Share Button

إعداد / محمـــد الدكــــرورى

لقد كان رأى العلماء أنه لا بأس أن يسمى الإنسان على إسم أبيه وهو حي مثل عبد الله بن عبد الله سمى ولده عبد الله وهو عبد الله ولا حرج في ذلك أن يسمي الإنسان على إسم أبيه ومثلا يسمي عبد الله بن عبد الله، ويسمى محمد بن محمد، وهكذا ولا حرج، ولو كان حيًا أيضا، وذلك خلافًا لما يظنه العامة أنه لا يسمى عليه إلا إذا كان قد مات، ولا حرج يسمى وهو حي عبد الله بن عبد الله، وابن عمر بن الخطاب كذلك سمى عبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسوف نتحدث فى هذا المقال عن عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول، وهو صحابي من بني سالم بن عوف المشهور بالحُبلى لعظم بطنه من الخزرج، وهو ابن عبد الله بن أبي بن سلول سيد الخزرج قبل الإسلام، وزعيم المنافقين في زمن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

وكان اسم عبد الله بن عبد الله، هو الحُباب، وقد غيّره النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله، وقد شهد عبد الله بن عبد الله، مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها، ثم شهد حروب الردة بعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد استُشهد في معركة اليمامة، ومعنى كلمة المشاهد كلها، فهى غزوات العصر النبوي الشريف أو كما أطلق عليها المؤرخون غزوات النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وهى بدأت مع ظهور الدين الإسلامي في القرن السابع الميلادي بعد هجرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب وهى المدينة المنورة، وتأسيسه الدولة الإسلامية فيها، وفي ذلك الوقت شُرع للمسلمين الجهاد ، حيث أن هذه الغزوات ومع اختلاف أسبابها جاءت بالتوافق مع مبدأ الحرب الدينية هو ما يطلق عليه الجهاد.

ومن ناحية أخرى فكان بعض المهاجرين يريد تعويض خسائره حيث تركوا كل ما كانوا يملكون في مكة وقت فرارهم من تعذيب الكفار في مكة، وكانت قوافل المكيين التجارية إلى بلاد الشام وفلسطين تمر بالقرب من المدينة المنورة، فعندما كان المسلمون يعيشون في مكة كانوا يتعرضون للتنكيل والتعذيب من كفار قريش بسبب إيمانهم واعتقادهم، واستمر هذا لمدة ثلاثة عشر عاما منذ بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، تعرض فيه المسلمون إلى شتى أنواع التعذيب والظلم، فكان المسلمون يتعرضون للتعذيب والحرق والإغراق والقتل أحيانًا، وعلى الجانب الاقتصادي كان الظلم عن طريق مصادرة المال دون وجه حق واغتصابه بالقوة، والطرد من الديار، هذا بخلاف ظلم النفس بالسب والقذف وتشويه السمعة، وسلب الحرية بالحبس والعزل عن المجتمع.

وقد أذن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، للمؤمنين بالهجرة أولا إلى الحبشة حيث كان يحكم فيها ملك مسيحي عادل، وقد سمح للمسلمين اللجوء إلى بلاده، فعاش المسلمون الأوائل في بلاده في أمان، وبعد ذلك وإزاء هذه الظروف والابتلاءات في مكة أذن الله تعالى، لأتباع النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الهجرة إلى المدينة المنورة، فلم يكن أمام المسلمون آنذاك إلا أصعب الحلول ألا وهو ترك الأهل والديار والبحث عن وطن جديد يؤويهم، وقد يكون أقرب وصف لوضع المسلمون حينئذ هو اللاجئون بلغة عصرنا هذا، وكان بدءُ خروجِهم إلى يثرب، وهو الاسم السابق للمدينة المنورة قبل الهجرة، في مطلع السنة الثالثة عشرة للبعثه النبويه الشريفه، إلا أن هروب المسلمون لم يعجب قريش التي لم تكف أذاها وأبت أن تترك المسلمون في سلام.

فأخذت تطاردهم حتى قتلت من قتلت ومنعت البعض من أخذ أموالهم وممتلكاتهم وعملت على تضييق الخناق عليهم بشكل عام ولذلك كان خروج المسلمون من مكة يتم في الليل وفي تخفي خشية من قريش حتى لا تمنعهم من الهجرة، ولِيَسلًموا من أذاها حقنا لدمائهم وحتى يتمكنوا من إقامة شعائر دينهم والحياة في سلام، ثم هاجر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى يثرب في العام الثالث عشر بعد بدء رسالته، وعندما وصل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة التي أحسن أهلها المسلمون ويسمون الأنصار، فى استقبال اخوانهم المهاجرين، فكان كل تركيزه صلى الله عليه وسلم، في بناء مجتمع إسلامي قائم على المؤاخاة والسلام، فأول ما فعله الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو بناء المسجد النبوي الشريف.

والذي لم يكن موضعاً لأداء الصلوات فحسب بل كان بمثابة جامعا يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام مباشرة من الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،، وكما ألف الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بين مختلف قبائل يثرب وعلى الأخص بين قبيلتي الأوس والخزرج، التي لطالما كانت تفتتها الحروب والنزعات في عصر الجاهلية قبل الإسلام، وقد كان عبد الله بن عبد الله بن أبى سلول، من سادة الصحابة وأخيارهم، وقد شهد بدرا وما بعدها، وذكر أبو عبد الله بن منده أن أنفه أصيب يوم أحد، فأمره النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يتخذ أنفا من ذهب، والأشبه في ذلك ما روي عن السيده عائشة رضى الله عنها، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أنه قال : ندرت ثنيتي فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أتخذ ثنية من ذهب .

وقد استشهد عبد الله بن عبد الله، يوم اليمامة وقد مات أبوه عبد الله بن أبى بن سلول سنة تسه من الهجره، فذهب عبد الله يطلب من النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قميصه يكفن فيه والده وأن يصلى عليه النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فألبسه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قميصه وصلى عليه، واستغفر له إكراما لولده عبد الله، حتى نزلت الآيه من الله عز وجل ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) من سورة التوبة، وقد كان رئيسا مطاعا، وقد عزم أهل المدينة قبل أن يهاجر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على أن يملكوه عليهم، فانحل أمره، ولا حصل دنيا ولا آخرة، وهكذا كان والده هو عبد الله بن أبي بن سلول، وهو شخصية من شخصيات يثرب وأحد قادة ورؤساء الخزرج، وقد ورد في سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

كشخصية معادية للدين الإسلامي مهادنة ظاهرياً، وقد لقبه المسلمون بكبير المنافقين، وقيل أنه كان على وشك أن يكون سيد المدينة قبل أن يصلها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت البداية قبل هجرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يوم كانت يثرب تعيش توتراً بين الأوس والخزرج، وما إن تهدأ ثائرته قليلاً حتى يعود للاشتعال مرة أخرى، وانتهى الصراع على اتفاق بين الفريقين يقضي بنبذ الخلاف وتنصيب ابن سلول حاكماً على المدينة، وقد وئدت هذه الفكرة بدخول الإسلام إلى أرض المدينة، واجتماعهم حول راية النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فصارت نظرة ابن سلول لهذا الدين تقوم على أساس أنه قد حرمه من الملك والسلطان، وبذلك يرى البعض ان مصالحه الذاتية وأهواؤه الشخصية وراء امتناعه عن الإخلاص في إسلامه.

وقد خاض ابن سلول صراعا علنيا في قليل من الأحيان وسري في أحيان كثيرة مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وصحابته في محاولة منه للسيطرة على مقاليد الأمور في المدينة المنوره، وقد أرخّ له المؤرخون المسلمين الكثير من المواقف المعادية للإسلام ومنها، ما فعله فى فى غزوة أحد حيث تمرَّد عبد اللهِ بن أبي بن سلول، فانسحب بنحو ثلث العسكر، ويقال كانوا ثلاثمائة مقاتل، قائِلاً: ما ندري علام نقتل أنفسنا؟ وحجته في ذلك بأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد ترك رأيه، وأطاع غيره، وأيضا ما فعله فى غزوة المصطلق فكان فى غزوة المصطلق له موقف معادى أيضا للإسلام وقد حدثت هذه الغزوة في الثانى شعبان سنة سته من الهجره، وعند منطقة تعرف بماء المريسيع وينقل عنه قوله عندما رجع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

وجيشه من غزوة بني المصطلق “والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل” وكان ابن سلول يقصد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولما علم ابنه عبد الله بما قال ذهب إلى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقال: “يا رسول الله قد علمت المدينة أنه لا يوجد أحد أبر من أبيه مني فإن تريد قتله فأمرني أنا فإني لا أصبر على قاتل أبي” وعندما دخل الجيش المدينة بعد العودة من غزوة بنو المصطلق تقدم عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول الجيش ووقف بسيفه على مدخل المدينة والكل مستغرب من عمله حتى إذا قدم أبوه داخلاً المدينة أشهر السيف في وجه أبيه وقال “والله لا تدخل حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم” وقد قال بن سلول أيضا ” لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ” أي امنعوا الأموال عنه وعن أصحابه، ولا تعطوه زكاة ولا غيرها، فيضطر الناس للانفضاض عنه.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *