Share Button
فى طريق النور ومع ولا تفسدوا فى الأرض ” الجزء الثانى “
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع ولا تفسدوا فى الأرض، فقال عز وجل فى سورة ص ” أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ” فسبيل المصلحين معروف، وسبيل المفسدين معروف، والإصلاح ضد الفساد، والفطر والعقول السليمة تميز ذلك، ولا يمكن أن يلبس على الناس في الإصلاح والإفساد أحد، ولا يروج ذلك إلا على الأغبياء، ولا عجب أن كان الإفساد في الأرض بعد إصلاحها أعظم الإفساد وأقبحه، والله تعالى قد بين أن أعظم إفساد في الأرض هو الشرك، فقال العلامة ابن القيم رحمه الله في تعليقه على قوله تعالى فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها ” إن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة.
إنما هو بالشرك به ومخالفة أمره، وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله تعالى وإقامة معبود غيره ومطاع متبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو أعظم الفساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا بأن يكون الله وحده هو المعبود، وأن تكون الدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم، ليس إلا، والله سبحانه أصلح الأرض بالرسل وبالدين وبالأمر بالتوحيد، وكان أبو البشرية موحدا، ونهى سبحانه وتعالى عن إفساد الأرض بالشرك وبمخالفة الرسل، ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض سببه التوحيد، وكل شر في العالم وفتنة وبلاء سببه مخالفة الرسل والدعوة إلى غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن تدبر هذا حق التدبر وتأمل أحوال العالم منذ قام إلى الآن وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
وهو خير الوارثين، وجد هذا الأمر كذلك في خاصة نفسه، وفي حق غيره عموما وخصوصا، وفي شرائع السماء كلها نهي الله تعالى عن الفساد في الأرض، وعند العقلاء كلهم يمقت المفسدون ويكره المستبدون، وإذا كثرت الأمور المتفق عليها بين الناس كان الفساد واحدا من هذه الأمور التي يجمع الناس على كرهها، الفساد صور وأشكال، والمفسدون لهم علامات وأمارات، ومهما زُين الفساد بطلاء خادع، أو خادع المفسدون وروجوا لفسادهم فلا يمكن أن يتحول الأسود إلى أبيض، أو المكروه إلى محبوب، وإن الله لا يحب الفساد، وعباد الله كذلك لا يحبون الفساد، وإن ملأ الفساد البر والبحر، وفي قديم الزمن، وحديثه هناك عن أساطين للفساد آذوا عباد الله، وتطاولوا على الله تعالى، وأكثروا في الأرض الفساد.
ثم تراهم يخادعون الناس بمحاربة الفساد، ويتهمون غيرهم بالفساد، ألم يقل فرعون في اتهامه لنبى الله موسى عليه السلام كما جاء فى قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة غافر ” إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد ” ولكن حبل الكذب قصير، والتزوير لا يدوم، ولئن خدع فرعون قومه واستخف بهم فأطاعوه فترة، فقد انكشف لهم السراب الخادع، وثار الأقربون على فرعون، وقال السحرة المؤمنون كما جاء فى سورة طه ” إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى ” وكان قارون نموذجا آخر للفساد، فقد بغى وطغى حين أعطاه الله من المال ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة من الرجال، فكيف بما داخلها من الخزائن والأموال، وتكبر قارون على عباد الله، وتجبر على الناصحين.
الذين قالوا له كما جاء فى قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة الفصص ” لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الأخره ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبع الفساد فى الأرض إن الله لا يحب المفسدين” وجحد قارون فضل الله تعالى عليه، وقال قولته الآثمة كما جاء فى سورة القصص ” قال إنما أوتيته على علم عندى ” ولقد فتن قارون البسطاء حين خرج عليهم في زينته، وتمنى بعضهم أن يكون حاله مثل حاله، ولم ينخدع به العالمون، بل يميز أهل العلم والإيمان الذين لا تغرهم الحياة الدنيا، وينظرون إلى ما وراء ذلك من ثواب الله أو عقوبته فيقول الله تعالى ” وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ” وكانت النهاية المؤلمة، والمشهد المخزي.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *