Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ومازال الحديث موصولا عن أنبياء الله الكرام، ومع اسم نبى إذا ذكر أختلف الجميع على استقباله، المتدينون سوف يتبعون ذكر اسمه بجملة عليه السلام، أما المهتمون بقصص التراث الإنسانى أكثر فسوف يأتى على أذهانهم القتلة والسفاحين وقاتلى الأبرياء، ويتصورن أنه الأب الروحى لهولاء القتلة، وقد ذكر الرازي رحمه الله تعالى، بإتفاق جميع المفسرين على أن إسرائيل هو نبى الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا الصلاة والسلام، ويقولون إن معنى إسرائيل عبد الله لأن إسرا، في لغتهم هو العبد وإيل، هو الله، وكذلك جبريل وهو عبد الله، وميكائيل عبد الله، وقال القفال قيل إن إسرا بالعبرانية في معنى إنسان فكأنه قيل رجل الله، وذكر فيه ابن كثير رحمه الله تعالى حديثا مسندا فقال فإسرائيل هو يعقوب بدليل ما رواه أبو داود الطيالسي حدثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب قال حدثني عبد الله بن عباس قال حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم “هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب؟” قالوا اللهم نعم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” اللهم اشهد” وقال الطبري رحمه الله تعالى وكان نبى الله يعقوب يدعى إسرائيل بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه وإيل هو الله، وإسرا هو العبد، كما قيل أن جبريل، بمعنى عبد الله، ثم أسند إلى ابن عباس رضي الله عنهما قوله إن إسرائيل كقولك عبد الله، وعن ابن الجوزي قوله وليس في الأنبياء من له اسمان غيره إلا نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فإن له أسماء كثيرة ذكره في كتاب فهوم الآثار له.
ثم قال القرطبي، قلت وقد قيل في المسيح عليه السلام إنه اسم علم لعيسى عليه السلام غير مشتق، وقد سماه الله روحا، وكلمة، وكانوا يسمونه أبيل الأبيلين وقد ذكره الجوهري في الصحاح، وذكر البيهقي في دلائل النبوة عن الخليل بن أحمد خمسة من الأنبياء ذوو أسمين محمد وأحمد نبينا صلى الله عليه وسلم، وعيسى والمسيح، وإسرائيل ويعقوب، ويونس وذو النون، وإلياس وذو الكفل صلى الله عليهم وسلم، وقال السهيلي أنه سمي إسرائيل لأنه أسرى ذات ليلة حين هاجر إلى الله تعالى فسمى إسرائيل أي أسرى إلى الله ونحو هذا فيكون بعض الأسم عبرانيا وبعضه موافقا للعرب، ولقد شرع الله عز وجل الجهاد والقتال في سبيله لمقاصد عظيمة، وغايات نبيلة، منها إعزاز الدين وتعبيد الناس لله رب العالمين، وإزالة الحواجز والقيود التي تحول بين الناس وبين الدعوة وقيام الحجة، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، والجهاد عبادة كغيرها من العبادات فهى تحتاج لكي تؤتي أكلها، ويجني العبد ثمارها ألا يقدم عليها إلا وهو في حالة من التهيؤ النفسي والتفرغ القلبي من الشواغل والملهيات التي تحول بينه وبين أداء هذه العبادة وتحقيق مقاصدها على الوجه الأكمل، وقد قص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، علينا قصة نبي من أنبياء بني إسرائيل خرج للجهاد والغزو وذلك في الحديث الذي أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو أنه في يوم من الأيام خرج هذا النبي غازيا لفتح إحدى القرى.
وقبل خروجه حرص على أن لا يتبعه في غزوته تلك إلا من تفرغ من جميع الشواغل، والارتباطات الدنيوية التي من شأنها أن تقلق البال وتكدر الخاطر، وتعيق عن الجهاد والتضحية في سبيل الله، فاستثنى من جيشه ثلاثة أصناف من الناس، الأول رجل عقد نكاحه على امرأة ولم يدخل بها، والثاني رجل مشغول ببناء لم يكمله، والثالث رجل اشترى غنما أو نوقا حوامل وهو ينتظر ولادها، فإن الذي انشغل بهذه الأمور وتعلق قلبه بها لن يكون عنده استعداد لأن يثبت في أرض المعركة ويتحمل تبعات القتال، بل ربما كان سببا للفشل والهزيمة، ولما خرج متوجها نحو القرية، دنا منها وقت صلاة العصر أو قريبا منه، وكان الوقت المتبقي إلى الغروب لا يتسع للقتال، فقد يدخل عليه الليل قبل أن ينهي مهمته، واليوم يوم جمعة، وبدخول الليل يحرم القتال على بني إسرائيل الذين حرم عليهم الاعتداء في السبت، وعندها توجه هذا النبى الكريم إلى الشمس مخاطبا لها بقوله إنك مأمورة وأنا مأمور، ثم دعا الله عز وجل أن يحبسها عليهم ، فأخر الله غروبها وحبسها حتى تم له ما أراد وفتح الله عليه، وقد كانت الغنائم محرمة على الأمم قبلنا، فكانت تجمع كلها في نهاية المعركة في مكان واحد، ثم تنزل نار من السماء، فتأكلها جميعا، وهي علامة قبول الله لتلك الغنائم، فإن غل أحد منها شيئا لم تأكلها النار، فجمعت الغنائم وجاءت النار فلم تأكل منها شيئا، فعرف هذا النبي أن هنالك غلولا وأخبر جيشه بذلك، ثم أمر بأن يبايعه من كل قبيلة رجل.
فلصقت يده بيد رجل من القبيلة التي فيها الغلول، فعرف أن الغالين هم من هذه القبيلة، وطلب أن يبايعه كل فرد من أفرادها على حدة، فلصقت يده بيد رجلين أو ثلاثة وكانوا هم أصحاب الغلول، فأمرهم بإحضار ما أخذوه فجاءوا بقطعة كبيرة من الذهب على شكل رأس بقرة، فلما وضعت مع الغنائم جاءت النار فأكلتها، وقد من الله عز وجل على هذه الأمة، فأحل لها الغنائم التي كانت محرمة على من قبلها من الأمم وستر عنها أمر الغلول، وفضيحة عدم القبول، وهو من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه هو النبى يوشع بن نون، والنبى يوشع بن نون، وقد عايش النبي يوشع بن نون عليه السلام نبى الله موسى عليه السلام، حيث وُجدا في الحقبة الزمنية ذاتها، وكانا صاحبين في طلب العلم، حيث كان نبى الله موسى عليه السلام يعلمه ويُعده ويربيه ففاز بصحبته، وفي أحد الأيام قام نبى الله موسى عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل فسأله أحدهم من أعلم الناس؟ فقال أنا، فعاتبه الله عز وجل على جوابه هذا وأمره بالذهاب مع النبي يوشع بن نون إلى أحد عباد الله الصالحين في مجمع البحرين، وقد ذكرت هذه القصة بالتفصيل في القرآن الكريم لتكون عبرة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وحتى يتعلموا منها ويستفيدوا من أحداثها في حياتهم، وكان لهذه الرحلة الأثر الكبير على على النبي يوشع بن نون عليه السلام وعلى نبي الله موسى عليه السلام إذ استفادا من الدروس العظيمة التي قدمتها لهما تلك الرحلة.
فقال الله تعالى في كتابه الكريم كما جاء فى سورة الكهف” وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا” وقد بدأت الرحلة بأمر الله تعالى أن يخرج ويأخذ معه حوتا حتى يصل إلى مكان يُفقد فيه ذلك الحوت حيث سيكون ذلك الرجل الصالح في ذات المكان الذي سيفقد فيه الحوت، فعندما بلغا الصخرة غلبهما النعاس، فناما وخرج الحوت من مكانه وعاد إلى البحر، وعندما استيقظا تابع نبى الله موسى مع فتاه الرحلة في البحر ونسيا تفقد أمر الحوت، وبعد أن نال منهما الجوع والتعب تفقدا الحوت فلم يجداهُ فظنا بأنهما نسيا الحوت عند الصخرة، وعادا إليها فوجدا العبد الصالح عندها، وقد أخبر الرجل الصالح نبى الله موسى عليه السلام بأنه لن يطيق معه صبرا وأن سيلقى في هذه الرحلة ما يدفعه إلى الالحاح في السؤال لمعرفة الأسباب وراء ما سيحدث، فأخبره عليه السلام بأنه سيكون صابرا إن شاء الله، وبدأت الرحلة حتى إذا ركبا في السفينة خرقها ووضع في هذا الخرق وتدا، وهنا غضب نبى الله موسى عليه السلام، وأنكر على العبد الصالح فعلته، فأخبره بأنه قال بأنه لن يطيق صبرا معه، وعندما وصلوا إلى البر وجدوا مجموعة من الفتيان فقام العبد الصالح بقتل أحدهم، فأنكر نبى الله موسى عليه السلام على العبد الصالح فعلته، فذكره بأنه قال له بأنه لن يطيق صبرا معه، وقال له أيضا بأنه في المرة الثالثة سيكون فراق بينهما إن أنكر عليه أمرا آخر، وبعد ذلك مضيا في رحلتها.
فوجد العبد الصالح جدارا يريد أن ينهار فعمل على إقامته من جديد ولم يتخذ أجرا على ذلك، وهنا أنكرنبى الله موسى عليه السلام على العبد الصالح فعلته للمرة الثالثة، وهنا أخبره العبد الصالح بأن هذا فراق بينهما وأنه سيخبره عن سبب كل ما فعله في الرحلة التي كان النبي يوشع بن نون شاهدا عليها، أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر وكان هناك ملك ظالم يأخذ السفن الجيدة غصبا فأحدث فيها ثقبا كي تبقى لأصحابها، وأما الغلام فقد كان كافرا، وخشي أن يُعذب والديه بفعائله، وأما الجدار فقد كان تحته كنز لطفلين يتيمين فجاءه الأمر ببنائه حتى يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما بأمر الله، وهنا علم نبى الله موسى عليه السلام بأن أمر الله ماض في الخلق، وأن أقداره لا يعلم أثرها سواه، وأن الدروس المستفادة من قصة النبي يوشع بن نون ونبى الله موسى عليه السلام مع العبد الصالح أن الإنسان يجب أن يكون صبورا على العلم، وأن لا يستبق الأحداث، وأن لا يدعي الكمال في العلم مهما وصلت درجته العلمية في أي تخصص كان، فالحياة مدرسة للتعلم وقد يتعلم الإنسان من الصغار أو الكبار أو من أي موقف من المواقف التي يعايشها في حياته، وأن الله سبحانه وتعالى أرحم الناس بعباده، وأنه قد يُخفي عن عباده أقدارا ستجلب لهم الخير فيما بعد، وعلى مدار التاريخ الدينى ومنذ زمن النبى موسى عليه السلام وإلى الآن خلق ذكر شخصية يوشع بن نون، جدلا كبيرا، لما يصحب سيرة هذا الشخص من اختلافات وتباين كبير حول هويته وكينونته.

فهو نبى كريم ذكر فى القرآن الكريم ومناضل من أجل الرب فى التوراة، لكن التاريخ يتوقف كثيرا أمام الجرائم الكبرى التى ارتكبها باسم الرب والجهاد غير المقدس، وإن الثابت أمامنا من حسب الروايات الدينية أن يوشع نبى من أنبياء الله تعالى، وقد جاء من مصر مع بنى إسرائيل إلى بيت المقدس، بعد وفاة النبى الكريم موسى بن عمران عليه السلام، ويوشع بن نون أو يشوع فى المسيحية يقال إنه نبى من أنبياء الله الكرام، وهو شخصية ذكرت فى العهد القديم فى سفر يشوع، ويعتقد أنه عاش بين القرنين الثالث عشر والثانى عشر قبل الميلاد، واسمه يشوع بن نون من قبيلة إفرايم بن يوسف بن يعقوب، وكان قائد بنى إسرائيل بعد موت نبى الله موسى عليه السلام، وذكر يوشع بن نون فى التوراة على أن نبى الله موسى عليه السلام قد عينه بأمر الرب ليخلفه فى شعب إسرائيل، ويوشع بن نون عليه السلام هو نبي من أنبياء الله الكرام وهو من سلالة الخليل إبراهيم عليه السلام، وقد كان قائد بني إسرائيل بعد موت نبى الله موسى عليه السلام، فهو يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام، وقد اتفق أهل الكتاب على نبوته، كما قال شيخ الإسلام ابن كثير رحمه الله، وإن الأنبياء معصومون من الوقوع في الرذائل التي تقدح في شرفهم ومكانتهم باتفاق المسلمين، فمن العجب أن يسأل مسلم عن قصة بديهية البطلان، لا يرتاب ذو عقل سوي في أنها من الكذب والبهتان والتحريف المفضوح.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *