Share Button

 

بقلم ا.د/إبراهيم محمد مرجونة
أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية-رئيس قسم التاريخ
كلية الآداب بدمنهور

“كبسة أرز” هيا افتح معى آفاق عقلك اللامتناهية ، واسرح بخيالك بعيدا ممعنا الفكر في هاتين الكلمتين –كبسة أرز- وتأمل معى.كلمتان بسيطتان لكن يختلف أثرهما في فكر كل منا عن الآخر، فمنا من ينظر أو ما ينظر إلي الوعاء العميق الذي يقذف فيه ما يشاء من ألوان الطعام فيري “كبسة الأرز” بمعدته ، ومنا من ينظر بقلبه ويراها كالجبل الثقيل الذي يكبس علي قلبه فلا يدعه يلتقط حتى أنفاسه، ومنا من يتحاذق ويختلف عن الآخرين لينظر بعقله ناظرًا نظرة مبعدية مستخدمًا في ذلك جمال التورية باحثًا عن المعنى البعيد لها، ليصل لمعنى لا يخطر ببال القارىء للوهلة الأولي، ولكن حين يتمعن ويدقق ويعيد القراءة سيقف مفكرا متأملا ويرسم لوحة من مواقف وأفعال.
والكبسة هي وجبة من الوجبات التي تتكون أساساً من الأرز طويل الحبة والتي تقدم في دول الخليج، وتعد هي الوجبة الرئيسية في السعودية، وغالباً ما تكون الكبسة مطهوة مع لحم الضأن أو الماعز أو مع الدجاج ويوضع معها اللحم والسمن والمكسرات والزبيب، وتعتبر ألذ بلحم الضأن الصغير. وفي بعض البلدان الخليجية تسمى هذه الوجبة بالمكبوس، وهناك طبخة شبيهة بها تسمى المطبق وتطهى مع السمك أو الروبيان بدل اللحوم.
لم أكتب مقالي لأشرح طريقة عمل “كبسة الأرز”، ولكن لفت انتباهي مكوناتها الكثيرة والتي جعلتنى أقارنها أو قل أراها بعين مختلفة، لأقاربها وأمثالها بجدول صغير من الماء ممتلئ بالكثير من الأسماك والكائنات البحرية الرائعة. لكن هذا الجدول الصغير قد ضم كم كبير من الأسماك جعلها تتزاحم وتتمزق وتتنافر علي الرغم من كثرة إنتاج الجدول وتزاحمه وروعة مكوناته؛ إلا أن نصيبه من الأسماك كان سيئا توزيعه.إذ ضم الكثير من الأنواع والأحجام. كما المكان إذا ازدحم بالبشر. فعلي الرغم من تنوعهم وتزاحمهم إلا أن هذا التزاحم قد تأتى نتائجه معاكسة وسيئة لمسيرة المكان ؛لأنها لم توزع بشكل جيد.
يشبه تماما حال الطفل في مرحلة انتقالية، تتقاذف طاقاته وتتكاثر بشكل كبير، فتتزاحم عليه الأفكار والحركات والكلمات والنظرات، فتتجمع لديه “كبسة الأرز “بمكوناتها..فكيف يكون؟!
قد يتلف الكثير من الأشياء أثناء تحركه غير قاصدا وإنما فرط حركته ونشاطه جعلت الطفل يندفع مسرعا، فحولت قدراته الحسنة المختلفة إلي شكل سيئ وغيرت مميزاته إلي عيوب. وكذا حينما تتزاحم كلماته فود لو نطق كل ما جال بخاطره دفعة واحدة، فتزاحمت مخارج كلماته واختلطت معا فنطق بما لا يفهم. ففقد حلاوة أفكاره وما جنى غير التهكم والضحك.
“كبسة الأرز ” هى دعوة للتأني والصبر والتمهل في خطواتنا. دعوة لتنسيق توزيع كل شيء بحياتنا، فلا نجعل حياتنا كجدول ماء صغير مزدحم بالأسماك فقضي عليها،أو كطفل فقد جمال قدراته وتميزه حينما أراد أن يظهر كل ما لديه. فلا تسيء استخدام مواردك أو قدراتك. ولا تجعل تزاحم المكان حولك يفقدك جمال تأنيك؛ فتقع في بؤرة الانتقاد. فالطريقة الغريبة لأكل “كبسة الأرز “أفقدتها روعتها علي الرغم من جمال مكوناتها..

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *