Share Button

فى طريق النور ومع وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا “الجزء الثامن”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا، والوفاء بالعهد من صفات الأنبياء والمرسلين، والوفاء بالعهد من علامات الصادقين المتقين، ومن صفات الأنبياء الكرام وهو خُلق ملازم لأهل الجنة في حياتهم الدنيا إذ كيف يطمع في الجنة وصحبة الأنبياء والصادقين والمتقين من لم يتخلق بهذا الخُلق؟ فكم من المسلمين في دنيا اليوم من يحدث وهو كاذب وكم من المسلمين من يَعد وهو خائن، وكم أعطى من الوعود والعهود وبعدها غدر بأصحابها، فأين الوفاء بالعهد؟ ولكنى أقول لقد ضاع هذا الخُلق بين المسلمين إلا مَن رحم الله عز وجل، ولنأخذ موقفا واحدا من المواقف العظيمة التي جسّد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم خُلق الوفاء بالعهد.
فقبل غزوة بدر يخبره حذيفة بن اليمان، والحديث في صحيح مسلم، أن كفار قريش قد أخذوه قبل أن يدخل المدينة هو وأبا حُسيل، فقالوا إنكم تريدون محمدا، قلنا ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معك يا رسول الله، فماذا قال لهما صاحب الوفاء يا ترى؟ ماذا قال لهما مَن بعثه الله ليتمم به مكارم الأخلاق؟ ومع أنه كان في أشد الحاجة إلى الرجال ليقاتلوا معه ضد المشركين، المشركين الذين أخرجوه من مكة، الذين سفكوا دماء المسلمين واستحلوا أموالهم، وعذبوهم أشد العذاب، وبالرغم من كل هذا، قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم “انصرفا نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم”
فإن كان هذا هو وفاء المسلمين للمشركين، بل للمشركين المحاربين وفي الحرب نفسها، فكيف يكون وفاء المسلمين للمسلمين؟ وهذا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي علم الأمة كيف يكون الانقياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم واسمعوا إلى موقفه الذي ترجم فيه خُلق الوفاء بالعهد، وهو عندما يرسل إليه أبو عبيدة بن الجراح يستفتيه في فتوى غريبة جدا، ويقول له إن أحد الجنود قد أمّن قرية من بلاد العراق على دمائهم وأموالهم وهي في طريقنا، فماذا نصنع؟ وتأمل هذا الموقف الغريب، وهو جندي لا يُعرف اسمه من جيش المسلمين يعطي الأمان لقرية بأكملها، وربما هذه القرية إن لم تفتح فقد تكون ثغرة عظيمة يتضرر بها المسلمون كثيرا إذا انقلبت عليهم.
فبماذا أجابه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ قال بعد حمد الله والثناء عليه “إن الله تعالى قد عظم الوفاء، ولا تكونون أوفياء حتى تفوا، فأوفوا لهم بعهدهم واستعينوا الله عليهم” فما أبدع هذه العبارة، وما أروعها لمن فهم معناها، فالوفاء كباقي الأخلاق ليس شعارا يرفع في السماء ولا كلمة تطير في الهواء، ولكن الوفاء خلق لن يتحقق إلا إذا أتيت به وتحملت في سبيل إتيانه كل شيء، فبهذه الأخلاق فتح المسلمين بلاد الفرس وبلاد الروم، وإسبانيا وفرنسا وغيرها، ولذلك قيل”ولقد انتصر محمد صلى الله عليه وسلم حين انتصر، حينما جعل من المصحف نسخا كثيرة، لا أقول مطبوعة في الأوراق، ولكن مزروعة في قلوب الرجال، فتحركوا بهذا القرآن يمشون على الأرض.
حتى فتح الله على أيديهم ووصل الدين إلى ما وصل إليه” وقيل أنه أتى شابان إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس، وهما يقودان رجلا من البادية فأوقفوه أمامه، قال عمر ما هذا؟ قالا يا أمير المؤمنين، هذا قتل أبانا، قال أقتلت أباهم؟ قال نعم قتلته، قال كيف قتلته؟ قال دخل بجمله في أرضي، فزجرته فلم ينزجر، فأرسلت عليه ‏حجرا وقع على رأسه فمات، قال عمر النفس بالنفس، لا بد أن تقتل كما قتلت أباهما، وانظروا إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لم يسأل عن أسرة هذا الرجل، هل هو من قبيلة قوية أو ضعيفة؟ وهل هو من أسرة معروفة ولها أهمية في المجتمع؟ كل هذا لا يهم الفاروق عمر رضي الله عنه لأنه لا يجامل أحدا على حساب شرع الله.
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏منظر داخلي‏‏

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *