Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع محمد الرحمة المهداة، وقد اختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم “روضة من رياض الجنة” فقيل أن ذلك الموضع بعينه ينقل إلى الجنة لأنه موضع من مواضع الجنة وروضة من رياضها، وقيل أن العبادة فيه تؤدي بصاحبها إلى الجنة، وقال ابن بطال الروضة فى كلام العرب هو المكان المطمئن من الأرض فيه النبت والعشب، وإنما عنى صلى الله عليه وسلم أن ذلك الموضع للمصلي فيه، والذاكر الله عنده والعامل بطاعته كالعامل فى روضة من رياض الجنة، وأن ذلك يقود إلى الجنة، وقال ابن عبد البر في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم ما بين بيتي ومنبري وروي ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة.
فقال قوم معناه أن البقعة ترفع يوم القيامة فتجعل روضة في الجنة، وقال آخرون هذا على المجاز وقال ابن عبد البر، كأنهم يعنون أنه لما كان جلوسه وجلوس الناس إليه يتعلمون القرآن والإيمان والدين هناك شبه ذلك الموضع بالروضة لكرم ما يجتنى فيها وأضافها إلى الجنة لأنها تقود إلى الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم “الجنة تحت ظلال السيوف” ويعني أنه عمل يوصل به إلى الجنة، وكما يقال الأم باب من أبواب الجنة يريدون أن برّها يوصل المسلم إلى الجنة مع أداء فرائضه، وهذا جائز سائغ مستعمل في لسان العرب والله أعلم، وقوله صلى الله عليه وسلم ” ومنبرى على حوضى” أي ينقل المنبر الذي كان عليه أثناء هذه الكلمة وأثناء هذه المقالة.
يوم القيامة فينصب على حوضه عليه الصلاة والسلام، وكذلك بيانه صلى الله عليه وسلم لصفة الدجال لأمته، حيث قال بن عمر رضى الله عنهما، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال ” إنى لأانذركموه وما نبى إلا أنذر قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكنى أقول لكم قولا لا يقله نبى لقومه، تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور” وقال ابن حجر قيل إن السر في اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالتنبيه المذكور مع أنه أوضح الأدلة في تكذيب الدجال، أن الدجال إنما يخرج في أمته دون غيرها ممن تقدم من الأمم، ودل الخبر على أن علم كونه يختص خروجه بهذه الأمة كان طوي عن غير هذه الأمة.
كما طوي عن الجميع علم وقت قيام الساعة، وفى قوله صلى الله عليه وسلم ” أنه أعور، وأن الله ليس بأعور” إنما اقتصر على ذلك مع أن أدلة الحدوث في الدجال ظاهرة لكون العور أثر محسوس يدركه العالم والعامي ومن لا يهتدي إلى الأدلة العقلية فإذا ادعى الربوبية وهو ناقص الخلقة والإله يتعالى عن النقص علم أنه كاذب، وزاد مسلم في رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومئذ للناس وهو يحذرهم ” تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت” وفيه تنبيه على أن دعواه الربوبية كذب لأن رؤية الله تعالى مقيدة بالموت والدجال يدعي أنه الله ويراه الناس مع ذلك، وقال التوربشتي يحتمل أن أحدا من الأنبياء لم يكاشف أو يخبر بأنه أعور.
ويحتمل أنه أخبر، ولم يقدّر له أن يخبر عنه كرامة لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم حتى يكون هو الذي يبين بهذا الوصف دحوض حجته الداحضة ويبصر بأمره جهال العوام، فضلا عن ذوي الألباب والأفهام، فالنبي صلى الله عليه وسلم معلما للأمة، فينبغي على جميع المعلمين أن يقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه للأمة، كيف كان حرص النبي صلى الله عليه وسلم على المؤمنين؟ وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه؟ وكيف كان يوجههم؟ وكيف كان يجذب انتباههم؟ وهو ما ثبت في السنة من كون النبي صلى الله عليه وسلم معلما، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا، ولكن بعثني معلما ميسرا” هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *