Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع نعمة الأمن والأمان، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال لما نزلت الآية شق ذلك علي الناس وقالوا يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم “إنه ليس الذي تعنونه ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح “يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم” إنما هو الشرك” رواه البخاري، وإن الأمن مقدم علي الصحة، فقال الإمام الرازي سئل بعض العلماء؟ الأمن أفضل أم الصحة؟ فقال الأمن أفضل والدليل عليه أن شاة لو انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان، ولا يمنعها هذا الكسر من الإقبال على الرعى والأكل والشرب، ولو أنها ربطت وهى سليمة فى موضع وربط بالقرب منها ذئب، فإنها تمسك عن الأكل والشرب.
وقد تستمر على ذلك إلى أن تموت، وذلك يدل على أن الضرر الحاصل من الخوف أشد من الضرر الحاصل من ألم الجسد، لذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها” رواه الترمذي، وقد قرن المولي عزوجل الإطعام والأمن، فمن البديهيات التي لا يختلف عليها العقلاء أنه لا يمكن أن تقوم حياة إنسانية كريمة إلا في ظلال أمن وافر، يطمئن الإنسان معه على نفسه وأسرته ومعاشه، ويتمكن في ظله من توظيف ملكاته وإطلاق قدراته للبناء والإبداع، وقد جمع الله في الامتنان على قريش بين نعمتي الأمن والإطعام ليبين أن إحداهما لا تقل أهمية عن الأخرى، ولا تغني عنها.
وأمرهم الله سبحانه وتعالي أمرا جازما بالتوحيد ومتابعة النبي صلي الله عليه وسلم, وأن ذلك أقل ما يكون في مقابلة نعمة الأمن التي يشعرون بها دون غيرهم من العرب فقال تعالى ” فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” وقد قرن النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان بالأمن، فقال صلى الله عليه وسلم ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” رواه الترمذى، والمسلم الحقيقي الذي تظهر عليه آثار الإسلام وشعائره وأماراته، هو الذي يكف أذى لسانه ويده عن المسلمين، فلا يصل إلى المسلمين منه إلا الخير والمعروف، وفي واقع المسلمين اليوم قد تجد الرجل محافظا على أداء الصلاة في وقتها، وقد تجده يؤدى حق الله في ماله.
فيدفع الزكاة المفروضة، وقد يزيد عليها معوانا للناس يسعى في قضاء حوائجهم، وقد تجده من حجاج بيت الله الحرام ومن عُمّارة، ولكن مع هذا الخير كله قد تجده لا يحكم لسانه ولا يملك زمامه، فينفلت منه لسانه فيقع في أعراض الناس ويمزق لحومهم، فلا يستطيع أن يملك لسانه عن السب والشتم واللعن، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول “ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء” وقد تجد الرجل مع ما فيه من الخير والصلاح لا يملك لسانه عن الغيبة والنميمة، ولا يملكه عن شهادة الزور وقول الزور، وقد لا يكف لسانه عن همز الناس ولمزهم، فيجره لسانه ويوقعه في كثير من الأخطاء والبلايا، فمثل هذا النوع من الناس قد فقد صفة.
من أبرز وأهم صفات المسلم الحقيقي، وهناك نوع آخر من المسلمين يختلف عن النوع السابق فقد تجده يحكم لسانه ويقل به الكلام، ولكنه يؤذى المسلمين بيده، فيضرب بيده أبدان المسلمين، اعتدى على أموالهم فيسرقهم، أو يسلبهم حقوقهم أو يظلمهم فهذا أيضا قد فقد إمارة من الإمارات الظاهرة التي تدل على إسلام المرء وعلى إيمانه، وعلى هذا فلا يكتمل إسلام عبد حتى يحب المسلمين ويترك إيذاءهم بلسانه، ويترك إيذاءهم بيده ولا يتم إسلام عبد وأيمانه حتى يشغل لسانه في الأعمال التي يكون فيها نفع له في الدنيا والآخرة، فيعمل لسانه في تلاوة كتاب الله وفي ذكره سبحانه وتعالى، ويعمل بلسانه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر العلم النافع.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *