Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع نبى الله أنوش بن شيث عليه السلام، ويجب علينا أن نعلم أنالأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، قد جاءوا جميعا لهداية البشرية في أطوارها المختلفة، وذلك شبيه بأساتذة المراحل التعليمية، فالجميع معلمون، والكل يكمل بعضهم بعضا في تلبية حاجة العقل البشري بمراحله، حتى انتهى الأمر ببعثة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جمع الكمالات الإنسانية، والمنهج الكامل المحفوظ، والذي ينبغي أن تدركه أن الرسل والأنبياء المذكورين في كتاب الله تعالى، خمسة وعشرون نبيا ورسولا، علما بأن الله تعالى، ابتعث مائة وأربعة وعشرين ألفا، فلماذا أخفيت أسماؤهم؟ قال العلماء: حتى تتربى الأمة على الإخلاص، فليست العبرة بذكر الأسماء، وإنما بقبول العمل.

وقد وقفنا عندما لما ولد شيث وكبر فقد اعتزل ادم الى عبادة ربه وقراءة الصحف، وصار شيث بدلا عنه يتولي امر اخوته ويقضي بينهم بالحق، فبينما، ادم في خلوته يعبد الله تعالى اذ اوحى الله اليه : يا ادم اوص ولدك شيثا بما اوصيتك به فاني مذيقك الموت الذي كتبته عليك وعلى اولادك الى يوم القيامة، فقام ادم عليه السلام فأحضر إبنه شيث واوصاه باوامر، وبأمور كثيرة حتى اعلمه بوقوع الطوفان وهلاك العالم وعلمه اوقات العبادة من الليل والنهار وقيل أنه اخرج له سمطا من حرير ابيض كان فيه صور، الانبياء ومن يملك الدنيا الى يوم القيامة، وكان هذا السمط انزل على ادم عليه السلام من الجنة فعرضه على إبنه شيث وامره ان يطويه ويحفظه وأن يضعه في تابوت ويقفل عليه، وقد قيل أنه قام ادم عليه السلام.

فعمد الى شعرات من لحيته ووضعهن في التابوت وقال : يا بني خذ هذه الشعرات فاذا اهمك امر فاحملها معك فانك تظفر باعدائك ما دامت هذه الشعرات، معك واذا رايتها قد ابيضت فاعلم ان اجلك قد اقترب وسوف تموت في تلك السنة، وقام ادم عليه السلام فنزع خاتمه واعطاه لولده شيث وقد سلمه التابوت والصحف التي انزلت عليه وقد قيل أن آدم عليه السلام قال لولده شيث : يا بني حارب اخاك قابيل فان الله ينصرك عليه، وقال وهب بن منبه، لما توفي ادم عليه السلام، كان شيث ابن ربعمائة سنة وكان قد اعطاه التابوت والسمط وسيفه وفرسه الميمون، الذي قيل أنه نزل اليه من الجنة وكان اذا صهل أجابته دواب الأرض بالتسبيح، وقد قيل أنه اوصاه ادم بقتال اخيه قابيل، فخرج شيث لقتاله فحاربه.

وكانت هي اول حرب جرت في الارض بين بني ادم، فأنتصر شيث واسر قابيل فقال وهو اسير : احفظ يا شيث ما بيننا من الرحم فقال شيث له معاتبا، لاي شئ لم تحفظه وقتلت اخاك هابيل؟ ثم اخذه شيث وغل يده في عنقه واوقفه في الحر حتى مات، ثم رجع شيث الى الهند واقام يقضي بين الناس بالحق كما اوصاه ابوه، وقد قيل ان حواء زوجة ادم عليهما السلام، توفيت في زمن ابنها شيث، ثم انزل الله على شيث خمسين صحيفة وهو اول من نطق بالحكمة واول من اخرج المعاملة بالذهب والفضة واول من اظهر البيع والشراء واتخذ الموازين والكيل، وهو اول من استخرج المعادن من الارض ، وقيل ان شيث ولد ولدا ذكرا سماه أنوش وكان شيث في جبهته نور النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

الذي انتقل اليه من ادم فلما ولد انوش انتقل النور الى جبهته فعلم شيث ان اجله قد اقترب فنظر الى الشعرات فوجدها ابيضت فمات شيث في تلك السنة وقيل أنه كان له من العمر تسعمائة سنة وقيل في التوراة أن عمره كان تسعمائه واثنى عشرسنة، فلما مات شيث، استخلف بعده ابنه انوش وتسلم التابوت والسمط والصحف والخاتم فسار احسن سيرة وقضى بالحق، وقد ولد أنوش في زمن جده آدم عليه السلام، فلمّا احتضر شيث أوصى إلى ابنه أنوش وأخبره بالنور الذي انتقل إليه منه، أي نور خاتم الرسل الكرام الذي يولد من نسله، وأمره أن ينبّه ولده على هذا الشرف، كابرا عن كابر وسلفا بعد سلف، فقام ولده أنوش بعده بالامر أحسن قيام، ودبر الرعايا وعمل بالشرائع على ما كان عليه أبوه، وهو أول من غرس النخل وزرع الحبّ.

وقد قيل إن أنوش قد لبث في الارض يعمّرها، وولد له قينان ولاح النور في جبينه، وأخذ عليه العهد، أي العهد في أخبار من يحمل نور خاتم الانبياء من ولده، وولد شيث أنوش وهو بكره ووصيّه، وإن أنوش أوصى إلى ابنه قينان وكان قد علمه الصحف، وقد قيل في تاريخ اليعقوبي: أنه قام أنوش بن شيث بعد أبيه بحفظ وصيّة أبيه وجدّه، وأحسن عبادة الله، وأمر قومه بحسن العبادة، وقد قيل في تاريخ الطبري: بأن أنوش قام مقام أبيه بسياسة الملك وتدبير الرعية، ولمّا حضرت أنوش الوفاة اجتمع إليه بنوه وبنو بنيه قينان، ومهلائيل ويرد، وأخنوخ، ومتوشلح، ونساؤهم، وأبناؤهم، فصلى عليهم، ودعا لهم بالبركة، ونهاهم أن يدعوا أحدا من بنيهم أن يختلطوا بولد قابيل اللعين، وأوصى قينان بجسد آدم، وأمرهم أن يصلوا عنده.

ويقدسوا الله كثيرا، وتوفي بعد هذه الوصايا، وقد ولد لانوش قينان، ولاح النور في جبينه، وهو نور خاتم الانبياء، وأخذ عليهم العهد، ولما احتضر أنوش أوصى إلى ابنه قينان، وانتقل النور إلى قينان وأخبره بالسرّ الذي أودعه فيه، فسار قينان بسيرة أبيه، وقيل أن المقصود من السرّ، هو نور خاتم الانبياء الذي كان ينتقل من أحدهم إلى الاخر، وقد أوصى أنوش إلى ابنه قينان وقد كان علمه الصحف، وبيّن له قسمة الارض وما يكون فيها، وأمره بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج، وبجهاد ولد قابيل، ففعل ما أمره به أبوه، وقد قيل في تاريخ اليعقوبي، وأنه قام قينان بن أنوش وكان رجلا لطيفا، تقيّا، مقدّسا، فقام في قومه بطاعة الله وحسن عبادته، واتباع وصيّة آدم وشيث، فلما دنا موته اجتمع إليه بنوه وبنو بنيه مهلائيل.

ويرد، ومتوشلح، ولامك، ونساؤهم، وأبناؤهم، فصلى عليهم، ودعا لهم بالبركة، وجعل وصيّته إلى مهلائيل، وأمره أن يحتفظ بجسد آدم عليه السلام، وقد قال المسعودي في مروج الذهب ما موجزه، هو أنه عندما حملت حواء بشيث تلالا النور في جبينها, فلما ولدته انتقل النور اليه، فلما ترعرع وكمل اوعز اليه آدم وصيته، واعلمه انه حجة الله بعده وخليفته في الارض، وهو المؤدي حق الله الى اوصيائه، وانه الثاني في انتقال نور الرسول الخاتم اليه، وقد قيل فى أخبار الزمان، أنه لما اراد الله تعالى، ان يتوفى آدم عليه السلام، امره ان يسند وصيته الى ابنه شيث، ويعلمه جميع العلوم التي علم بها ففعل، وفي تاريخ اليعقوبي قد قال أنه لما حضرت آدم الوفاة، جاءه شيث ابنه وولد ولده، فصلى عليهم ودعا لهم بالبركة.

وجعل وصيته الـى شيث، وامره ان يحفظ جسده ويجعله اذا مات في مغارة الكنز، وان يوصي بنيه وبني بنيه، ويـوصي بعضهم بعضا عند وفاتهم، اذا كان هبوطهم من جبلهم ان ياخذوا جسده فيجعلوه وسط الارض، وأمر شيث ابنه ان يقوم بعده في ولدهم، فيامرهم بتقوى الله وحسن عبادته، وينهاهم ان يخالطوا قابيل اللعين وولده، ثم صلى على بنيه اولئك، ثم مات يوم الجمعة وقد قيل أنه قام بعد موت آدم ابنه شيث، وكان يامر قومه بتقوى الله تعالى، والعمل الصالح، وقد قيل في اخبار الزمان، ان الله تعالى امره ببناء البيت والحج والعمرة، وكان اول من اعتمر، فلما مات آدم عليه السلام، وقد جاء الى مكة فاقام بها يحج ويعتمر، وبنى الكعبة بالحجارة والطين، ويعني انه كان رث فجدده، واقام يعمر الارض.

ويقيم الحدود على المفسدين كما كان يفعل ابوه، وقد قيل ان آدم حين ادى الوصية الى شيث احتقبها واحتفظ بمكنونها, وحكم في الناس واستشرع صحف ابيه, وواقع امراته فحملت بانوش، فانتقل النور اليها، حتى اذا وضعته لاح النور عليه، فلما بلغ الوصاة اوعز اليه شيث في شان الوديعة، وعرفه شانها وانها شرفهم وكرمهم، واوعز اليه ان ينبه ولده على حقيقة هذا الشرف وكبر محله، وان ينبهوا اولادهم عليه، ويجعل ذلك فيهم وصية منتقلة ما دام النسل، فكانت الوصية جارية تنتقل من قرن الى قرن، الى ان ادى الله النور الى عبد المطلب وولده عبدالله ابي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من مهام الرسل الكرام، هو الإجابة على الأسئلة الثلاثة التي ضلت البشرية يوم أن وضعت لها الإجابات البشرية القاصرة الضالة المنحرفة، وهي: كيف جئنا؟ ولماذا جئنا؟ وإلى أين المصير؟.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *