Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ومازال الحديث موصولا عن العبادله وسوف نتحدث عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، وهو محدث وفقيه وصحابي من صغار الصحابة، وابن الخليفة الثاني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وهو أحد المكثرين في الفتوى، وكذلك هو من المكثرين في رواية الحديث النبوي الشريف عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان ابن عمر رضى الله عنه، من أكثر الناس اقتداء بسيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أكثرهم تتبُعا لآثاره صلى الله عليه وسلم، وكما كان قبلة لطلاب الحديث والفتاوى في المدينة المنورة، وطلاب العطايا لما عُرف عنه من سخائه في الصدقات، والزهد في الدنيا، فهو عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العُزى بن رياح بن عبد الله.

بن قرط بن رزاح بن عدى بن كَعب بن لؤى بن غالب بن فهر، وكان يكنى بأبى عبد الرحمن، وكانت أمه هى السيده زينب بنت مظعون، وكان إسلامه بمكة المكرمه أم القرى، مع إسلام أبيه عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، ولم يكن بلغ يومئذ، وقد هاجر مع أبيه إلى المدينة، وقيل أنه كان عمره عشر سنين، ومعنى كلمة المُحدث هو من يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية، ويطلع على كثير من الروايات وأحوال رواتها، وكان من أبرزهم البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه ومالك بن أنس وغيرهم، وأما عن معنى كلمة فقيه فكانوا فقهاء الصحابة وهم أئمة الصحابة المجتهدون في الدراسة الفقهية، الذين كانت اجتهادات ومذاهب فقهية، وتميزوا بكونهم أعلم الصحابة وأفقههم في الدين.

وكان ذلك بما اجتمعت فيهم من الصفات والخصائص، وقد وردت فيهم أحاديث نبوية شريفه تدل على مكانتهم العلمية، ومن أشهر فقهاء الصحابة هم الخلفاء الأربعة أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وأم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأما عن معنى كلمة صحابى فهم صحابة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو مصطلح إسلامي يقصد به حملة رسالة الإسلام الأولين، وهم أنصار النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهمالمدافعين عنه.

والذين صحبوه وآمنوا بدعوته وماتوا على ذلك، والصحبة في اللغة هي الملازمة والمرافقة والمعاشرة، وقد رافق الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عنهم أجمعين، رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، في أغلب فترات حياته بعد الدعوة، وساعدوه على إيصال رسالة الإسلام ودافعوا عنه في مرات عدة، وبعد وفاة رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، قام الصحابة الكرام، بتولي الخلافة في الفترة التي عرفت بعهد الخلفاء الراشدين، وتفرق الصحابة في الأمصار لنشر تعاليم الإسلام والجهاد وفتح المدن والدول، وقاد الصحابة الكرام العديد من المعارك الإسلامية في بلاد الشام وفارس ومصر وخراسان والهند وبلاد ما وراء النهر، وعند عبد الله بن عمر رضى الله عنه.

فقد قال الحسن البصري: كان ابن عمر إذا تغدى أو تعشى دعا من حوله من اليتامى، فتغدى ذات يوم، فأرسل إلى يتيم فلم يجده، وكانت له سويقة محلاة يشربها بعد غدائه، فجاء اليتيم وقد فرغوا من الغداء وبيده السويقة ليشربها، فناولها إياه، وقال خذها، فما أراك غبنت، وقد روى أبو نعيم، عن الحسن البصري، عن عبدالله بن عمر، قال: من كان مستنا فليستن بمن قد مات، أولئك أصحاب النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فكانوا خير هذه الأمة أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، فهم قوم اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فهم أصحاب النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا على الهدى المستقيم والله رب الكعبة.

وقال عمر بن محمد بن قرعة: رأيت على ابن عمر ثيابا خشنة، فقلت له: يا أبا عبدالرحمن، إني أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان وتقر عيناي أن أراه عليك، فإن عليك ثيابا خشنة؟ فقال: أرنيه حتى أنظر إليه، قال: فلمسه بيده وقال: أحرير هذا؟ قلت: لا، إنه من قطن، قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أن أكون مختالا فخورا، والله لا يحب كل مختال فخور، وقال نافع: دخل ابن عمر الكعبة فسمعته وهو ساجد يقول: قد تعلم يا ربي ما يمنعني من مزاحمة قريش على الدنيا إلا خوفك، وقال عروة بن الزبير: خطبت إلى عبدالله بن عمر ابنته ونحن في الطواف، فسكت ولم يجبني بكلمة، فقلت: لو رضي لأجابني، والله لا أراجعه فيها بكلمة أبدا، فقدر له أن صدر أى عاد، إلى المدينة قبلي.

ثم قدمت فدخلت مسجد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه، وأديت إليه من حقه ما هو أهله، فأتيته ورحّب بي، وقال: متى قدمت؟ فقلت: هذا حين قدومي، فقال: أكنت ذكرت لي سودة بنت عبدالله ونحن في الطواف نتخايل الله عز وجل، بين أعيننا، وكنت قادرا أن تلقاني في غير ذلك الموطن، فقلت: كان أمرا قدر، قال: فما رأيك اليوم؟ قلت: أحرص ما كنت عليه قط، فدعا ابنيه سالما وعبدالله، فزوجني، وقد قال رجل لابن عمر: يا خير الناس، وابن خير الناس، فقال ابن عمر: ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكني عبد من عباد الله عز وجل، أرجو الله عز وجل، وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه، وقد قال عقبة بن مسلم: سئل ابن عمر عن شيء، فقال: لا أدري.

ثم قال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا جسورا في جهنم، تقولون: أفتانا بهذا ابن عمر، وقد قال عبدالله بن مسعود: أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا ابن عمر، وقد قال حذيفة بن اليمان: ما منا أحد يفتش إلا يفتش عن جائفة وهى الطعنة الواصلة إلى الجوف، أو منقلة وهى الطعنة التي ينقل منها العظام، إلا عمر وابنه، وقد قالت السيده عائشة رضى الله عنها: ما رأيت أحدا ألزم للأمر الأول من ابن عمر، وقد قال أبو إسحاق السبيعي: كنا نأتي ابن أبي ليلى، وكانوا يجتمعون إليه، فجاءه أبو سلمة بن عبدالرحمن، فقال: أعمر كان أفضل عندكم أم ابنه؟ قالوا: بل عمر، فقال ابن أبي ليلى: إن عمر كان في زمان له فيه نظراء، وإن ابن عمر بقي في زمان ليس له فيه نظير، وقد قال سعيد بن المسيب.

لو كنت شاهدا لرجل من أهل العلم أنه من أهل الجنة لشهدت لعبدالله بن عمر، وقال سعيد بن المسيب أيضا: مات ابن عمر يوم مات وما من الدنيا أحد أحب أن لقى الله بمثل عمله منه، وقد قال طاوس بن كيسان: ما رأيت رجلا أروع من ابن عمر، ولا رأيت رجلا أعلم من ابن عباس، وقد قال محمد ابن الحنفية وهو ابن علي بن أبي طالب: كان ابن عمر خير هذه الأمة، وقد قال أبو جعفر الباقر: كان ابن عمر إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لا يزيد ولا ينقص، ولم يكن أحد في ذلك مثله، وقال محمد بن شهاب الزهري: لا يعدل برأي عبدالله بن عمر، فإنه أقام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ستين سنة، فلم يخف عليه شيء من أمره، ولا من أمر أصحابه رضي الله عنهم.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *