Share Button
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء التاسع مع معاناة الرسول فى طريق الدعوة، فالإنسان لا يمكن أن يعيش بهناء وسعادة وينام قرير العين بدون الأمن، وإن كثير من العبادات وكثير من الأعمال الصالحة لا يمكن أن تكون بدون الأمن، فالأمن ضرورة حياتيه مثل الطعام والشراب، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره” وقد عني الإسلام بهذا الأمر عناية فائقة واتخذ عددا من الطرق والعوامل لتحقيق الأمن في المجتمع الإسلامي ومنها هو العناية بالفرد وتربيته وتنشئته تنشئه صالحة، لأن المجتمع يتكون من عدد من الأفراد.
فإذا كان الفرد المسلم عنده وازع إيماني يعصمه من ارتكاب الجريمة وإيذاء الناس، صار هذا فيه حفظ للمجتمع المسلم من شرور هذا الفرد، والمجتمع كله هو مجموعة من الأفراد ولذلك نجد أن الإسلام عني بتنشئة البيت المسلم من البداية فوجه الرجل إلى الزواج بذات الدين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تنكح المرأه لأربع، لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ” ولقد كان ملك اليمن يسمى تبّعا، وكان في اليمن حضارة عظيمة، كان فيها سد مأرب، وهو سد عظيم يروي أراضي واسعة جدا، وقد غرست فيها الأشجار من كل صنف، كانت المرأة تحمل مكتلها وتمر من بين الأشجار، فيمتلئ المكتل بالفاكهة الناضجة دون أن تقطفها بيدها.
وكان الجو في اليمن نظيفا خاليا من الحشرات، وكانت اليمن تسمى بلاد العرب السعيدة، وكان فيه قصر غمدان، وهو مكون من طوابق كثيرة وسقف آخر طابق من زجاج، كان الجالس في آخر طابق يرى الطير في السماء من السقف، ثم تهدم السد، فنزحت كثير من القبائل من اليمن إلى شمالي الجزيرة، ومن هذه القبائل الأوس والخزرج سكنتا في يثرب ثم صار أسمها في الإسلام المدينة المنورة، وسكن الغساسنة في الشام، والمناذرة في العراق، وسميت الغساسنة نسبة إلى بئر ماء لرجل اسمه غسان، وردت عليه هذه القبيلة التي جاءت من اليمن، ثم ارتحلت إلى الشام وسكنت المزة قرب دمشق، وكان الغساسنة تحت سيطرة الرومان، أشهر ملوكهم الحارث الأعرج.
وآخر ملوكهم جبلة بن الأيهم الذي أسلم في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم ارتد جبلة وعاد إلى بلاد الروم، ثم ندم على ردته وصار يبكي، وكانت من القبائل هى المناذرة، وهى نسبة إلى ملكهم المنذر بن ماء السماء، وهي أمه، كانوا في العراق تحت سلطان الفرس المجوس عبّاد النار، كان الفرس والروم في حرب دائمة، وكانت الجيوش المتحاربة من العرب المناذرة والغساسنة، وكان الجند من العرب والقادة أجانب، العرب يقتل بعضهم بعضا، والثمرة للأجنبي الروماني والفارسي، فلما جاء الإسلام وحد الجزيرة العربية وأنقذ الغساسنة من الروم بعد معركة اليرموك في الشام، وأنقذ المناذرة من الفرس بعد معركة القادسية ونهاوند.
وامتدت الدولة الإسلامية من الصين شرقا إلى الأندلس غربا، في دولة واحدة، لا يحتاج المسافر في هذه البلاد إلى جواز سفر، لأن هذه البلاد كلها دولة واحدة، ليس بينها حدود، لها حاكم واحد هو خليفة المسلمين، وكانت القبائل العربية تعتمد في حياتها على التنقل من مكان إلى آخر طلبا للمرعى، لأن حياتهم متوقفة على إنتاج الأنعام كالغنم والإبل، فكانت يقوم الحروب المتكررة العنيفة بسبب ذلك، كان شيخ القبيلة يحمي منطقة معينة، فلا يجرؤ أحد على أن يرعى فيها، وكانت عقولهم تثور لأبسط الأمور وتقوم حروب وتجري دماء بسبب ذلك، كحرب داحس والغبراء، وحرب البسوس، وكل حرب من هاتين الحربين دامت أربعين عاما، وهكذا كانت حالة العرب في الجاهلية، وقد سميت بهذه التسمية، لقلة أناتهم، فالجاهلية ضد الحلم.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *