Share Button
إعداد … محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع غزوة الطائف وقد توقفنا مع الصحابى سلمان الفارسى وقد شهد سلمان الفارسى الفتح الإسلامي لفارس، وتولى إمارة المدائن في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أن توفي في خلافة عثمان بن عفان، وكان فى غزو الطائف رغبة في إضعاف معنويات ثقيف، فقد أخذ المسلمون في تحريق نخلهم، فناشدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يدعها لله وللرحم، فاستجاب لهم، ثم نادى منادي رسول الله ” أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر” فخرج منهم بضعة عشر رجلا، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين ليقوم بشأنه واحتياجاته، وقد استمر الحصار أربعين يوما، وكان أهل الحصن قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة، مما اضطر الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يرفع الحصار بعد استشارته لنوفل بن معاوية الديلي فأمر عمر بن الخطاب فأذن في الناس.
إنا قافلون غدا إن شاء الله، فانتهى الحصار وعاد المسلمون إلى المدينة المنورة، فرحل الجيش وهم يقولون ” آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ” ونوفل بن معاوية بن عروة بن صخر الديلي الكناني، وهو من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أسلم وشهد معه فتح مكة، وقد نزل المدينة وتوفي فيها في عهد الخليفه يزيد بن معاوية، وفى غزوة الطائف قد وصل الجيش الإسلامي العملاق إلى الطائف، وتوقع الجميع معركة هائلة بين هذا التجمع الضخم من المسلمين، وبين تجمع هوازن وثقيف في حصون الطائف في عقر دارهم، وكان الجيش الإسلامي بكامله موجودا في الطائف، ويبلغ اثني عشر ألفا، وتوقع الجميع معركة هائلة، ولكن رفض المشركون الخروج للحرب، واختاروا أن يمكثوا في حصونهم دون قتال، وإذا قرر أهل ثقيف وهوازن عدم الخروج فسيكون القتال صعبا للغاية، ولكنهم رفضوا مع أن عددهم وعُدتهم أضعاف المسلمين.
ومع أنهم يقاتلون في بلادهم التي خبروها وبالقرب من مددهم، وفي ظروف اعتادوا عليها، ولكن الله تعالى ألقى الرهبة في قلوبهم، فما استطاعوا أن يأخذوا قرار الحرب مرة ثانية، واكتفوا بفضيحة حُنين، وكان فى ذلك الوقت نساء وأموال هوازن مع المسلمين، ومع ذلك فضلوا ألا يخرجوا من حصونهم، وعدم السعي لاستخلاص هذه الأنعام، وهذه الأموال، وهذه النساء من أيدي المسلمين، وكاد المسلمون يدخلون داخل أسوار الطائف، لولا أن أهل الطائف فاجئوا المسلمين بإلقاء الحسك الشائك المُحمَّى في النار، وهو عبارة عن أشواك حديدية ضخمة أوقدت عليها النار حتى احمرّت فألقوها على المسلمين، وهذه كانت مأساة كبيرة على المسلمين، فقد أصيبوا إصابات بالغة دفعت المسلمين إلى العورار بحرق حدائق العنب حتى يدفع أهل الطائف إلى الخروج للقتال، وكانت هذه الحدائق كثيرة، وتحيط بالحصن، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
لا يحرق هذه الأشجار، وهذه الأعناب بغرض التدمير، ولكن بغرض إجبار أهل الطائف على الخروج للقتال، وبدأ المسلمون في حرق كمية ضخمة من العنب، ولكن ثقيف نادت على المسلمين من وراء الأسوار، لما تقطع أموالنا؟ إما أن تأخذها إن ظهرت علينا، وإما أن تدعها لله وللرَّحِم، فقال رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم ” فإنى أدعها لله وللرحم ” لأن العلاقة بين ثقيف وقريش علاقة بعيدة، فقد كانت إحدى جدات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لأمِّه من ثقيف، وكانت الجدة الخامسة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكان اسمها هند بنت يربوع الثقفية، فلذلك ترك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الأعناب، وكان المسلمون يقطعون الأعناب لإجبار ثقيف وهوازن على الخروج من الحصون، فآثر أن يترك الأعناب لله تعالى، وللرحم التي بينه وبينهم.
ولم يفعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، مثل ما كانت تفعله الجيوش الكافرة مثل جيوش فارس، والرومان، والتتار، واليهود، وجيوش العصور الحديثة التي تفسد في الأرض لمجرد الإفساد، حتى إن الله تعالى يصفهم في كتابه العزيز فى سورة البقرة (وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله يحب الفساد ) أى أن الإفساد هدف في ذاته، ولكن المسلمين لم يفعلوا ذلك إلا لغاية محددة، فلمّا لم تفلح في إخراج أهل الطائف توقف المسلمون عن حرق الحدائق، وقد فكر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، في وسيلة تتضعف عزيمة أهل الطائف، فنادى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم،على العبيد في داخل الحصون، وقال ” أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر ” وكانت العبيد أعدادهم كبيرة في المجتمع العربي القديم، وكانت سياسة الإسلام تهدف إلى تحرير العبيد في كل مناسبة ممكنة، وكانت هذه فرصة طيبة لتحرير العبيد.
وهؤلاء العبيد في الغالب سيسلمون، وبذلك يستنقذون من ظلمات الكفر، وسيفقد أهل ثقيف طاقة هؤلاء العبيد، وسينقلون الأخبار من داخل ثقيف، فهناك أكثر من فائدة في فكرة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وبدأ الصحابة رضوان الله عليهم، ينادون على العبيد، وبدأ يخرج بعض العبيد من داخل الحصون، حتى وصل عددهم إلى ثلاثة وعشرين من العبيد، واكتشفت ثقيف الأمر، وشددت الحصار على الأسوار، ومنعت خروج بقية العبيد، ولكن المسلمين استفادوا من خروج مجموعة العبيد السابقين، إنهم إضافة إلى أمة الإسلام، ولأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها، وخير لك من حُمر النعم، والشيء الآخر أن هؤلاء العبيد أخبروا المسلمين ببعض المعلومات العسكرية الخطيرة، وأخبر هؤلاء العبيد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أن الطعام والشراب اللذين في داخل الطائف يكفيان أهل الطائف.
للصبر على الحصار سنة على الأقل أو عدة سنوات، وهي معلومة على جانب كبير من الأهمية لأن المسلمين لا يستطيعون أن يقضوا حياتهم في هذا المكان، لأن القوات الإسلامية ليست مجرد فرقة من الجيش الإسلامي، ولكن هذه القوات هي المجتمع المسلم بكامله، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لم يترك في المدينة المنورة إلا القليل من الرجال لحراسة النساء والديار، وهناك الكثير من القبائل التي دخلها الإسلام حديثا هنا وهناك تحتاج إلى متابعة مستمرة، خوفا من انقلابها إلى الكفر، وخوفا من مهاجمة المدينة المنورة وهي خالية من الرجال، وهناك اليهود في خيبر على مقربة من المدينة، وهم على عهد، وقد يخالفون كعادتهم، وهناك أهل مكة حديثو عهد بجاهلية، وهناك الغنائم الضخمة المتروكة في وادي الجِعرانة، وهذه مشاكل ضخمة وكثيرة، ولا يستطيع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أن يترك كل هذه الأمور.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *