Share Button

بقلم/ نسرين يسري

إنتشر في الأونة الأخيرة في شتى المجتمعات بمختلف طوائفها غربية كانت او شرقية ظاهرة أُطلق عليها علميآ “السادية”
إستخدم الإنسان من خلالها الدين والسياسية والتقاليد للوصول إلى حالة اللذة التي يستمدها من خلال إضطهاد وتعذيب الأخرين وإنتهاك حقوقهم.
دون إدراك منه أن الضرب والتعذيب والتجويع والقهر لا يمكن أن تكون وسائل لتقويم الأخلاق في المجتمع، ولا يمكن أن تنجح في تأديب الأبناء أو المخالفين للآداب أو حتى المذنبين في حق المجتمع، لكنها قد تعني في واقع الأمر حالة من المرض النفسي لدى صاحب السلطة، وإكتساب المتعة من رؤية الآخرين يقاسون الألم

“الشخصية السادية” بإختصار هي التي تشعر بمتعه عن إيقاع الألم على الآخرين، سواء كان ذلك الألم لفظيًا أو جسديًا. فالشخص السادي هو شخص متسلط، عديم الرحمة، عديم المسامحة لمن أخطأ بحقه بقصد أو دون قصد، يسعى بكل الطرق لتحقير وإهانة، وإذلال الآخرين، وسحق أدميتهم، وجرح كرامتهم، ويتلذذ بذلك، ولا يشعر بالذنب عند ارتكابه الأخطاء أبدًا. يتصف الشخص السادي بعدم الثقة بمن حوله، والشك الدائم بالآخرين، والتعصب لرأيه وفكره، وعقاب من ينتقده، وغالبًا ما يعاني ذلك الشخص من الوسواس القهري،
ظهر مؤخرآ إهتمام متجدد من قبل علماء النفس حول دراسة السادية بوصفها سمة شخصية لغير المختلين عقليآ.
أوضحت تلك الدراسات أن من أسباب إضطراب الشخصية السادية:-
١-حدوث خلل في مناطق معينة من الدماغ، يسبب ھﺬا السلوك نوعًا من التعبير عن الأنفعالات السلبية المحتقنة داخل النفس، واحيانآ يكون هذا السلوك نتاجًا لخبرات الطفولة.
٢-التجارب السلبية خلال مرحلة الطفولة أو النمو الجنسي في المراحل المبكرة ،من الممكن أن تكون أحد العوامل الرئيسية التي تُسهم في تنمية الشخصية السادية ومع أن هذا الاضطراب يشاهد في الذكور أكثر من الإناث إلا أن الأدلة على وجود أسباب وراثية ضعيفة.

– اما عن أنواع السادية فقسمت إلى عدة أنواع كما يلي :-
١-السادية المقبولة، التي لا تخرج عن نطاق الحلم ولا تأخذ شكل الممارسة.
٢-السادية الخفيفة، هو إدراك الشخص السادي لسلوكه وتحكمه فيما ينزله بضحيته من عذاب، ومعرفته أيضاً بعواقب فعلته.
٣-السادية الإجرامية، التي يصل فيا سلوك الشخص السادي إلى حد الإجرام من قتل شريكه وهذه أقصى درجات السادية عنفاً.
ولعل من اشهر والوقائع التي تتجسد فيها “السادية” بشتي صورها ،واقعه الطفلة “جنى “التي قامت جدتها بتعذيبها .
و عقب الدكتور” أحمد فخري”، أستاذ علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، على وقائع تعذيب، وقتل الأطفال، وتحديدًا جريمة تعذيب الطفلة “جنى” على يد جدتها حتى الموت، بقوله: «إن تلك الأسرة مصابة باضطرابات التفكير واضطرابات الشخصية السادية، وهى التلذذ بتعذيب الآخرين، بمعنى الإستمتاع بإيذاء الأضعف منهم ويتلذذون بتعذيبه، كما فعلت الجدة، ومن الواضح أن هذا السلوك هو المتفشي في هذه الأسرة هو السلوك السادي.
وتابع فخري هناك عوامل تساعد على تكوين الشخصية السادية، حيث يكون الشخص المريض وقع عليه نوع من التعذيب منذ طفولته، ويقوم حين الكبر بتعويض هذا النوع من السادية التي وقعت عليه على الآخرين والأضعف منه، حيث نجدهم يتلذذون بتعذيب من هم أضعف منهم وأقل مكانة أو أقل في البنيان الجسدي، ودائما ضحاياهم يكونون من الأطفال والمعاقين وضعاف النفسية، وهذا نتيجة النشأة النفسية وغياب الثواب والعقاب لدى الأسرة، مما يتسبب في تفشى مرض “السادية”
، مشيرا إلى أن علاج هذه الحالات يحتاج لفترات طويلة للتعديل المعرفي والسلوكي وفك الصراعات الداخلية، لأن هذا نتاج الطفولة المشوهة التي يتعرض لها الشخص المريض في أول خمس سنوات من طفولته ويحتاج إلى الرجوع معه للذكريات والماضي، لتحليل وفك الصراعات والكبت الداخلي الذى وقع عليه في طفولته، ولكن هذا لا ينفى عن الجاني المسئولية لأنه يكون واعيًا بما يفعله من تعذيب للغير».
ان “السادية “لا تقتصر علي إيذاء الإنسان للإنسان فقط، بل إيذائه للحيوان ايضاً وذلك ما شاهدناه عبر وسائل التواصل الإجتماعي في فيديو تعذيب بعض الفتيات للقطه .
والتي علَّق عليها الدكتور” محمد المهدي” أستاذ الطب النفسي، على هذا الفيديو، قائلًا: هذا الفيديو فيه نوع من السادية يظهر فيه الإستمتاع بصراخ الحيوان الضعيف عن طريق تعذيبه والضحك بصوت عالٍ”، لافتًا إلى أن هؤلاء الشباب تركيبتهم النفسية غير سوية ولديهم ميول سادية وعدوانية عنيفة؛ نتيجة تربيتهم بشكل خاطئ
اما عن مراحل العلاج فتقسمها الأطباء النفسيين الي :-

-المرحلة الأولى/ هي السادية الخفيفة أو المقبولة نبدأ فيها بمحاولة جذبه دينياً بقدر المستطاع؛ فالأثر الديني يبرز مهما كانت نوازع الشر في الإنسان ،ويتفاوت الأشخاص في مدى تقبلهم للنصح .
كما يجب مقاومته عند كل تصرف عنيف وإحراجه أمام من يحب؛ لأنّ السادي يندهش من رد فعل الآخر فتشل حركاته وأسلوبه العنيف حتى لو إنفجر غضبًا وهاج فذلك بسبب خوفه وشعوره بالضعف أمام من تصدى له وأحرجه مصداقاً لقول الرسول، (صلى الله عليه وسلم): «انصر أخاك ظالمًا أو مظلوماً فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذ كان مظلومًا أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره ؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإنّ ذلك نصره»، ويعدّ هذا التوجيه النبوي أول مراحل العلاج لهذا المرض وأنفعها.
-المرحلة الثانية / لا تكون غالبًا بالعلاج الدوائي؛ لأنه ليس له تأثير فعال وخوفًا من إنقلاب الحالة إلى إدمان من دون فائدة. لذلك من الأفضل التركيز على العلاج السلوكي من خلال إشغاله بنفسه وإشراكه في أعمال إنضباطية بعيدة عن العنف كالعمل التطوعي، وتتويج إنجازاته بشرط إخباره بأنها عمل جماعي وليس فردي قام هو به.
– علاج السادية الإجرامية/يحتاج علاجها إلى تأهيل شامل طبي ونفسي وقانوني مختص، ويحتاج إلى وقت أيضًا.
ساهم الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي في فضح صور التعذيب التي تمارس في بعض المؤسسات كدور الأيتام ،ودور رعاية المسنين وغيرها ، ويجب إدراك أهمية الخروج من إستخدام الضرب والتعذيب والإضطهاد؛ فالصورة لم تعد حكرًا على المتسلط، ولا بد من الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، وإظهار احترامها شكلاً ومضمونًا؛ وذلك من أجل مجتمع أفضل صحة من الناحية النفسية.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *