Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع غزوة ذى قرد وقد توقفنا عندما قال ابن حجر في حديثه عن بعض فوائد هذه الغزوة هو جواز العَدو أى الجرى، الشديد في الغزو، والإنذار بالصياح العالي، وتعريف الإنسان نفسه إذا كان شجاعا ليرعب خصمه، واستحباب الثناء على الشجاع ومن فيه فضيلة لا سيما عند الصنع الجميل ليستزيد من ذلك، ومحله حيث يؤمن الافتتان، وفيه المسابقة على الأقدام، ولا خلاف في جوازه بغير عوض، وأما بالعوض فالصحيح لا يصح، وكذلك من فوائدها هو بطلان نذر المعصية، أو النذر فيما لا يملكه الإنسان، وحلم الرسول صلى الله عليه وسلم، وسماحته في تبسمه حينما نهى المرأة أن تنحر ناقته التي نجاها الله عليها، فكانت هذه الغزوة هى حركة مطاردة ضد فصيلة من بني فَزارة قامت بعمل القرصنة في إبل النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وخلاصة الروايات عن سلمة بن الأكوع بطل هذه الغزوة.

وأنه قال”بعث النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بظهره مع غلامه رباح، وأنا معه بفرس أبي طلحة، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على الظهر، فاستاقه أجمع، وقتل راعيه، فقلت يا رباح، خذ هذا الفرس فأبلغه أبا طلحة، وأخبر النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قمت على أكمة، وأستقبلت المدينة، فناديت ثلاثا يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز، وأقول خذها أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضّع، فو الله ما زلت أرميهم وأعقر بهم، فإذا رجع إلى فارس جلست في أصل الشجر، ثم رميته فتعفرت به، حتى إذا دخلوا في تضايق الجبل علوته، فجعلت أرديهم بالحجارة، فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه، ثم اتبعتهم أرميهم، حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة، وثلاثين رمحا يستخفون، ولا يطرحون شيئا

إلا جعلت عليه آراما من الحجارة، يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى أتوا متضايقا من ثَنية، فجلسوا يتغدون، وجلست على رأس قَرن، فصعد إلي منهم أربعة في الجبل، قلت هل تعرفونني؟ أنا سلمة بن الأكوع، لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته، ولا يطلبني فيدركني، فرجعوا، فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يتخللون الشجر، فإذا أولهم أخرم، وعلى أثره أبو قتادة، وعلى أثره المقداد بن الأسود، فالتقى عبد الرحمن وأخرم، فعقر بعبد الرحمن فرسه، وطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول على فرسه، ولحق أبو قتادة بعبد الرحمن فطعنه فقتله، وولي القوم مدبرين، فتبعتهم أعدو على رجلي، حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له ذو قَرد، ليشربوا منه، وهم عطاش، فأجليتهم عنه، فما ذاقوا قطرة منه، ولحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخيل عشاء.

فقلت يا رسول الله، إن القوم عطاش، فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما عندهم من السَّرح، وأخذت بأعناق القوم، فقال ” يا بن الأكوع، ملكت فأسجح ” ثم قال ” إنهم ليقرون الآن في غطفان ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة ” وأعطاني سهمين، سهم الراجل وسهم الفارس، وأردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، وقد استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، على المدينة في هذه الغزوة عبد الله ابن أم مكتوم، وعقد اللواء للمقداد بن عمرو” وهذه الغزوة تعتبر كلها للصحابي الجليل سلمة بن الأكوع الذي يعتبر بحق أسد الأسود وانظر كيف كان فعل هذا الصحابي تجاه الأمر الواقع، انطلق سلمة وحده خلف العدو وهو وحده على قدميه، وكان أسرع العرب حتى أنه كان يسبق الخيل على قدميه، حتى وصل خلف العدو وأخذ يرميهم بالسهام فإذا أرادوا الرجوع إليه فر هاربا بسرعة لا يدركه أحد.

وإذا عادوا عاد ورائهم بسرعة يرميهم بالسهام, وصعد على ثنية جبل وهم يسقون إبلهم فرماهم بالحجارة فلقوا منه شدة ودخلهم خوف عظيم من هذا السبع الضاري حتى إنهم تخففوا من غنائمهم التي نهبوها فألقوا ثلاثين رمحا وثلاثين بردة حتى أمضوا في الهرب وظنوا أنهم قد نجوا منه فجلسوا يستريحون وكان الوقت ضحى فإذا بالسبع يطلع عليهم من رأس جبل مرددا ما قال من قبل فارتاعوا لما رأوه وقال لهم عيينة بن حصن، لولا أن هذا الرجل وراءه طلبا ما ترككم, ليقم إليه نفر منكم، فقام إلى سلمة أربعة رجال فقال لهم ابن الأكوع،أتعرفونني أنا ابن الأكوع والذي كرم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني, فخافوا منه ورجعوا عنه، وعلى الطرف الآخر عندما خرج سلمة في أهل المدينة سمع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، صراخه فترامت الخيول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى إليه ثمانية فرسان.

منهم المقداد وأبو قتادة والأخرم وغيرهم فأمر عليهم سعد بن زيد وأمرهم باللحاق بالعدو على أن يلحق بهم النبي صلى الله عليه وسلم، مع باقي الناس فانطلقت كتيبة الفرسان وكان فيهم أبو عياش فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “يا أبا عياش لو أعطيت هذا الفرس رجلا هو أفرس منك فلحق بالقوم” فقلت يا رسول الله أنا أفرس الناس, فضرب أبو عياش الفرس فما جرى به سوى خمسين ذراعا حتى طرحه، فخرج الفرسان حتى تلاحقوا وأدركوا سلمة بن الأكوع وهو يرمي الناس بالنبل فكان أول الفرسان وصولا للعدو الأخرم واسمه محرز بن نضلة وعلى أثره أبو قتادة فارس الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخذ سلمة بن الأكوع بزمام فرس الأخرم فقال له يا أخرم احذر القوم فإني أخاف أن يقتطعوك فائتد, أي انتظر, حتى يلحق بك الناس, فقال أخرم يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق, فلا تحل بيني وبين الشهادة.

فخليت فرسه فانطلق فلقيه حبيب بن عيينة فقتل الأخرم فمات رضى الله عنه، وكان قبل ذلك بيوم قد رأى رؤيا أن السماء قد انفتحت حتى السماء السابعة، وقيل له هذه منزلتك، فقصها على أبي بكر الصديق وكان أعبر الناس للرؤيا، فقال له “يا أخرم تموت شهيدا” لذلك قال ما قال لسلمة، فلحق أبو قتادة بحبيب بن عيينة فقتله، وتلاحق الفرسان المسلمون فقتل عكاشة بن محصن أوبارا وولده عمرا بضربة رمح واحدة وهما على بعير واحد وتلاحق الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم، وانطلق أبو قتادة في مقدمة الناس فالتقى أبو قتادة مع مسعدة الفزاري وكان من قبل ذلك قد التقى أبو قتادة مع مسعدة في سوق المدينة وأبو قتادة يشتري فرسه هذا الذي يركب عليه فقال له مسعدة وهو مشرك ما هذا الفرس، فقال أبو قتادة فرس أردت أن أربطها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مسعدة ما أهون قتلكم وأشد جرأتكم، فقال أبو قتادة، أما إني أسأل الله تعالى أن ألقينك وأنا عليها، قال مسعدة، آمين، فالتقى أبو قتادة مع مسعدة، فقتله أبو قتادة بيديه ووضع عليه برده، حتى يعرف الناس أنه قتيله.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *