Share Button
فى طريق النور ومع منهج الرسول فى بناء الحضارات “جزء 4 “
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع منهج الرسول فى بناء الحضارات، ويقرر الإسلام أن حياة الإيمان بدون عمل واستثمار هي عقيم كحياة شجر بلا ثمر، فهي حياة تثير المقت الكبير لدي واهب الحياة الذي يريدها خصبة منتجة كثيرة الثمرات، فيجب على المسلم أن يكون وحدة إنتاجية طالما هو على قيد الحياة، ما دام قادرا على العمل، بل إن قيام الساعة لا ينبغي أن يحول بينه وبين القيام بعمل منتج، وفي ذلك يدفعنا النبي صلى الله عليه وسلم دفعا إلى حقل العمل والاستثمار وعدم الركود والكسل فيقول “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر” رواه أحمد والبخاري، كما حث الإسلام على اتخاذ المهنة للكسب.
مهما كانت دنيئة فهي خير من المسألة، لذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهتم بالعمل والاستثمار والترغيب فيه فيقول ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلىّ من موطن أتسوق فيه لأهلي أبيع وأشتري، وكان إذا رأي فتى أعجبه حاله سأل عنه هل له من حرفة ؟ فإن قيل لا، سقط من عينيه، وكان إذا مدح بحضرته أحد سأل عنه هل له من عمل؟ فإن قيل نعم، قال إنه يستحق المدح، وإن قالوا لا، قال ليس بذاك، وكان يوصي الفقراء والأغنياء معا بأن يتعلموا المهنة ويقول تبريرا لذلك يوشك أن يحتاج أحدكم إلى مهنة، وإن كان من الأغنياء، وكان كلما مر برجل جالس في الشارع أمام بيته لا عمل له أخذه وضربه بالدرة وساقه إلى العمل والاستثمار.
وهو يقول إن الله يكره الرجل الفارغ لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة، وإن القلب ليحزن حينما يري الشباب وهم في أعز قواهم العقلية والجسدية ومع ذلك يفني الشباب قوته وشبابه في الفراغ وفي كل ما حرم الله تبارك وتعالي من ملاه ومشارب وخمور ومجون وغير ذلك، ولو لم يكن الإنسان في حاجة إلى للعمل، لا هو ولا أسرته، لكان عليه أن يعمل للمجتمع الذي يعيش فيه فإن المجتمع يعطيه، فلابد أن يأخذ منه، على قدر ما عنده، وقيل أن رجلا مر على أبي الدرداء الصحابي الزاهد رضي الله عنه، فوجده يغرس جوزة، وهو في شيخوخته وهرمه، فقال له أتغرس هذه الجوزة وأنت شيخ كبير، وهي لا تثمر إلا بعد كذا وكذا عاما؟
فقال أبو الدرداء وما علي أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري، وأكثر من ذلك أن المسلم لا يعمل لنفع المجتمع الإنساني فحسب، بل يعمل لنفع الأحياء، حتى الحيوان والطير، وبذلك يعم الرخاء ليشمل البلاد والعباد والطيور والدواب، إذن فالإسلام قد حث على العمل والكسب والاحتراف والاستثمار، وأن الأمة الإسلامية غنية بما وهبها الله من موارد وطاقات وأن هذه الموارد وتلك الطاقات، لو استغلت استغلالا صحيحا في حدود القيم والأخلاق وفي حدود التخطيط السديد لأصبحت من أغني أغنياء العالم، فتقدمها ونماءها وازدهارها مصحوب بالقيم الأخلاق أولا، وبالجد والسعي والعمل ثانيا، فهذان ميزانان بهما ترقي الأمة وتتقدم.
وبانعدامهما تتخلف وتصاب بانحطاط مادي وخلقي وكفي بالواقع المعاصر على ذلك شهيدا، ويجب على العامل أن يراقب الله في جميع أعماله وأحواله وأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته لأن الله أقرب إليك من حبل الوريد، فقال تعالي فى سورة ق ” ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد” وقال ابن الجوزي رحمه الله الحق عز وجل أقرب إلى عبده من حبل الوريد، لكنه عامل العبد معاملة الغائب عنه البعيد منه، فأمر بقصد نيته، ورفع اليدين إليه، والسؤال، فقلوب الجهال تستشعر البعد، ولذلك تقع منهم المعاصي، إذ لو تحقّقت مراقبتهم للحاضر الناظر لكفوا الأكف عن الخطايا والمتيقظون علموا قربه فحضرتهم المراقبة.
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏‏جلوس‏، ‏مكتب‏‏‏ و‏منظر داخلي‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *