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار، ولما ورد عن بعض السلف من صيام عاشوراء حتى وهم في السفر، جاء ذلك عن ابن عباس وأبو إسحاق السبيعي والزهري وغيرهم رضي الله تعالى عنهم، وكان الزهري يقول رمضان له عدة من أيام أخر، وعاشوراء يفوت وقد نص الإمام أحمد على أنه يصام عاشوراء في السفر.
وإن من فضل الله علينا أن وهبنا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة وهذه الذنوب التي يكفرها صيام يوم عاشوراء هي الذنوب الصغائر فقط، أما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة وقبولها كما أشار إلى ذلك العلماء المحققون كابن تيمية وغيره رحمة الله على الجميع، واستمعوا إلى الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله وهو يحذر ممن يتصور أن صيام عرفة وعاشوراء كاف في النجاة والمغفرة حيث يقول رحمه الله لم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجل من صيام يوم عرفة وعاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينها إذا اجتنبت الكبائر، فرمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة لا يقويان على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها.
فيقوى مجموع الأمرين على تكفير الصغائر، ومن المغرورين من يظن أن طاعته أكثر من معاصيه لأنه لا يحاسب نفسه على سيئاته ولا يتفقد ذنوبه، وإذا عمل طاعته حفظها واعتبرها، كالذي يستغفر الله بلسانه أو يسبح الله في اليوم مائة مرة ، ثم يغتاب المسلمين ويمزق أعراضهم ويتكلم بما لا يرضاه الله طول نهاره، فهذا أبدا يتأمل في فضائل التسبيحات والتهليلات، ولا يلتفت إلى ما ورد من عقوبة المغتابين والكذابين والنمامين إلى غير ذلك من آفات اللسان وذلك من محض غرور، وأما مراتب صيام عاشوراء فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء ، وثبت عنه أنه قال لئن بقيت إلى قابل لأصوم من التاسع” رواه مسلم.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *