Share Button
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء العاشر مع معاناة الرسول فى طريق الدعوة، وهكذا كانت حالة العالم قبل الإسلام وقبل مولده صلى الله عليه وسلم، حالة من الفوضى والرعب والخوف الدائم، كان العربي متعصبا لقبيلته ينصر غيره منهم وقد قيل فى ذلك الوقت انصر أخاك ظالما أو مظلوما وقال الشاعر زهير بن أبي سلمى “ومن لا يظلم الناس يظلم” ولم يعرف العرب ولا العالم الهدوء والأمن والسلام إلا في ظلال الإسلام، في دعوة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فأصبح العربي يعيش في خبائه آمنا من غارة عليه وهو نائم، وآمن في أغنامه وهو يرعاها لا يخاف أن تأتيه فرسان يقتلونه ويسلبون ماله، ولا تخاف المرأة أن يأتي جيش قبيلة يغيرون عليهم صباحا فيقتلون الرجال ويسبون النساء.
ولما انطلق الجيش الإسلامي للفتوحات، كانت أخلاق هذا الجيش قد عرفتها الدنيا كلها، كانت المرأة في تلك البلاد تخاف على عفتها من أبيها ولا تخاف من هذا الفارس الفاتح، فكانت هذه الشعوب تساعد هؤلاء الفاتحين ضد حكامهم، وكل ذلك بفضل الله تعالى على العرب وعلى الإنسانية، بهذا المولود الجديد الذي أرسله الله رحمة للعالمين، صلى الله عليه وسلم، وإن من أعظم الأسباب التي تعين على الرحمة، هو قراءة سيرة السلف الصالح والأئمة المهديين من الصحابة والتابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، والوقوف على ما كانوا عليه من الأخلاق الجميلة والآداب الكريمة، ولو يعلم الذين آذوا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالكلمات أو الأفعال.
كيف كانت رحمته بهم، وكيف كانت شفقته عليهم، لذابت قلوبهم محبة له ورغبة في اتباعه صلى الله عليه وسلم، فلقد شمِلت رحمة الإسلام القريب والبعيد، والمسلم وغير المسلم، فرأينا سلوك المسلمين مع المحاربين من غير المسلمين، فالبر والقسط مطلوبان من المسلم للناس جميعا، ولو كانوا كفارا بدينه، ما لم يقفوا في وجهه ويحاربوا دعاته، ويضطهدوا أهله، فنجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب عندما يجد امرأة مقتولة وهو يمر في إحدى الغزوات، فقال “ما كانت هذه لتقاتل” بل ينهى عن قتل النساء والشيوخ والإطفال، ومَن لا مشاركة له في القتال، فإن المتأمل لحروب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أعدائه سواء من المشركين.
أو اليهود، أو النصارى ليجد حُسن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كل هؤلاء الذين أذاقوه ويلات الظلم والحيف والبطش، إلا أنه كان يعاملهم بعكس معاملاتهم له، فإذا تأمّلنا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه المجاهدين الذين خرجوا لرد العدوان، نجد في جنباتها كمال الأخلاق، ونبل المقصد، فها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي عبدالرحمن بن عوف عندما أرسله في شعبان فى السنة السادسة إلى قبيلة كلب النصرانية الواقعة بدومة الجندل، قائلا “اغزوا جميعا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، فهذا عهد الله وسيرة نبيه فيكم” رواه الحاكم، وكذلك كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
للجيش المتجه إلى معركة مؤتة، فقد أوصاهم قائلا “اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، ولا كبيرا فانيا، ولا مُنعزلا بِصومعة” رواه مسلم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة، فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان” رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لهما “وُجدت امرأة مقتولة في بعض تلك المغازي، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان” وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على دعوتهم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول “الحمد لله الذي أنقذه من النار” رواه البخاري.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *