Share Button

بقلم … محمد الدكرورى
ليس هناك صفحة أنصع في عصر الدولة الأموية من العامين ونصف اللذين تولي فيهما عمر بن عبدالعزيز خلافة المسلمين فهذان العامان علي قصرهما شهدا أكثر صفحات العدل والتواضع والعدالة الاجتماعية ومراعاة أوضاع الفقراء والمعوزين إشراقا .

وكيف لا يكون عمر بن عبدالعزيز عادلا وجده لأمه سيدنا عمر بن الخطاب وهو من كان العدل يسري في جسدة سريان الدم في العروق فجدته هي زوجة عاصم بن عمر وهي من رفضت ان تغش اللبن بأمر من أمها في ظلمة الليل فدعا ذلك عمر ليأمر ابنه بالزواج منها .

صفحة عمر بن عبدالعزيز خلال خلافته كانت ناصعة كذلك، لدرجة أن الكثير من المؤرخين اعتبروه الخليفة الراشد الخامس رغم أن الكثيرين يرون الحسن بن علي رضي الله عنه متمم الخلافة الراشدة .

وقبل أن يظهرعمر بن عبدالعزيز بقوة في المشهد الأموي جري تكليفه في عهد ابن عمه الخليفة الوليد بن عبدالملك بولاية المدينة ولكن قبل أن يتولي ابن عبدالعزيز بهذه المنصب ،وضع شروطا عديدة منها للقبول به .

أول هذه الشروط تمثلت في إقامة العدل وإخراج العطايا لأهل المدينة المنورة والسماح له بالحج في العام الأول من ولايته ، وقد وافق الخليفة على هذه الشروط ، وقد فرح أهل المدينة بهذه الولاية فرحًا شديدًا .

ولان الرياح تأتي دائما بما لا تشتهي السفن وفي ظل الانجازات التي حققها حفيد عمر بن الخطاب في المدينة من نشر العدل وتوسيع الحرم النبوي حدثت واقعة لا تنسي بلغت أسماع الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك حيث سمع أن خبيب وهو ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام وأحد رواة الحديث يقدح في بني أمية .

في أحد الأيام روى خبيب عن الرسول حديثا ” إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا عباد الله خولاً، ومال الله دولاً ” وهو حديث ضعيف ولكن الحديث علي ضعفه أغضب الخليفة فأصدار أوامره إلي والي المدينة بجلد خبيب مائة جلده وحبسه.

وكان عمر بن عبدالعزيز يستجيب لكل مطالب الخليفة حتي وأن لم يكن مقتنعا بها ، فقام بجلد خبيب حتي ساءت حالته ،فما كان من ولي المدينة الإ أن قام بإحضار دلو ماء بارد وسكبه على خبيب فسقط على الأرض وأصابته حمى ، لما ازدادت عليه الحمى ، قام عمر بإخراجه من السجن وأرسله إلى منزله .

سيدنا عمر بن عبدالعزيز لم يكتف بذلك بل أرسل مساعده الفقيه عبد العزيز بن الماجشون ليطمئن عليه ، فوجد أهله يجلسون حوله وهو مسجى في ثوبه ، وعندما كشف عن وجهه وجده قد مات.

المأساة لم تنته عند هذا الحد فعندما دخل الماجشون حضرة ولي المدينة وأبلغه بوفاة خبيب سقط بن عبدالعزيز على الأرض مغشيًا عليه ، ثم ظل يبكي حتى ابتلت لحيته .

مقام خليفة المسلمين بعد ذلك لم يطل بالمدينة حيث طلب أعفاءه من إمارة المدينة ورفض أن يتولى أي إمارة أخرى.

عمر ابن عبدالعزيز لم ينس هذه الواقعة حتي حينما كان يعدد مجالسوه عليه مناقبه فيرد وماذا عن خبيب ؟ يقصد أنه تسبب في موته وهذا ذنب كبير، وظل يذكر خبيبًا ويبكي حتى مات

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *