Share Button

فى طريق النور ومع نبى الله يوسف ” الجزء الأول “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

لقد ظلت الحضارة المصرية الفرعونية مجهولة لا يعرف عنها إلا بعض الآثار الظاهرة والتي غمر معظمها تحت الرمال الصحراوية في الجيزة وأسوان والأقصر، حتى قام جان فرانسوا شامبليون العالم الفرنسي بفك رموز اللغة المصرية القديمة بعد استعانته بحجر رشيد الذي كان قد اكتشف أثناء الحملة الفرنسية على مصر، فقد نقش على الحجر نص بلغتين وثلاث كتابات المصرية القديمة ومكتوبة بالهيروغليفية والتي تعني الكتابة المقدسة، لأنها كانت مخصصة للكتابة داخل المعابد، والديموطيقية وتعني الخط أو الكتابة الشعبية، واللغة اليونانية بالأبجدية اليونانية، ومن خلال المقارنة بينهم نجح في فك طلاسم الكتابة الهيروغليفية، ولقد فتح هذا الاكتشاف الباب واسعا أمام الاكتشافات الأثرية والتعرف على حياة الفراعنة وحياة المصريين القدماء، وإن كلمة فرعون تعني باللغة المصرية القديمة البيت الكبير والتي تطور استعمالها إلى لقلب لحكام مصر ولم يعرف هذا اللقب لحكام مصر إلا في بداية الأسرة الثامنة عشر، حيث وجد نقش عليه خطاب موجه إلى أمنحوتب الخامس وهو اخناتون والذي دعي على أنه فرعون كل الحياة والرخاء والصحة، وكان لقب حكام مصر هو الملك بدون خلاف على ذلك سواء في أيام احتلال الهكسوس.

الذي يعني اسمه الملك الرعاة باللغة المصرية القديمة لمصر، وسوف نتحدث عن نبى من أنبياء الله تعالى وهو نبي الله الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام، وقد قصَ الله تعالى قصة نبيه يوسف في سورة من سور القرآن الكريم سمّيت باسمه، واشتملت على تفصيلات كثيرة من حياته الشريفة، وقد ابتدأت آيات سورة يوسف بذكر الرؤيا التي رآها يوسف عليه السلام حينما رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فأمره أبوه أن يكتم رؤياه تلك حتى لا يكيد له أخوته، وقد كان أخوة يوسف يغارون منه لمكانته من أبيه، فعزموا أن يبعدوه عن أبيه ويلقوه في غيابات الجب، وفي أثناء عزمهم على ذلك جاء سيارة فابتاعوه من أخوته بثمن بخس، ثمَّ عند وصول القافلة إلى مصر اشتراه عزيز مصر فتربّي في بيته، وبعد أن بلغ يوسف أشده راودته امرأة العزيز عن نفسها فامتنع وعصمه الله، ثم بدا للقوم أن يسجنوا يوسف فلبث في السجن بضع سنين، وفي أثناء وجود يوسف في السجن رأى الملك رؤيا عجز كل الناس عن تفسيرها إلا يوسف عليه السلام، فأمر الملك بإخراجه من السجن وجعله من المقربين إليه، وبعد أن مكَن الله ليوسف في الأرض استطاع أن يأتي بأهله جميعا إلى مصر لتتحقق رؤياه التي رآها.

حينما رفع أبويه على العرش وخرَّوا له ساجدين تعظيما له وتبجيلا، فدعا يوسف ربه بلسان الشاكرين قائلا ” رب قد آتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولى فى الدنيا والآخرة توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين ” وإن نبى الله يوسف عليه السلام تعرض لمحنة في عرضه فاستعلى عليها وملك غرائزه، لأن الرجل الرشيد يسير غرائزه ولا تسيره، ولذلك عد الرجل الذي دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، أين هذا ممن كانت الشهوة هي المسيرة له، فضايق نساء المسلمين في الشوارع والأسواق، بل وحتى في البيوت، ومن خلال الهاتف، باحثا عن متعة حرام، فاعلا كل ما يلهب غرائزه، من نظر إلى الصور الفاتنة، أو نظر إلى النساء، والأفلام، أو غير ذلك، فلا بد لنا أن نبعد عن فلذات أكبادنا ما يلهب غرائزهم، ونغرس فيهم تقوى الله وخشيته والخوف من عقابه، لتكون حواجز أمامهم في طريق المعاصي، ونعلمهم أمثال هذه القصة، ونستخرج لهم منها العبرة، ونعلمهم الإخلاص، لأنه من أكبر الأسباب لحصول كل خير واندفاع كل شر، كما قال الله تعالى فى سورة يوسف ” كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين “

فيوسف أصبح من المخلصين لأنه كان من المخلصين، وانظروا كيف أقام الله تعالى الشاهد الصغير من أهلها وأنطقه بالحق، فتبين صدق يوسف وكذبها، وتعد قصة نبى الله يوسف عليه السلام هي إحدى القصص القرآنية التي ذكرت أحداثها بالتفصيل حيث أنزل الله تعالى فيها سورة كاملة منفصلة تتحدث عن قصة نبي الله يوسف وأبيه يعقوب عليهما السلام، وإخوته، ولقد كان لنبى الله يوسف عليه السلام مكانة كبيرة في قلب أبيه يعقوب عليه السلام، وقد حظي منه على حب كبير ظاهر، وقد جعل ذلك أخوته يحسدونه على ذلك الحب ودبّت في قلوبهم الغيرة منه، وقد جاء يوسف عليه السلام إلى أبيه وأخبره بأنه رأى في منامه الشمس والقمر، كما ورأى أحد عشر كوكبا يسجدون له؛ فأمره أبوه ألا يخبر إخوته بهذه الرؤيا خوفا عليه منهم، كون ذلك سيزيد من حقدهم عليه وغيرتهم منه، وقد تطور حقد وكره أخوة يوسف عليه السلام له حتى قرروا أن يتخلصوا منه وينفردوا بأبيهم ليصبح حبه لهم وحدهم، حيث رأوا أن حب والدهم ليوسف عليه السلام، وأخيه وتفضيلهما عنهم خطأ وليس من الرشد في شيئ فتشاوروا بينهم على الطريقة الأفضل للتخلص من يوسف عليه السلام دون أن يلومهم والدهم أو يعلم بفعلتهم فاقترحوا قتله.

فقال أحدهم أن إلقائه في البئر أفضل من قتله، وطلبوا من والدهم أن يسمح لهم باصطحاب يوسف معهم ليلعب، فرفض يعقوب عليه السلام ذلك بداية الأمر خوفا من أن يأكله الذئب وهم ساهون عنه، لكنهم أقنعوه ثم خرجوا به وفي نيتهم إلقاءه في البئر، ولما وصلوا ألقوه في البئر، ثم عادوا إلى أبيهم ليلا يمثلون له الحزن والبكاء على ما حصل ليوسف، وأخرجوا له قميص يوسف ملطخا بالدماء زاعمين أنه قد أكله الذئب، إلا أنّ يعقوب عليه السلام لم يصدقهم، فبعد أن ألقاه أخوته في البئر، جلس يوسف عليه السلام هناك منتظرا رحمة الله تعالى وفرجه، حتى مرت مجموعة من المسافرين فألقوا دلوهم في البئر ليشربوا وحين أخرجوه خرج لهم يوسف عليه السلام، فاستبشر الرجل الذي رآه وتظاهروا بأنه بضاعة من بضاعته التي جلبوها، ورأوا أنهم يمتلكونه، وحين علم أخوة يوسف بأن هناك أناسا أخذوه، لحقوا بهم وبينوا لهم أن الغلام يعود إليهم؛ فشروه منهم ببضع دراهم، ثم باعوه لرجل من مصر، وقد كان وزيرا فيها، وقد ترعرع يوسف عليه السلام وكبر في بيت العزيز وزوجته، وحين بلغ أشده فقد حاولت امرأة العزيز فتنته وأرادت أن توقعه في الفاحشة، فراودته عن نفسه واستدرجته، لكن يوسف عليه السلام تذكر الله سبحانه وتعالى.

وتذكر فضل العزيز عليه فقد اعتبر يوسف عليه السلام فعل ذلك خيانة وظلما لنفسه وظلما للعزيز الذي أكرمه وآواه في بيته، واستعاذ بالله تعالى من هذه الفتنة ولجأ إليه ليحصّنه منها، وهرع إلى الباب هربا منها ولكنها لحقته وأمسكت بقميصه من الخلف فانشق في يدها، وحينها ظهر زوجها فاشتكت يوسف عليه السلام إليه واتهمته بأنّه يحاول أن يغويها، وقد وصل خبر إغواء امرأة العزيز ليوسف عليه السلام إلى نسوة المدينة، وبدأ الحديث يدور بينهن عما فعلت، وحين سمعت بما يدور بينهن أرادت أن تبين لهن سبب فعلتها تلك فقررت إعداد سفرة من الطعام ودعوتهن إليها، وحين جلسن أعطت كل واحدة منهن سكينا لاستخدامها في الأكل، ثم طلبت من يوسف عليه السلام أن يخرج عليهن، وحين ظهر ورأينه لم يصدقن أعينهن من جماله، ومع ذهاب عقلهن في ذلك جرحن أيدين بالسكاكين التي معهن، ولم يصدقن أن هذا بشر وإنما هو ملاك، وقد وقفت متعذرة عما فعلته من مراودة يوسف عليه السلام عن نفسه، وبينت لهن أن جماله هو سبب فتنتها، وحين رأى يوسف عليه السلام ذلك دعا الله تعالى أن يخلصه وينجيه من فتنة النساء وقد قرر العزيز وبعض أهله أن يضعوا يوسف عليه السلام، في السجن على الرغم من علمهم ببراءته.

وعزموا على أن يضعوه في السجن مدة من الزمن بنية رد التهمة عن امرأة العزيز وتجنبا لغوايتها به مرة أخرى، وقد دخل نبى الله يوسف عليه السلام السجن ظلما، وهناك التقى العديد من البشر، وقد اشتهر عنه فيما بينهم، بأنه شخص صالح، وصادق الحديث، وكثير العبادة، وكما أنه أمين ومحسن، ودخل في تلك الفترة فتيان، الأول هو ساقي الملك، والثاني خباز الملك، وقد رأى كل واحد منهما في المنام حلما، وأتيا إلى يوسف عليه السلام، وقص كل منهما خبره عليه وطلبا منه تأويل ذلك، وكان الله سبحانه وتعالى قد علم يوسف التفسير، ولأن يوسف عليه السلام نبي فقد استغل هذه الفرصة ليدعوا إلى الله تعالى، فذكرهما بالله سبحانه وتعالى وبوحدانيته، ودعاهما إلى عبادته وحده وترك ما يعبدون من غيره، وأورد لهم دلائل التوحيد وبراهينه ومبطلات الشرك، وقد أخبر يوسف عليه السلام، بعد ذلك كل واحد منهما تفسير منامه، وكانت رؤيا الأول أنه يعصر الخمر بيديه ثم يقدمه لسيده، فكانت بشارته أنه سيخرج من السجن ويعود إلى عمله، أما الآخر الذي رأى أنه يحمل الخبز وتأكل الطيور من ذلك الخبز فوق رأسه، فقد أخبره بأنه سوف يصلب عقابا له ويبقى مصلوبا إلى أن تأكل رأسه الطيور.

قد تكون صورة لـ ‏شخص واحد‏

أعجبني

 

تعليق

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *